التفسير الاقتصادى لما تقوم به الولايات المتحدة حاليًا تجاه فنزويلا يرتبط بما تمتلكه فنزويلا من ثروات وموارد هائلة، تتمثل فى أكبر احتياطى نفطى فى العالم قوامه 360 مليار برميل، واحتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعى قوامها 201 تريليون قدم مكعب، فضلاً عن الثروات المعدنية الهائلة مثل مناجم الذهب (4,000 7,000 طن)، ومناجم الماس (34 مليون قيراط)، واحتياطيات البوكسيت الهائلة.
المسألة إذن تتعلق بصيد ثمين يسيل له لعاب الشركات الأمريكية الكبرى، ولما كان الصياد على الدوام يسعى لإيجاد المبرر للتربص بالفريسة وصيدها، فقد بررت إدارة الرئيس ترامب سياساتها باتهام حكومة الرئيس الفنزويلى مادورو باستخدام النفط من هذه الحقول النفطية، المسروقة من الشركات الأمريكية، لتمويل تجارة وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر والقتل والاختطاف، وهى جرائم عادة ما توصف بها عصابات الجريمة المنظمة وليس الحكومات.
استخدام إدارة الرئيس ترامب مصطلح «حقول النفط المسروقة من الشركات الأمريكية» مرجعه قيام الحكومة الفنزويلية إبان فترة حكم الرئيس الراحل هوجو تشافيز بتأميم 11 منصة نفطية تابعة لشركة هلميريش آند باين الأمريكية، كذلك تأميم فروع شركات استخراج النفط الغربية والأمريكية فى فنزويلا بعد تعديل قانونى جعل من شركة النفط الحكومية الفنزويلية «بتروليوس دى فنزويلا» المساهم الأكبر فى مشاريعها. فغادر العديد منها فنزويلا، ومنها كونوكو فيليبس، وإكسون موبيل، وتوتال إنيرجيز، ورويال داتش شل، وإكوينور، وإينى.
وبرغم النزاع المتواصل بين الولايات المتحدة وفنزويلا، إلا أن البراجماتية الاقتصادية الأمريكية سمحت لشركة شيفرون الأمريكية للنفط باستمرار العمل فى فنزويلا بشروط وبنود سرية خاصة، كان آخرها قيام وزارة الخزانة الأمريكية بمنح شيفرون إعفاءً من عقوبات تصدير النفط الخام من فنزويلا عقب اتفاق بين الولايات المتحدة وفنزويلا بشأن المهاجرين غير الشرعيين، وكذلك مراعاةً لمصالح شركات مصافى النفط الأمريكية فى تكساس التى تقوم بمعالجة النفط الفنزويلى الخام وإعادة تصديره. بررت إدارة ترامب ذلك بأن شيفرون تعهدت بعدم دفع أى ضرائب أو إتاوات للحكومة الفنزويلية.
الرئيس ترامب لم يخفِ رغبته فى الاستيلاء على النفط الفنزويلى الثمين، والمقدرة احتياطياته بـ360 مليار برميل، مقابل 35 مليار برميل فقط احتياطيات الولايات المتحدة، وعليه فقد صرح دون مواربة بأن الحصار المفروض على ناقلات النفط من وإلى فنزويلا سيستمر إلى حين إعادة جميع النفط والأراضى والأصول الأخرى التى سرقها الفنزويليون من الولايات المتحدة... وحتماً فإن الأراضى الفنزويلية التى يعنيها ترامب هى المناطق الغنية بالمناجم والثروات المعدنية، وهى بالقطع مطمع الشركات الأمريكية.
وفى ظل التصعيد المتوالى، وصف وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو الرئيس الفنزويلى بأنه الزعيم الهارب لعصابة «كارتل دى لوس سولس»، وهى منظمة إجرامية لتجارة وتهريب المخدرات، يزعم الأمريكيون أن أعضاء بارزين من السياسيين والعسكريين فى حكومة الرئيس الفنزويلى يديرونها. وإمعانًا فى المواجهة والضغط، ضاعفت وزارة العدل المكافأة عن الإدلاء بأى معلومات تؤدى إلى اعتقال الرئيس الفنزويلى إلى 50 مليون دولار.
الرئيس ترامب من جهته قرر استخدام سياسة البوارج الحربية والحصار البحرى للضغط على الحكومة الفنزويلية، فأصدر أوامره بتعزيز الوجود العسكرى البحرى الأمريكى فى جنوب البحر الكاريبى وأمام السواحل الفنزويلية بنشر حاملة الطائرات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق
