لم تُخفِ شركة «لاند سبيس» الصينية الناشئة في مجال الصواريخ رغبتها في استلهام تجربة شركة «سبيس إكس» التابعة لإيلون ماسك. في وقتٍ سابق من هذا الشهر، أصبحت الشركة التي تتخذ من بكين مقراً لها أول كيان صيني يُجري اختباراً لصاروخ قابل لإعادة الاستخدام.

وتستعد «لاند سبيس» الآن لطرح أسهمها للاكتتاب العام لتمويل مشاريعها المستقبلية، في نفس الوقت الذي تُفكر فيه منافستها الأميركية الأكبر والأكثر نجاحاً في طرح أسهمها للاكتتاب العام أيضاً.

على الرغم من فشل اختبار صاروخ «تشوكي-3» التابع لشركة «لاند سبيس»، فإن طموحها في أن تصبح ثاني أكبر شركة بعد «سبيس إكس» في مجال الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام يُعطي دفعة جديدة لقطاع الفضاء الصيني، الذي لطالما هيّمنت عليه كيانات مملوكة للدولة، تفضل تجنب المغامرة والمخاطر.

وسيلعب تركيز لاند سبيس على تزويد الصين بخيار إطلاق منخفض التكلفة مماثل لصاروخ فالكون 9، القابل لإعادة الاستخدام والمُجرَب من قبل شركة سبيس إكس، دوراً محورياً في خطط بكين لإطلاق 10 آلاف من الأقمار الصناعية في العقود القادمة.

قال دونغ كاي، نائب كبير مصممي صاروخ تشوك-3، في مقابلة الأسبوع الماضي: «يُعد فالكون 9 تصميماً ناجحاً تم اختباره هندسياً، وبعد دراسته أدركنا منطقيته؛ نحن نريد التعلم لا التقليد».

وأضاف: «أعتقد أن وصف (تشوك-3) بأنه (النسخة الصينية من فالكون 9) هو إطراء رائع جداً».

نقلة نوعية أحدثت ثقافة الشركات الناشئة في الصين، واتباعها نموذج شركة سبيس إكس، نقلة نوعية في صناعة الفضاء الصينية.

لطالما كان برنامج الفضاء الصيني، الذي تقوده الدولة، شديد الحساسية تجاه عمليات الإطلاق الفاشلة، على عكس سبيس إكس وغيرها من الشركات الغربية التي تعلن بانتظام عن إخفاقاتها.

لكن في وقتٍ سابق من هذا الشهر، غطت وسائل الإعلام الحكومية أول محاولتين فاشلتين للصين لاستعادة صاروخ قابل لإعادة الاستخدام، وجاء الإطلاق الثاني من شركة مملوكة للدولة، بعد ثلاثة أسابيع فقط من الرحلة التجريبية الأولى لصاروخ تشوك-3.

كما فتحت شركة لاند سبيس أبواب مصنع محركاتها لكاميرات وكالة رويترز هذا الشهر، ما أتاح لوسائل الإعلام الأجنبية فرصة الاطلاع على أحد أصولها الرئيسية لأول مرة.

بعد فتح قطاع الفضاء أمام الاستثمار الخاص عام 2014، الذي أدى إلى ظهور العديد من الشركات الناشئة، بما في ذلك لاند سبيس، تسعى بكين الآن إلى مساعدة الشركات المحلية الرائدة على الوصول إلى أسواق رأس المال من خلال تسهيل طرح أسهمها للاكتتاب العام.

قال داي تشنغ، كبير مصممي صاروخ «تشوكي-3»، لمحطة التلفزيون الحكومية CCTV، إن الدعم المالي السخي لشركة سبيس إكس كان عاملاً رئيسياً في تمكين الشركة الأميركية من تحمل خسائر فادحة أثناء اختبار مركبة الإطلاق القابلة لإعادة الاستخدام (ستارشيب).

وصرّح داي: «بالنسبة لنا، لم نحصل على هذا الدعم بعد، لكن أعتقد أن بلادنا قد أدركت ذلك، وستسمح لأسواق رأس المال بدعمنا في مجالات مثل رحلات الفضاء التجارية».

مستوى آخر قبل شهر من إطلاق شركة لاند سبيس لمركبة «تشوكي-3»، كان إيلون ماسك، مؤسس سبيس إكس، قد أبدى اهتماماً بتصميم المركبة.

وفي تعليقه على فيديو، نُشر على منصة X أكتوبر الماضي، يُظهر تجميع (تشوكي-3)، قال إن الصاروخ صيني الصنع قد استوحى بعض جوانب مركبة (ستارشيب) الفضائية وطبقها على تصميم مشابه لصاروخ (فالكون 9).

وقال ماسك إن شركة لاند سبيس: «اقتبست أفكار وتصميمات بعض أجزاء (فالكون 9) من (ستارشيب)، مثل استخدام الفولاذ المقاوم للصدأ والميثالوكس، لكن مركبة (ستار شيب) في مستوى آخر.»

تُعد ميزات مثل الأغلفة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ ومحركات الصواريخ التي تعمل بوقود الميثالوكس، وهو مزيج من الميثان والأكسجين السائل، مجرد أمثلة على الطرق التي تسعى شركات مثل سبيس إكس ولاند سبيس من خلالها إلى خفض التكلفة الباهظة لعمليات الإطلاق.

لكن أهم عامل لتوفير التكاليف على الإطلاق هو القدرة على إطلاق الصاروخ، ثم استعادته وإعادة استخدام مرحلته الأولى (المعزز) المزودة بالمحركات.

فشلت لاند سبيس في إطلاق صاروخها في ديسمبر الحالي، بعد أن تحطم معزز صاروخ زوك-3، بعد أن فشل في تفعيل احتراق الهبوط على ارتفاع 3 كيلومترات من الأرض كما هو مُخطط له، ما أدّى إلى تحطمه بدلاً من الهبوط المُتحكم به، وهي الأن تستعد لإطلاق صاروخ أخر.

كانت سبيس إكس قد حققت أول هبوط ناجح لمعزز فالكون عام 2015 بعد محاولتين فاشلتين.

(رويترز).

هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية