بعد حسم منصب رئاسة مجلس النواب العراقي لصالح هيبت الحلبوسي، وانسحاب رئيس تحالف العزم مثنى السامرائي من سباق الترشح، تُثار تساؤلات داخل الأوساط السياسية بشأن مستقبل المجلس السياسي السني، وما إذا كان سيبقى إطاراً جامعاً للقرار السني أم أن مهمته انتهت عملياً مع إنجاز استحقاق رئاسة البرلمان.
وكان المجلس السياسي السني قد أعلن، في بيان رسمي، مباركته انتخاب مرشحه رئيساً لمجلس النواب في دورته السادسة، مثمّناً ما وصفه بالدور الوطني للقوى السياسية والنواب في إنجاز الاستحقاق الدستوري، ومشيداً بموقف السامرائي وانسحابه تغليباً للمصلحة الوطنية واحتراماً للتوقيتات الدستورية ، في محاولة واضحة لإغلاق صفحة الخلافات التي سبقت الجلسة الأولى.
غير أن هذه البيانات الإيجابية لا تلغي حقيقة أن المجلس مرّ، خلال الأيام الماضية، بأصعب اختبار سياسي منذ تأسيسه، بعد فشل القوى السنية في التوصل إلى مرشح توافقي واحد، وتحول المنافسة إلى صراع مفتوح كاد أن يهدد تماسكه الداخلي، وسط اتهامات متبادلة بفرض الأمر الواقع، وتجاوز آليات التوافق المنصوص عليها في الاتفاق التأسيسي للمجلس.
ويرى مراقبون أن حسم المنصب داخل الجلسة الأولى، رغم حدّة الخلافات، جنّب المجلس سيناريو الانقسام العلني، لكنه لم يُنهِ جذور الإشكال، ولا سيما ما يتعلق بتوزيع النفوذ داخل البيت السني، وحدود تأثير الزعامات التقليدية، ودور المجلس في الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدمتها مفاوضات تشكيل الحكومة وتقاسم الحقائب السيادية والخدمية.
فرصة للتماسك
في هذا السياق، قال الباحث السياسي وائل الحازم في تصريح خاص لـ عراق أوبزيرفر إن مرحلة اختيار رئيس البرلمان كانت الأصعب على المجلس السياسي السني، لكنها انتهت بأقل قدر ممكن من الخسائر، ما عزز فرص بقاء المجلس متماسكاً في المرحلة المقبلة ، مشيراً إلى أن الاستحقاقات اللاحقة، وخصوصاً توزيع الوزارات، باتت أكثر وضوحاً بعد هذا الحسم، وهي تُدار وفق نقاط تفاوضية لا تحتمل أخطاء كبيرة .
وأضاف الحازم أن انسحاب مثنى السامرائي، ثم عودته إلى إطار المجلس، أعاد قدراً من الرصانة إلى المشهد، وحدّ من المخاوف التي كانت قائمة بشأن تفكك المجلس أو خروج بعض أطرافه ، مرجحاً أن يستمر المجلس السياسي كمنصة تنسيقية لإدارة الملفات السنية، لا سيما في ظل تعقيدات المشهد النيابي والحكومي .
وبحسب تقديرات سياسية، فإن بقاء المجلس السياسي الوطني مرهون بقدرته على التحول من إطار ظرفي لحسم المناصب، إلى مظلة تنظيمية تُدير الخلافات وتضبط التوازنات الداخلية، بعيداً عن منطق الغلبة، فيما يقول مختصون إن نجاحه في تجاوز أزمة رئاسة البرلمان يمنحه فرصة جديدة، لكنه في الوقت نفسه يضعه أمام اختبار أصعب، يتمثل في الحفاظ على وحدة القرار السني في مرحلة تفاوضية شديدة الحساسية داخل البرلمان وخارجه.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
