د. حامد الحمود: مشاهد من التغيرات الاقتصادية في الكويت من خلال «سيرة ليست باليسيرة»

منذ أن تعرّفت على الأخ عامر التميمي في التسعينيات، وترددت على ديوانه في الجابرية، والذي كان يضم كويتيين وعرباً آخرين من جنسيات مختلفة، وكان يجمعهم الاهتمام بالسياسة والثقافة والفنون، كنت أتساءل: لماذا لم يقدّم عامر دراسات عليا في الاقتصاد؟ خاصة أنه بدأ بدراسة الرياضيات، ثم تخصص في الاقتصاد، الذي يجمع بين الرياضيات والسياسة وعلم النفس. وتأكيداً على ذلك، فإن هناك من فازوا بنوبل في الاقتصاد وتخصصاتهم في الرياضيات والاقتصاد السياسي وعلم النفس. فجون ناش John Nash فاز بنوبل في الاقتصاد، مع أنه عالم رياضيات، وكان أستاذاً في جامعة برينستون، ويعاني من مرض الشيزوفرانيا، وتم تخليد حياته من خلال فيلم «عقل جميل Beautiful Mind»، عندما أخبروه أنه فاز بنوبل في الاقتصاد، تساءل: أنا عالم رياضيات، ولا أعرف عن الاقتصاد إلا القليل. وهو لا يعرف أن ما قدمه في الرياضيات، استند عليه اقتصاديون في تطوير وإثبات رؤى لهم في الاقتصاد. كما أن الأمريكي بول كروغمان والتركي دارون اجيموغلو Paul Krugman Daron Acemoglu اشتهرا بكتاباتهما في السياسة، الأول كان له عمود شبه أسبوعي في «النيويورك تايمز»، والثاني اشتهر بكتابة: «لماذا تفشل الأمم؟ Why Nations Fail»، وكلاهما فازا بنوبل في الاقتصاد. أما الإسرائيلي دانييل كاهنمان فهو عالم نفس، واشتهر بكتابة Think Fast Think Slow، ففاز بنوبل في الاقتصاد عام 2002. كما أن الأمريكي ريتشارد ثيلر Richard Thaler، صاحب كتاب Nudge: Improving Decisions about Health, Wealth, and Happiness، فاز بنوبل في الاقتصاد عام 2008، وتخصصه أقرب لعلم النفس، وقد شارك دانييل كاهنمان في بعض أبحاثه. لكن هذا لا يعني أن علم الاقتصاد علم مشتت، فمعظم من فازوا بنوبل في الاقتصاد متخصصون في الاقتصاد، من جامعات شيكاغو، وهارفارد، وبرينستون، وكمبردج، وأكسفورد، وستانفورد. وفي معظم الأحيان تجد أبحاثهم عسيرة الفهم على غير المتخصص في مجالهم في الاقتصاد.

هذا وبعد أن قرأت كتاب «سيرة ليست باليسيرة»، اقتربت أكثر من أسباب عدم تقديم عامر دراسات عليا في الاقتصاد، والتي أهمها زواجه المبكر عام 1970، بعد سنتين من تخرجه، وانجابهما المبكر لهند عام 1971، وارتباطه بالعمل أولاً في إدارة الإحصاء كمراقب للبحوث في مجلس التخطيط، كما أنه يذكر في كتابه أنه حصل على قبول لدراسة الماجستير في جامعة William s College عام 1975، عندما كان يعمل في المجموعة الاستثمارية، لكن عندما عرض الموضوع على المرحوم عبداللطيف خالد الحمد، والذي كان مديراً للمجموعة الاستثمارية، اعترض وذكر أنه يجب عليه أن يمارس عمله في المجموعة إن أراد الاستمرار معهم، والأخ عامر يتفهم اعتراض المرحوم الحمد، وعندما تكون متزوجاً، ولديك أكثر من طفل، ولديك وظيفة مثل نائب المدير العام للمجموعة للمشاريع، سيكون من السذاجة أن تخاطر وتسافر إلى الولايات المتحدة من أجل ماجستير في الاقتصاد. لكن أرى أن هناك سبباً آخر، والذي أطرحه تخميناً، وقد يختلف معي فيه الأخ عامر، والذي أرجعه إلى البيئة الجامعية في جامعة كلاركسون Clarkson University، التي درس فيها البكالوريوس خلال الفترة 1964 ــ 1968.

فجامعة كلاركسون، التي تقع في بوتسدام في شمال ولاية نيويورك، فيها في الوقت الحالي 4000 طالب فقط، وعدد سكان المدينة أقل من تسعة آلاف. وهي أقرب إلى مدن كندية، مثل أوتارا، منها إلى نيويورك، وهي قرية أكثر من كونها مدينة، وهي تبعد عن مدينة نيويورك ست ساعات بالسيارة. والحقيقة أني لا أعرف ما هي المعايير، التي كان يتبعها المكتب الثقافي في نيويورك في توزيع الطلبة الكويتيين؟ ولا أعرف لماذا كان يرسل طلبة كويتيين إلى جامعات في مدن، مثل نيويورك، وواشنطن وشيكاغو، وسان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، أو الى مدن جامعية مثل آن آربر في متشيغان، وماديسون في ويسكونسون، وكولومبوس في اوهايو، و«يعاقب» الأخ عامر بأن ينفيه إلى بوتسدام في شمال نيويورك قرب الحدود الكندية. ففي مثل هذه الجامعة لا يلتقي الطالب بأصدقاء يدرسون دراسات عليا، كما أن مثل هذه الجامعة أو الكلية الصغيرة لا تتكون فيها بيئة ثقافية أو علمية تشجّع على التفكير أو زرع فكرة الدراسات العليا، لكن لحسن الحظ فإن عامر حارب هذه العزلة بنشاطه ضمن منظمة الطلبة العرب، وبتواصله مع الطلبة الكويتيين، وتميزه بأن كان عضواً في اللجنة التنفيذية في منظمة الطلبة العرب وكان عمره عشرين عاماً، وزملاؤه من مصريين وعراقيين وفلسطينيين كانوا طلبة دكتوراه. لكني مع ذلك أعتقد أنه اندمج مع حياة جامعية في هذه الكلية الصغيرة، وفّرت له سعادة ما كان سيجدها في مدن أكبر. ومع هذا سأسأل عن المعايير، التي أخذ بها المكتب الثقافي الكويتي في نيويورك آنذاك في توزيع الطلبة على المدن والجامعات؟ لكن من قراءتي البسيطة عن هذه الجامعة، وعن هذه المدينة، ما كنت سأبقى فيها أكثر من سنة، وأعتقد أن هذه المدينة بوتسدام، وهذه الجامعة كلاركسون، مسؤولتان إلى حد كبير عن إخماد الشغف لدراسة الماجستير.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة القبس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة القبس

منذ ساعتين
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعتين
صحيفة الوطن الكويتية منذ ساعتين
صحيفة الوسط الكويتية منذ 12 ساعة
صحيفة القبس منذ 12 ساعة
صحيفة الأنباء الكويتية منذ 13 ساعة
صحيفة الأنباء الكويتية منذ 9 ساعات
صحيفة الراي منذ 5 ساعات
صحيفة الأنباء الكويتية منذ 5 ساعات
صحيفة السياسة منذ ساعة