السياسة حين تنسى الإنسان عبث السلطة ومسرح الخراب

السياسة حين تنسى الإنسان عبث السلطة ومسرح الخراب

السيناريو يتكرر.. ألا يبدو المشهد مألوفاً؟

سنعيد التأكيد على أهمية الإنسان، لأنه أهم ما في مشهد الحروب والسياسة. فالإنسان ليس تفصيلاً جانبياً في معادلات السلطة، بل جوهرها وغايتها، وإن غاب تحوّلت السياسة إلى أداة ظلم وقتل منظّم. وكما قال أحمد مطر: نموت كي يحيا الوطن، يحيا لمن؟ نحن الوطن.

إن لم تكن السياسة استراتيجية وفلسفة عقلية وفكرية ونفسية وإنسانية، وتكتيكات تهدف إلى حماية الإنسان وتوفير وطن يخدم حياته وهناءه، وطن يوفر مناخاً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً واجتماعياً يسمح للأخلاق بأن تزدهر، وللمسؤولية والانتماء بأن يتجليا، وللعدالة أن تُحل، فيكون المواطن فرداً فاعلاً بوعيه وأخلاقياته قبل إنتاجيته وعمله، فما جدوى السياسة؟ ولماذا تُمارس أصلاً؟ ليستفيد حفنة من المتسلقين وليعيش من هم في الأعلى حياة رغيدة سهلة، بينما يُدفع من هم في الأسفل إلى الجحيم ويدفعون أثماناً باهظة؟ لأجل ماذا؟ اللاشيء.

يُعانون لأجل وطن هش؟ فليعانِ من هم في الأعلى ويمسكون بحبال القيادة، ولماذا يُعاني فقط من في الأسفل؟ وكيف يتم تعويض الإنسان؟ لا يُعوض. لا الحروب تعوّضه، ولا الشعارات، ولا الأوطان التي تُبنى فوق جثث أبنائها. كل ما في الأمر أن مصيره، ومصير سلالته كاملة، يتغيّر إلى الأسوأ بسبب جبروت الإنسان لا عدالته، وفساده لا حكمته، وشياطينه التي تقوده.

في زيارتي الأخيرة إلى كاياكوي في تركيا، زرت ما يعرف بمدينة الأشباح: أطلال مهدمة، بيوت بالكاد تقف على ركائزها، تحكي قصة إنسان. قبل نحو مئة عام، بعد الحرب التركية اليونانية وتأسيس الجمهورية التركية، فرضت معاهدة لوزان تبادلاً قسرياً للسكان. هُجِّر السكان الأرثوذكس من تركيا إلى اليونان، والمسلمون من اليونان إلى تركيا. ترك الناس منازلهم وأصدقاءهم وحياتهم اليومية، وبعضهم ترك أطفالاً يعتقد أنهم سيعودون قريباً.

الحقيقة أبسط وأقسى: حين يخون الإنسان ذاته تنسى السياسة الإنسان وتحوله إلى أداة ثم لا يبقى وطن.. تتبدد العدالة ويبقى فقط مسرح خراب فوضوي مرعب

اليوم، المدينة تحكي ذات الألم الإنساني الذي يتكرر في كل بقاع الأرض: فقدان الإنسان لأرضه، اقتلاع قدره، وتحول مصير أجيال بأكملها، بينما السياسة والحروب تصنع قواعدها على حساب البشر الذين لم يختاروا شيئاً. انتهت الحرب التي كانت آنذاك شرسة، وتبدّلت الحدود والمفاهيم، وظهرت تمثيلات دبلوماسية وسياسات تضبط العلاقة بين البلدين وتُظهر وجهاً أكثر عقلانية. لكن الثمن لم يتبدّل. دفعه الإنسان، أولئك الذين لا نعرف أسماءهم، ولا تُكتب قصصهم، بل نُسيت وربما الجدران المشرعة على المجهول وحدها تتذكر ما حدث. ربما تحسّن قدر بعض أحفادهم، وربما ازداد سوءاً، لكن الحقيقة الثابتة أن مصير الإنسان انقلب، وأن كثيرين دفعوا ثمناً لا يُعوَّض.

ألا يبدو المشهد مألوفاً؟ السيناريو يتكرر دائماً، واليوم، في عام 2025، ما زلنا نشهد المشهد نفسه. لم نتعلّم، بل أصبح يُطبق بشكل أشرس وأكثر رعباً في غزة، الضفة، لبنان، سوريا، العراق، والقائمة تطول. لم نقل لنخلق عالماً أكثر تطوراً وأكثر استدامة، يؤمّن مأوى وغذاء وكرامة لأهالي المنطقة، بل قرر هذا النظام العالمي، الذي يُدار من قبل من هم في الأعلى ممن يملكون السلطة والسطوة والمال، أن يستمروا في اللعبة ذاتها، بلغة السياسة والدهاء، بلغة الصداقة والعداء، ليبقوا هم ويفنى الأضعف.

لم تتغير الإستراتيجية كثيراً. يتعاملون على أساس أنهم أفضل، أو ربما يستحقون امتيازاً حياتياً أفضل. لكن أفضل بماذا؟ وبحسب أي معيار إنساني؟ السياسة عمل تكليف يقوم على المسؤولية والإدارة، وامتيازك يكمن في إتمام عملك بحق وخدمة المجتمع والدولة، أن تضيف للمجتمع لا أن تسرق، أن تحمي بلادك داخلياً إن لم تستطع حمايتها من تهديدات خارجية، وحين تكمل عملك بقدر واستقامة حينها تستحق التقدير وأن يذكرك التاريخ.

الفكرة تكمن في أن هذا النظام العالمي يطبّق رأسماليته وميكافيليته بحرفية قاسية في كل مكان، ومع الزمن أصبح أشرس ومخيفاً أكثر. لماذا؟ لأنه يرتدي.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من وكالة الحدث العراقية

منذ ساعة
منذ 20 دقيقة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 48 دقيقة
منذ 11 دقيقة
قناة الرابعة منذ 14 ساعة
قناة السومرية منذ 13 ساعة
قناة السومرية منذ 10 ساعات
قناة السومرية منذ 13 ساعة
قناة السومرية منذ 7 ساعات
قناة السومرية منذ 13 ساعة
موقع رووداو منذ 7 ساعات
قناة السومرية منذ 12 ساعة