الرئيسية مقالات مختارة
xxx
النتائج الإيجابية تتكلم .. قراءة مهنية في سياسات البنك المركزي (2-1)
د. حمزة العكاليك في فضاء السياسات العامة والاقتصاد الكلي، تبرز المؤسسات النقدية كركائز استقرار لا تميل مع أهواء التقلبات السياسية. وفي الحالة الأردنية، يأتي البنك المركزي الأردني كأحد النماذج الأكثر نضجا للمؤسسة التكنوقراطية التي تمارس أدوارها بمهنية صامتة تتجاوز ضجيج السجالات الإعلامية، فغالباً ما تُفرز الفجوة المعرفية بين التعقيد الفني للعمل المصرفي وممارساته الفُضلى، وبين الطرح السياسي العاطفي، سوء فهم للممارسات الاحترافية، وهو ما تجلى بوضوح في بعض الملفات التي يديرها البنك المركزي.
ففي مطلع العام الحالي، تعرض البنك لاتهامات بتبديد الأصول الوطنية عبر بيع الذهب. بيد أن التحليل المعمق للبيانات المالية المدققة والسياسات الاستثمارية يكشف أن ما جرى لم يكن تبديداً، بل كان درساً متقدماً في إدارة المحافظ السيادية واستغلال أدوات المراجحة (Arbitrage)، لتعظيم قيمة الاحتياطيات الوطنية في وقت بلغت فيه أسعار الذهب ذروة تاريخية.
تعد إدارة احتياطيات الذهب في البنوك المركزية، عملية ديناميكية تخضع لمعايير صارمة تهدف إلى تحقيق التوازن بين السيولة والأمان والعائد. وفي مطلع العام الحالي، ومع وصول أسعار الذهب العالمية إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت حاجز 4000 دولار للأونصة، مارس البنك المركزي الأردني دوره كمدير محترف للمحفظة الاستثمارية الوطنية، فالاتهامات التي وجهت للبنك ببيع كميات من الذهب بمليارات الدنانير كانت تفتقر إلى فهم الفوارق بين البيع النهائي وعمليات المراجحة، التي تهدف إلى إعادة هيكلة الأصول.
وأكدت البيانات المالية اللاحقة هذه الحقيقة، إذ لم ينخفض احتياطي الذهب لدى البنك المركزي، بل سجل ارتفاعاً ملحوظاً، حيث بلغت قيمة الاحتياطيات نحو 6.576 مليار دينار في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مقارنة بـ4.257 مليار دينار في نهاية العام الماضي. هذا الارتفاع بنسبة تفوق 54 %، يعكس نجاح البنك في شراء كميات إضافية بأسعار تفضيلية بعد بيع جزئي عند القمم السعرية. ومن منظور إحصائي، ارتفعت كمية الذهب من 2.304 مليون أونصة إلى 2.335 مليون أونصة خلال الفترة نفسها. هذا النهج يتماشى مع التوجهات العالمية للبنوك المركزية التي بدأت في العامين الماضي والحالي، إعادة تقييم دور الذهب كملاذ آمن في ظل تقلبات العملات الورقية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية.
وفي ملف آخر، يبرز موضوع التضخم، بوصفه اختصاصاً جوهرياً للبنوك المركزية. فقد شهد العالم خلال السنوات الماضية موجات تضخمية طالت كبرى الاقتصادات، إلا أن البنك المركزي الأردني، نجح عبر سياسته النقدية التشددية، التي لم تسلم من انتقادات البعض في حينها، في الحفاظ على الاستقرار النقدي الذي يشمل استقرار الأسعار بمستويات نموذجية، مما وفر حماية حقيقية للمداخيل والمدخرات الوطنية، وكان ذلك بمساندة العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء الضغوط التضخمية. وقد تجلى هذا النجاح في خفض معدل التضخم من 4.2 % في العام 2022، إلى نحو 2.1 % في العام.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من وكالة عمون الإخبارية
