لم تكن أخبار المناخ جيدة في عام 2025. فقد بلغت انبعاثات غازات الدفيئة العالمية مستويات قياسية جديدة، ويتجه هذا العام ليكون ثاني أو ثالث أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق. كما دمرت كوارث غذّاها تغير المناخ، مثل حرائق الغابات في كاليفورنيا والفيضانات في إندونيسيا وباكستان، مجتمعات بأكملها وتسببت بخسائر تُقدر بمليارات الدولارات.
وفوق هذه المؤشرات المقلقة، شهدت أكبر قوة اقتصادية في العالم تراجعا حادا في سياساتها المناخية. إذ قلصت واشنطن تمويل أبحاث المناخ، وألغت مليارات الدولارات المخصصة لمشاريع تقنيات المناخ.
ويرى مراقبون أننا أمام وضع بالغ الخطورة فيما يتعلق بتغير المناخ. ومع ذلك، وبالنسبة لمن يبحث عن بصيص أمل، فقد شهد عام 2025 بعض التطورات الإيجابية. وفيما يلي عدد من الأخبار المشجعة التي رصدها مراسلو المناخ هذا العام.
استقرار انبعاثات الصين
من أبرز الإشارات الإيجابية هذا العام ما حدث في الصين. فثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة مُصدرة للانبعاثات تمكنت من الحفاظ على استقرار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال العام ونصف العام الماضيين، بحسب تحليل لموقع Carbon Brief.وقد حدث ذلك سابقا فقط في فترات انكماش اقتصادي، بما في ذلك خلال جائحة كوفيد-19. أما الآن، فتتراجع الانبعاثات رغم أن الاقتصاد الصيني يتجه للنمو بنحو 5% هذا العام، في وقت يواصل فيه الطلب على الكهرباء الارتفاع.
ما الذي تغيّر؟ قامت الصين بتركيب كميات هائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأدخلت عددا كبيرا من السيارات الكهربائية إلى طرقاتها، ما سمح للاقتصاد بالنمو دون زيادة الانبعاثات، في فكّ واضح للارتباط التقليدي بين النمو الاقتصادي والتلوث.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام، أضافت الصين نحو 240 غيغاواط من الطاقة الشمسية و61 غيغاواط من طاقة الرياح، وهو ما يقارب إجمالي ما ركبته الولايات المتحدة من طاقة شمسية عبر تاريخها. ولا يزال من المبكر القول إن انبعاثات الصين بلغت ذروتها، لكنها تعهدت بتحقيق ذلك رسميا قبل عام 2030.
البطاريات على شبكات الكهرباء
يشهد تخزين الكهرباء باستخدام البطاريات توسعا سريعا يصعب المبالغة في وصفه. فهذه الأنظمة قادرة على تخزين الكهرباء عند وفرتها، مثل أوقات ذروة الطاقة الشمسية، ثم إعادة ضخها في الشبكة عند الحاجة.في عام 2015، لم تتجاوز سعة التخزين بالبطاريات في الولايات المتحدة جزءا من غيغاواط واحد. وكان الهدف حينها الوصول إلى 35 غيغاواط بحلول 2035. لكن القطاع تجاوز هذا الهدف قبل 10 سنوات من موعده، ثم وصل إلى 40 غيغاواط بعد ذلك بأشهر قليلة فقط.
ولا تزال التكاليف تنخفض. فقد سجلت أسعار البطاريات المخصصة للسيارات الكهربائية والتخزين الثابت أدنى مستوياتها على الإطلاق هذا العام، فيما تراجعت أسعار بطاريات تخزين الشبكات بنسبة 45% مقارنة بالعام الماضي. وفي ولايتي كاليفورنيا وتكساس، بدأت البطاريات بالفعل تلعب دورًا في تلبية الطلب المسائي، ما يقلل الحاجة إلى تشغيل محطات الغاز الطبيعي.
استثمارات الطاقة بدفع من الذكاء الاصطناعي
طفرة الذكاء الاصطناعي معقّدة التأثير على أنظمة الطاقة. فقد ارتفع الطلب على الكهرباء، وزاد استهلاك مراكز البيانات في الولايات المتحدة بنسبة 22% هذا العام، ومن المتوقع أن يتضاعف أكثر من مرة بحلول 2030.
لكن في المقابل، أدت هذه الطفرة إلى زيادة الاهتمام والاستثمار في تقنيات الطاقة المتقدمة. فشركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا، التي التزمت بخفض انبعاثاتها، تبحث عن مصادر طاقة بديلة. وقد وقعت ميتا اتفاقا لشراء كهرباء من محطة طاقة حرارية أرضية، بينما ساهمت غوغل في إعادة تشغيل محطة نووية كانت متوقفة.تقدم ملموس لكن غير كاف
ربما أقوى دليل على التقدم الجماعي حتى الآن هو أننا تجنبنا أسوأ السيناريوهات التي كان العلماء يخشونها قبل عقد من الزمن. فالعالم يتجه حاليا نحو احترار بنحو 2.6 درجة مئوية بحلول عام 2100، مقارنة بمسار 3.6 درجات كان متوقعا قبل توقيع اتفاق باريس.
صحيح أن هذا المستوى لا يزال خطيرا، لكن ما تحقق حتى الآن يثبت أن العالم قادر على مواجهة تهديد عالمي معقد، وقد وضع بالفعل الأسس التقنية لمجتمع يمكنه العمل دون الاستمرار في ضخ كميات متزايدة من غازات الدفيئة.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
