تشهد صناعة الإعلان الرقمية تحوّلاً جذرياً مع التقدّم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي طليعتها (ChatGPT)، التي من المرجّح أن تغير قواعد اللعبة في الطريقة التي نتلقى بها الإعلانات ونفهمها.
شخصية للغاية
في السنوات الأخيرة، أصبحت الإعلانات عبر الإنترنت شخصية للغاية لدرجة تُشعر المستخدم أحياناً بأنها تقرأ أفكاره. كمثال بسيط، قد تتلقّى رسالة تذكير بمنتج كنت تتصفحه قبل ساعات فقط. وهذه التقنية ليست صدفة، بل نتيجة التطوّر السريع في قدرات الذكاء الاصطناعي على أتمتة المحتوى الإعلاني وتخصيصه بحسب سلوك المستخدم.
خصائص جديدة
أحد أهم العوامل المؤثرة هو ما أصبح يقدّمه (ChatGPT) اليوم من وظائف تتجاوز التفاعل النصي البسيط. فالنظام أصبح قادرًا على تحليل سجل التصفّح والرسائل وحتى البيانات المرتبطة بتطبيقات المستخدم، مثل التقويم أو خطط السفر، ومن ثم تقديم توصيات شخصية دون أن يطلبها المستخدم صراحة. مثلاً، إذا كنت قد حددت موعداً لسفر قريب إلى بيروت، قد يعرض عليك تلقائياً اقتراحات لأماكن تناول الطعام أو الأنشطة هناك.
في أوكتوبر 2025، أطلقت «أوبن إيه آي» (OpenAI) نموذج (ChatGPT Atlas)، وهو متصفح يمكنه أتمتة عمليات الشراء، مثل اقتراح قائمة مستلزمات السفر مع روابط مباشرة لشراء المنتجات. وهناك أيضًا وضع (Agent Mode) الذي يسمح للمستخدمين بإعادة العثور على سلع كانوا يتصفحونها وإضافتها إلى السلة مباشرةً.
وأطلقت أيضا ميزة الدفع الفوري، مما يمكّن المستخدم من شراء السلع دون مغادرة المنصة، بينما تحصل «أوبن إيه آي» على رسوم صغيرة من كل عملية.
انعكس شعار «تشات جي بي تي» على عدسات نظارات أحد المستخدمين.
المزيد من الإيرادات
بالرغم من أن نسبة البحث المتعلقة بالتسوق تمثّل نحو 2% فقط من إجمالي عمليات البحث داخل (ChatGPT)، إلا أن «أوبن إيه آي» تبحث عن طرق لتحقيق المزيد من الإيرادات، وقد ألمحت إلى أنها تدرس نموذجاً للإعلانات داخل الخدمة نفسها، إلى جانب توظيف خبراء من شركات كبرى في الإعلان الرقمي. لكن هذا التحوّل يواجهه تحديات. فبعض المستخدمين أبدوا استياءهم من شعورهم بأنهم يتعرّضون للبيع، ما دفع الشركة مؤخراً لإزالة بعض الميزات مؤقتاً لإجراء تحسينات.
بين الفائدة والخصوصية
على الرغم من الإمكانيات التسويقية الضخمة لهذه التكنولوجيا، إلا أن التحدّي الحقيقي يكمن في التوازن بين تقديم تجارب مستخدم شخصية وفعّالة، دون التعدّي على خصوصية المستخدمين أو جعل الإعلانات مخفية وغير شفافة. ومع استمرار التطوّر في هذا المجال، يتوقّع الخبراء أن أشكال الإعلان الرقمية القادمة ستكون أكثر تماهيًا مع الحوار الشخصي، وربما أكثر تأثيراً مما يمكن للمستخدم أن يدركه.
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس
