4 مايو/ حافظ الشجيفي
حين تقف السياسة امام مرآة التاريخ، فانها لا تبحث عن ملامح الوجوه، وانما تفتش عن صلابة الجوهر واستقامة المسار، والحاصل ان المشهد الذي نرقبه اليوم في هذه الرقعة الاستراتيجية من الجغرافيا العربية يضعنا امام تساؤلات تتجاوز منطق المناورة لتلامس عمق الحقيقة الغائبة خلف ركام الاتفاقات الورقية. فالمتأمل في تاريخ ما سمي بالمبادرة الخليجية، يكتشف للوهلة الاولى انها ولدت في غرف الانعاش السياسي لتدارك انهيار منظومة الحكم في صنعاء، بيد انها سقطت في فخ التجاوز الدستوري حين اغفلت تماما -وعن قصد ربما- انه لا يوجد في ثنايا بنودها او نصوصها ما يشرع نقل السلطة من رئيس الى مجموعة رؤساء، او من رئيس الى اخر عبر تسويات لا تستند الى ارادة شعبية مباشرة، بل ان تلك المبادرة ذاتها حددت عمرا افتراضيا لفترة عبدربه منصور هادي لا تتجاوز عامين، تنتهي بانتخابات ديمقراطية تنافسية نزيهة وواسعة، وهو ما لم يحدث قط، مما جعل بقاءه في السلطة وما تلاه من ترتيبات مجرد استمرار لشرعية وهمية لا صلة لها بصحيح القانون او نصوص الوثائق التي يتشدق بها البعض.
فيما تفرض علينا الحقائق المريرة ان نعيد قراءة مشهد الانتخابات التي جرت لهادي بعد تسلمه السلطة من سلفه صالح، اذ كيف يمكن وصف عملية انتخابية بالشرعية وهي تفتقر لادنى مقومات التنافس الديمقراطي بمرشح وحيد يسابق ظله، ناهيك عن ان نسبة المشاركة في الشمال كانت ضئيلة للغاية، ولم تتجاوز في اقصى تقديراتها ستين في المئة من المسجلين، في كشوفات القيد والتسجيل رغم كل ما مورس من تزوير وحملات اعلامية وابتزاز وترغيب، وفي المقابل، كان الموقف في الجنوب حاسما وواضحا بالمقاطعة التامة لها، ليس رفضا لشخص وانما لعملية سياسية لا تعنيهم ولا تلبي طموحاتهم، مما يثبت ان اتفاقات نقل السلطة المتعاقبة، وصولا الى مجلس القيادة الرئاسي، لا تقوم على اساس دستوري سليم، وان الجنوبيين الذين لم يكونوا طرفا في المبادرة الخليجية ولا في حوار صنعاء اللاحق، ليسوا ملزمين اخلاقيا او قانونيا بكل ما ترتب على تلك الاحداث من نتائج ومسؤوليات، خاصة وان الحوثي قد اجهز على تلك المبادرة وانقلب عليها، مما افقدها مشروعيتها حتى في منبتها بالشمال.
وبينما كانت صنعاء تغرق في صراعات مراكز القوى، كان الجنوب يخوض نضالا من نوع اخر، بدأ حراكا سلميا في عام الفين وسبعة ضد نظام صالح، وتوج بكفاح مسلح وملاحم ضارية حين حاول الحوثي اجتياح الارض الجنوبية،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة 4 مايو
