سلوك الشراء عند 39 درجة تحت الصفر
د. مظهر محمد صالح
لم أكن أصدّق يومها معنى أن تهبط درجات الحرارة إلى مستوياتٍ يستغيث عندها الثلج نفسه من شدّة البرودة ،كأنّ التراكم الأبيض يرتجف، متجمّدًا بصراخٍ صامت، وبهـدوءٍ لا يعرف الثلج فيه معنى السكون. كانت الدنيا قد بلغت نقطة تجمّدٍ تتجاوز التجمّد ذاته، عالمًا ما وراء الصفر، حيث بثّت السماء لونًا أصفر غريبًا. لم أفهم فيزياء هذا اللون، سوى أنّه أعادني إلى أزمنةٍ بعيدة من الشرق، حين كانت العواصف الترابية الصفراء تلفّ شتاءات طفولتنا، وتستقر في ملفّ الذاكرة الأولى.
كيف أصل إلى السوبر ماركت الكبير لأتزوّد باحتياجات المنزل، وقد نفدت أساسياته، في هذه الحراجة المناخية التي اختفت فيها الكائنات كلّها؟
سرتُ فوق ثلجٍ مات بردًا تحت قدميّ، خطواتٍ ثقيلة في منطقتي السكنية التي عشتُ فيها قبل أقل من خمسة عقود، تلك المنطقة التي حملت اسم بقالة كبيرة معتدلة الأسعار تُدعى «لوبلاس»، وهي فرع من سلسلة Loblaws، إحدى أكبر متاجر البقالة في كندا، والقريبة من شارع McArthur ومنطقة Vanier في أوتاوا ،زمنٌ بعيد ما زال يقيم في الذاكرة.
لم أستطع السير سوى أمتار قليلة حتى استوقفتني بقالة الحي: مساحة محدودة، لكنها عامرة بالبضاعة. غير أنّ أسعارها كانت ترتفع على نحوٍ يعاكس انخفاض درجات الحرارة ارتفع ثمن الخبز والحليب وعلب القهوة والجبن والزبدة، أمّا الخضار والفواكه الطازجة فقد هربت بأسعارها قبل أن أهرب منها.
تمازحتُ مع صاحب البقالة:
منذ متى افتتحت؟
أجاب فورًا:
قبل لوبلاس بساعتين.
سألته:
ومتى تُغلق؟
قال بسرعة موجة البرد التي اجتاحت الحياة كقوّة احتلال:
بعد لوبلاس بأربع ساعات.
قلتُ:
سيكون الوقت متأخرًا ليلًا.
ابتسم وقال:
هذه فرصتي السريع يسبق البطيء.
قلت له:
لكن الكبير يبتلع.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية
