طوابير لا تنتهي.. «المصري اليوم» تكشف معاناة الأسر في الحصول على الأنسولين (قصة مدعومة بالبيانات)

فى إحدى قرى محافظة الأقصر، تعيش أسرة محمد بهجت، التى تواجه تحديات يومية بعد إصابة طفلتهم الصغيرة بمرض السكرى، منذ تشخيصها قبل عام أصبحت الأسرة غارقة فى دوامة من الأعباء المالية والصحية التى أثرت على حياتهم بشكل كبير. الأم لا تعمل بينما اضطر الأب للبحث عن عمل إضافى لتغطية تكاليف العلاج الضرورى لابنتهما والذى تضاعف سعره بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة.

يقول «بهجت» بحسرة: «بعد ما عرفت إن بنتى مريضة سكر، كل حاجة اتغيرت، كنت بشتغل سواق يوميًا لكن دلوقتى لازم أشتغل شغلتين عشان أقدر أوفر الأنسولين اللى بنتى محتاجاه يوميًا»، لكنه يواجه صعوبة مضاعفة، فقد أصبح العلاج نادرًا فى الأسواق. اضطر الأب للسفر والتنقل بين المحافظات باحثًا عن الأنسولين، ما زاد من معاناتهم المالية. «سافرنا أكثر من مرة من الأقصر للقاهرة وأسوان، للبحث عن العلاج اللى مش بنلاقيه بسهولة. كل سفرية بتكلفنا أكتر من اللى نقدر نتحمله».

الأسرة، التى بالكاد تعتمد على دخل الأب من وظيفته الأساسية، أصبحت تعانى من تضخم الديون بسبب تكاليف السفر والبحث المستمر عن العلاج. «المعاناة مش بس فى العلاج لكن كل مرة نسافر فيها اضطر أبيع حاجة أو استلف، بقى عندنا دين كبير وما نقدرش نعيش زى الأول».

تعيش الطفلة الصغيرة مع ألم الحقن المتكرر والإعياء الناتج عن المرض، بينما تحاول الأسرة بأقصى جهدها توفير العلاج رغم الصعوبات المالية. «بنتى بتحتاج الأنسولين كل يوم، لو ما خدتوش ممكن حياتها تكون فى خطر. لكن الأسعار بقت فوق طاقتنا».

رحلة البحث عن الدواء

معاناة نقص الأنسولين لم تفرق بين صعيدى فى أقصى الجنوب أو قاهرى فى قلب المركز، فما إن ذهبنا فى جولة ميدانية لرصد الأزمة حيث صيدلية الإسعاف فى قلب العاصمة القاهرة، وجدنا طوابير طويلة وتكدسا أغلبه مرتبط بالبحث عن الأنسولين، دواء السكر الذى أصبح حديث القاهرة ومثل غيابه أنينا لا ينتهى فى المنازل المصرية التى لا يغيب عنها المرض المزمن.

تحت لافتة كبيرة تحمل اسم «صيدلية الإسعاف المصرية»، يتجمع مئات من المواطنين فى مشاهد من التوتر والشجار أحيانًا، ينتظر كل منهم دوره لسماع رقمه على شباك الاستعلام لمعرفة توافر العلاج. وفى حالة توفره، ينتقلون إلى طابور آخر طويل للحصول على الأدوية ومن بين هذه العلاجات الضرورية الأنسولين.

على مدار ستة أيام، تأتى مديحة فريد إلى صيدلية الإسعاف لتأمين جرعات الأنسولين لطفلها المصاب بمرض السكرى.

تقول وهى تترقب بقلق: «ما بقاش غير يومين وابنى لازم ياخد الأنسولين. ما فيش صيدلية ما رحتهاش ولا سألت فيها. إحنا محتاجين الدواء، حتى لو سعره زاد تانى».

علامات الصدمة والذهول بدت واضحة على وجه الحاجة فايزة عبدالمجيد، ذات الـ٦٣ عامًا، عندما أخبرها موظف الاستعلام أن «الأنسولين مش موجود»، لترد عليه بحزن: «هيجى إمتى؟» فيجيبها بلامبالاة: «معرفش». بعد انتظارها لأكثر من ثلاث ساعات، خرجت من المكان وهى تقول: «راضيين بالمرض، لكن مش لاقيين العلاج».

تهانى فتحى، تأتى كل شهر إلى صيدلية الإسعاف لشراء الأنسولين لزوجها الذى لا يستطيع التحرك من مكانه منذ عام ونصف، مطالبة بسرعة توفير الأدوية فى كل الصيدليات باعتبارها حقًا من حقوق المواطن المصرى.

تروى أميرة، محامية، معاناة عائلتها مع ارتفاع تكلفة علاج والدتها المصابة بمرض السكرى منذ أكثر من 25 عامًا. الوالدة التى تبلغ من العمر 59 عامًا تحتاج إلى نوع معين من الأنسولين لم يعد متوفرًا أو فعالًا وقد ازدادت كلفته بشكل كبير.

وتقول: «كنا نستخدم قلم الأنسولين الذى كان يكفى لعدة أشهر، أما الآن فإننا نضطر لشراء ثلاث علب شهريًا بتكلفة 1800 جنيه للأنسولين فقط».

توضح أميرة أن هذه التكلفة أصبحت عبئًا كبيرًا على الأسرة ولا يوجد مصدر دخل ثابت بعد وفاة والدها ويعتمدون على تقاسم المصاريف بين أفراد الأسرة الأربعة.

وتضيف: «مع ارتفاع التكلفة أصبح الوضع مستحيلًا بالنسبة لنا، ونحاول جاهدين العثور على الأنسولين لكن الأمر يتطلب البحث فى عدة صيدليات وأحيانًا يكون علينا دفع رشوة للحصول على الكمية المطلوبة».

تؤكد السيدة الثلاثينية أن الأمر لا يتوقف عند الأنسولين فقط فوالدتها تعانى من مشاكل صحية، منها ارتفاع ضغط الدم التهابات المفاصل، ومشاكل فى الكلى والمعدة، ما يزيد الأعباء المالية بشكل لا يُحتمل.

وتقول: «تكاليف العلاج الشهرى تجاوزت إمكانياتنا، وأرهقت ميزانية أربعة منازل وليست منزلاً واحدًا».

أزمة ارتفاع السعر يؤكد على عبدالله، رئيس مركز الدراسات الدوائية، أن المشكلة الرئيسية بالنسبة للأنسولين المخصص للأطفال المصابين بالسكرى تكمن فى ارتفاع سعره، وليس فى توفره. فالأنسولين المستخدم لعلاج الأطفال هو الأحدث عالميًا، ما يجعله الأعلى سعرًا، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالنوع الأول من مرض السكرى الذى يعتمد بشكل رئيسى على الأنسولين.

ووفقًا لبروتوكولات العلاج، هناك أنواع من الأنسولين المتاحة، وفى حال نقص نوع معين يمكن الانتقال إلى نوع آخر. ومع ذلك، جميع هذه الأنواع تتشارك فى عامل واحد وهو السعر المرتفع.

ويشير عبدالله إلى أن الأطفال المصابين بالسكرى يحتاجون إلى مراقبة دقيقة لمستوى السكر فى الدم بشكل يومى، ما يتطلب استخدام أجهزة قياس السكر وشرايط اختبار.

هذه الأدوات تشكل تكلفة إضافية، وكانت تُصرف فى بعض الفترات من خلال التأمين الصحى، ويبدو أن هناك نقصًا فى تلك الفترة فى توفير هذه الأدوات عبر التأمين الصحى أو على نفقة الدولة.

عبدالله يشدد على أن المشكلة الأساسية بالنسبة لعلاج الأطفال تكمن فى تكلفة الأنسولين الحديث الذى يناسبهم، وليس نقصه بالسوق.

ويضيف أن.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المصري اليوم

منذ 10 ساعات
منذ ساعتين
منذ 7 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 14 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 8 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 5 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 6 ساعات