الحكم الصالح والمؤسسات الخفية

في إطار دراساته الهامة حول أزمة المجتمعات الليبرالية المعاصرة، يصدر هذه الأيام المفكر الاجتماعي الفرنسي «بيار روزنفالون» كتاباً جديداً بعنوان «المؤسسات الخفية»، يتجاوز فيه الجدل التقليدي حول الأشكال الإجرائية للديمقراطية التعددية وأثرها العملي على أهداف الحرية والعدالة التي هي المضمون القيمي للنظام الديمقراطي الحقيقي. النقطة المرجعية التي ينطلق منها روزنفالون هي ما أكده الكثيرون من أن الديمقراطية الانتخابية غدت مجرد ممارسة شكلية لا روح لها في المجتمعات الغربية، كما أن محاولات تصديرها إلى الخارج فشلت حيث كانت في غالب الأحيان واجهة صورية للتسلط والاستبداد.

ومن هنا يبين روزنفالون أن الديمقراطية الحقيقية ليست مجرد مسطرة إجرائية أو شكلا تنظيمياً محضاً، بل تقوم على مؤسسات خفية هي: السلطة والمشروعية والثقة، إذا تحققت كان النظام الديمقراطي متحققاً، وإذا غابت لا عبرة بالتنظيمات والإجراءات المستخدمة ولو كانت صارمة ودقيقة. المشكل في هذه المؤسسات الخفية أنها لا يمكن أن تتجسد في نُظم شكلية أو إجرائية، بل هي حصيلة تفاعلات اجتماعية وتجارب عملية ونتاج مشاعر وتقويمات حية. السلطة، على عكس الاعتقاد الرائج، شرط أساسي في الممارسة الديمقراطية الصحيحة التي تقتضي دولة قوية وقوانين فاعلة ونظاماً متماسكاً مطاعاً. منذ الخطيب والقانوني الروماني سيشرون إلى الفيلسوفة المعاصرة حنة ارندت، وضع المفكرون في الشأن السياسي تمييزاً دقيقاً بين الهيمنة والسلطة.

الهيمنة تحيل إلى التسلط والتحكم والاستبداد، والسلطة تحمل معنى الانقياد الطوعي الناجم عن الاحترام والتقدير، ولذا ربطتها ارندت وفق النموذج الروماني بالتقليد ومرجعية الماضي والموروث.ومع أن عالم الاجتماع الشهير ماكس فيبر ربط عضوياً بين السلطة والشرعية، معتبراً أن ما يميز المجتمعات الليبرالية الحديثة هو قيام شرعية السلطة فيها على المقومات القانونية البيروقراطية، فإن المفهومين متمايزين في الواقع، كما أنه من التعسف التفريق نظرياً بين مفهومي الشرعية والمشروعية على غرار نظرية فيبر التي انتقدها كثيرون في مقدمتهم الفيلسوف الألماني كارل شميت.

لقد ذهب الفكر السياسي الحديث إلى أن المشروعية مفهوم أخلاقي لا سبيل لضبطه وقياسه، ومن هنا ضرورة الاكتفاء بمعايير الشرعية التي هي أدوات إجرائية تنظيمية بحتة. ما يبينه روزنفالون هو أن الديمقراطية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الاتحاد الإماراتية

منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
برق الإمارات منذ 20 ساعة
موقع 24 الإخباري منذ 3 ساعات
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 19 ساعة
موقع 24 الإخباري منذ 20 ساعة
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 22 ساعة
برق الإمارات منذ ساعتين
موقع 24 الإخباري منذ 23 ساعة
صحيفة الخليج الإماراتية منذ ساعتين