في الأدب: خروج المنتصر من التيه

ملف أعده: الفاهم محمد

قد يكون الأدب أحد أفضل الأجناس الفنية التي عبرت عن فكرة المتاهة. فالأبطال الذين يشعرون بالتيه والارتباك والحيرة في تحقيق الهدف المنشود يعج بهم السرد الأدبي: هاملت، راسكولينكوف، هاري بوتر، جريجور سامسا، وآخرون.

تحضر المتاهة أحياناً في الأدب كتصور مكاني/ غابة أو نفق أو قصر قديم، أو قلعة مهجورة، أو حتى مدينة كبيرة. حيث يواجه هؤلاء الأبطال التحديات والعراقيل التي يجب عليهم تجاوزها.

لكن المتاهة أيضاً غالباً ما تحضر كبعد رمزي، حيث تشير إلى تعقيدات والتباسات الحياة ذاتها. كما يمكن للأدب أن يصور لنا هذه الشخصيات، كما لو أنها عالقة في شبكة من الأفكار والمشاعر والتساؤلات والفوضى الذهنية. وفي النهاية تظل المتاهة، كما يعرضها الأدب، رمزاً للرحلة الداخلية التي تخوضها الشخصيات، وهي تبحث عن خلاصها وعن معنى حياتها.

اتبع الأرنب الأبيض فلنبدأ بالمثال الذي بات كلاسيكياً في هذا المجال. نقصد رواية «أليس في بلاد العجائب» للكاتب لويس كارول. تدور القصة كما هو معروف حول فتاة صغيرة تدعى أليس تحلم بأنها تتبع أرنباً أبيض، فتسقط في حفرة تنقلها لعالم خيالي تلتقي فيه بشخصيات غريبة، وتواجه أحداثاً غير متوقعة، كما تكافح من أجل حل الألغاز التي تعترضها. ورغم أن الرواية موجهة أساساً للأطفال، فإنها تتضمن العناصر الأساسية لمفهوم المتاهة.

كان جيل دولوز في كتابه «منطق المعنى»، تناول بالتحليل هذه القصة، مؤكداً أنها تمنحنا عالماً خاصاً تقتضي مقاربته التفكير فيه بطريقة مغايرة. في نظره عالم المؤلف لويس كارول يتجاوز المنطق التقليدي، الذي يظل تبسيطياً، ويميز بين الصحيح والخطأ؛ لأنه يعرض عالماً أكثر تعقيداً، عالم تتغير أحداثه باستمرار، كما أنه يظل زاخراً بالاحتمالات المفتوحة على المستقبل. مع كشف المراوغات التي يقوم بها الزمان، حيث يتحول الواقع إلى: «صيرورة محضة، صيرورة خالصة بلا قياس، صيرورة محضة بلا قياس، صيرورة حقيقية لا تتوقف أبداً، في الاتجاهين في آن واحد، تراوغ الحاضر دائماً، تجعل المستقبل يتطابق مع الحاضر، جاعلاً المستقبل والماضي متلازمين».(1)

في عالم أليس، نلاحظ حضور التيه والحيرة والبحث عن النمو الشخصي، والشيء المفقود والحقيقة المخفية. إضافة إلى غرابة الزمن والوجود، إذ نجد التغير المفاجئ للزمن وتلاشي الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال. بل وكافة الألاعيب التي تتحدى المنطق الغريب، هو أن لويس كارول عالم رياضي ومنطق مثل تغير حجم الأشياء وتحطيم قواعد اللغة، وانزياح الكلمات عن دلالاتها المعتادة. إضافة إلى الأحداث اللامعقولية والتي تتحدى قوانين الفيزياء. وفي خضم كل العالم الغريب والمثير للدهشة لا يسع أليس إلا أن تتساءل: «من أنا في هذا العالم؟ هذا هو اللغز الكبير».

إمكانيتان أمام الفلسفة

ويجيبها هاملت من مسرحية شكسبير: «ما هذا الجوهر المستخلص من الغبار «what is this quintessence of dust؟ صحيح أن الإنسان قد شكل جسده من الطمي والتراب وهو مادة عابرة وزائلة، أو كما كان يقول عالم الفضاء الأميركي كارل ساجان: نحن غبار النجوم. لكن الماهية التي تميزنا في هذا العالم هي أننا أرواح، فهذا هو الجوهر الذي يشكل الجانب غير المادي من وجودنا. والذي يتجلى في جانب القيم والمعنى والحقيقة أن هذه الروح لا يمكن أن تنتهي حدودها عند ما هو معطى، بل هي تتجاوز كل ما يمكن أن يحيط به الإدراك العقلي المحدود.

يخبر الحراس هاملت أن ثمة شبحاً شبيهاً بوالده يلاحقهم في الليل، فيقرر التأكد بنفسه. وعندما يخبر الشبح أن عمه كلاوديوس قد قتله وتزوج أمه كي يستولي على العرش، يحكي هاملت هذا الأمر للحارس هوراشيو، غير أن هذا الأخير يستنكر ما قاله الشبح، ويحاول إقناع هاملت أن الأمر ربما لا يعدو أن يكون خدعة، عند ذلك يصرح هاملت بهذه الفكرة التي يمكن القول إنها تلخص على نحو بارع جوهر ما نود بسطه في هذا المقال: «ثمة أشياء كثيرة بين السماء والأرض، يا هوراشيو مما لا يمكن أن تحلم به فلسفتك».

نعم هكذا هو الأمر، هناك إمكانيتان أمام.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الاتحاد الإماراتية

منذ ساعتين
منذ 5 ساعات
منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 5 دقائق
منذ 5 ساعات
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 16 ساعة
وكالة أنباء الإمارات منذ ساعتين
صحيفة الاتحاد الإماراتية منذ ساعتين
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 14 ساعة
شبكة أبوظبي الإخبارية منذ 36 دقيقة
صحيفة الاتحاد الإماراتية منذ 4 ساعات
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 11 ساعة
موقع 24 الإخباري منذ 3 ساعات