الزمن المهم #مقالات

قرأتُ أنَّ الصينيَّ القَديمَ كان حينَ يَغضبُ على أحدٍ ما يقول: «اللهم عَيّشه في زَمنٍ مُهم»، أي أدخله في دائرةٍ الاهتمام التي تَجعله قَلِقًا. وبهذا يكونُ الدعاءُ له وعليه في آنٍ واحد، فإن أراد الإنسان أن تكون حياته جزءا من العيش المدني الحديث فهو دعاء له، وإن أراد أن تكون في مكان آخر فهي عليه، وأقولُ مكانًا آخر؛ لأنَّ لفظَ (التهميش) هو جزءٌ من تاريخِ تقديسِ أهمية الحياة المدنية المعترف بها في العقل العام؛ ومن هنا نلاحظ أنَّ الحركةَ السياسيةَ الشهيرة (حياة السُود مهمة)، أرادت أن يَعترفَ البيضُ بأهميةِ وجود السُّود ضمن حياةِ التاريخِ المَدني.

إذن نحن أمام سيرورة للفظِ (مهم)؛ فقد يأتي بمعنى المُحزن المُقلق، كما قال تأبَّطَ شَرًّا: «قليل التَشكّي للمُهمّ يُصيبه»، أو يأتي بمعنى العظيم الشّديد، وكلا المعنيين يُشيران إلى شَيءٍ لم يَكُن يُرى، ثم صَار مرئيًا، كمثلِ حياةِ السُودِ التي يُراد لها أن تكون مُهمّة، أي مرئية معترفًا بها.

والسؤال: من عاشَ في حياةٍ مهمةٍ هل هو مُعاقب كما دعا ذلك الصّيني، أم هو مُثاب كما هي إرادة السُود؟ هذا القلق بين رغبة أن تكون مهمًا، وألا تكون، هو سبب اختيار الإنسان لنفسه حياة مهمة، وفي الوقتِ نفسِه يَغبطُ من كان خارج الحياة المهمة، بل يتمنى حياته. ولا أدلَّ على هذه الازدواجية من أنَّ القلقَ مصاحب لمن كان في منصبٍ مهم، ومصاحب لمن هَمَّشَه المجتمع المدني، إلا أنَّ من عاش في حياةٍ لا تَخضع لعرفِ الأهميةِ المَدنيّة فعليًا، فإنَّه يتمنّى أن يُنسَى تَمامًا، كما قال محمود درويش: «فأشهد أَنَّني حيُّ، وحُرُّ، حين أُنْسَى»، والنسيان هنا هو ألا تُعاقَب بالأهمية ولا بالتهميش، ألا نُلاحظ أنَّ مريم قالت: «يا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنتُ نسيًا منسيّا»؟ أي لا مُعاقب ولا مُثاب، لكن تحضر الآية الأخرى: «أيحسب الإنسانُ أن يُترك سُدى» لتُبينَّ أنَّ أمنيةَ أن تكون في منطقة فريدة هي أشبه بالإنجاز (الفردي) المستحيل، وقد جاء في خزانةِ الأدبِ أنَّ لفظَ (سُدى) مرتبطٌ بالإِبل المُهملة التي لا يردهَا أحد، فهي (السُدى)؛ لأنَّ صاحبَها يَذهب بها إلى مكانٍ بعيد، ويَربطها رباطًا خَفيفًا، ثم يتركها، ولما تَفكُّ الإبلُ وثاقَها تَهيم حتَّى يأتي أجلُها. وسبب ربطه إياها؛ كي لا تتبع آثارَه وتَعود إليه؛ وهذا يُشبِه فعلَ الإنسانِ المُهَمّش وهو يتّبع خطواتِ المُهمّين في الحياةِ المدنية، كأنَّ صاحبَ الإبل وهو يَربطها يقول لها إني موكولٌ بكِ وها أنا أربطكِ لأعود إليكِ، وهي تفهمه هكذا: «سأذهب وأعود...»! ولكن لا يعود، وسيبقى سؤال: «هل الآيةُ طمأنينةٌ أم تخويف»؟ سؤال يطرح مفهوم الرعايةِ في الحياة، فالإنسانُ قد يعيش ازدواجيةً بين رغبةٍ بالناس ونفور منهم، رغبة بأن يُرعى ورغبة بأن يُنسى، وهذه خاصية تجلّت في زمنِ الأهميةِ المزيفةِ والحقيقيةِ في.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 10 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
صحيفة عاجل منذ 9 ساعات
صحيفة عاجل منذ 12 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 13 ساعة
صحيفة سبق منذ 9 ساعات
صحيفة عكاظ منذ ساعتين
صحيفة عكاظ منذ 13 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 20 ساعة
صحيفة سبق منذ 7 ساعات