مدارس البنات تتحول إلى مدارس للمشاغبات

أثار مقطع فيديو ظريف انتشر أخيراً في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يرصد محاولة هروب طالبات صغيرات من وراء أسوار مدرسة ابتدائية، وسط ضحكات الأطفال البريئة من المحاولة الفاشلة؛ تساؤلات مجتمعية عدة حول السلوكيات الطارئة التي باتت تنتشر لدى الطالبات، وفتح هذا الموضوع آفاقا أوسع للتفكير في المتغيرات التي طرأت على سلوكيات الناشئة، وعلى الأخص الفئة الناعمة والخجولة.

ورأى بعضهم أن هذه التغيرات السلبية ناتجة عن عدم إدراك للمعنى الحقيقي لفكرة المساواة بين الجنسين، وهو ما رسخ ـ على نحو منحرف ـ في نفوس البراعم من الفتيات اللواتي يرين أنهن قادرات على مجاراة أي مخاطرات يقوم بها الأولاد، فيما رأى آخرون أن الأمر لا يعدو أن يكون نتاج تأثير السوشال ميديا والانفتاح على الآخر، ومحاولات التقليد دون حدود أو قيود.

في المقابل، رأى مختصون في علم النفس أن بعض هذه السلوكيات ناشئة عن اضطرابات نفسية يعود بعضها لفطرة إنسان الكهف الذي تدفعه غريزته إلى المخاطرة لأجل البقاء، أو لجلب منفعة كجذب الانتباه والشهرة، وكذلك لدفع الضرر كالتنبيه بوجود خطر في المحيط العائلي أو بيئة الطالبة في حال حصرنا هذه السلوكيات في نطاق طلبة المدارس فقط.

ونقلاً عن أولياء أمور ممتعضين من هذه السلوكيات في بيئة المدرسة تحديداً، فإن هناك أوجه عدة للمتغيرات التي طرأت على الفتيات، منها التعدي على الزميلات سواء لفظيا أو سلوكيا أو جسديا، وأرجعها بعض المتخصصين إلى حانة التنمر على الآخر.

وتجلت المتغيرات كذلك، بجرأة الطالبات على استخدام الشيشة الإلكترونية وتهريبها معهن إلى مدارسهن، واستخدامها في أوقات الفراغ أو الفسح المدرسية، وكذا الجرأة على إدخال الآيبادات أو الجوالات واستخدامها في تصوير المعلمات أو الطالبات، وهو ما دخل في مفهوم المخاطرة، وحب المسارقة، وجميعها سلوكيات تدل على الاضطرابات النفسية وتحتاج إلى العلاج والمتابعة.

حكاية طالبة

يشير هاني أحمد إلى أن ابنته طالبة السنة الخامسة الابتدائية وجدت كتبها ممزقة بعد عودتها من فسحة المدرسة، وفي اليوم التالي وجدت رسالة تهديد في حقيبتها تشير إلى أنها ستكون ضحية للاعتداء بالضرب في المرة المقبلة.

وبين أن خوف الفتاة الصغيرة دفعها إلى إبلاغ والدتها بعد عودتها من المدرسة التي بادرت بدورها إلى الذهاب معها إلى المدرسة في اليوم الذي تلاه، والتوجه للإدارة لاكتشاف فاعلة هذه التصرفات، وفي مدرسة تضم مئات الطالبات كان الوضع أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش، فلم تفد كل تحقيقات الإدارة في الأمر للوصول إلى الطالبه المعتدية.

ولفت «أراد الله لابنتي أن يهدأ قلبها بعد أن تم التعرف على الطالبة المعتدية، من قبل طالبات انتبهن لها وهي تقوم بذات التصرف لطالبة أخرى، وقمن بإبلاغ الإدارة التي اكتشفت فيما بعد أن الطالبة تعاني من مشاكل عائلية».

مؤثرات فطرية

بهذا الخصوص، قال الاختصاصي النفسي محمد سليس «هناك جانب جذري يعود إلى فطرة الإنسان، حيث يرى علماء النفس أن كل تصرفات وسلوكيات وممارسات الإنسان تعود إلى جذر متعمق في النفس البشرية منذ إنسان الكهف الذي كان يصارع لأجل البقاء فإذا تغيرت البيئة تمظهرت هذه السلوكيات بصور أخرى قد تكون إيجابية أو سلبية بحسب الموقف وتأثير المحيط العام بالإنسان».

ولفت إلى أن سلوكيات حب المخاطرة للجنسين قد تظهر في جوانب مختلفة منها المخاطرات المالية، والدخول في المشاريع، والتغير البيئي بالانتقال من مكان إلى آخر، وهذا ينطبق على الشباب والناشئة كتغيير بيئة المدرسة، أو الانتقال من فصل إلى آخر، وتغيير الأصدقاء فتتغير سلوكيات الطالبة تبعاً لهذا التغيير، وقد يكون في مخاطرة التغيير جانب إيجابي مهم إذا ما صاحبها متابعة واهتمام من الأهل وهو اكتشاف الذات، والتأقلم مع المتغيرات، أما إذا تركت الطالبة لتكون في مهب التغيير وحدها، فهنا قد ينتج إما الانطواء، أو السلوك العدواني.

نظام عصبي

يكمل سليس «في الجانب النفسي يذكر علم النفس العصبي أنه يوجد في الدماغ نظام عصبي يسمى نظام الدوبمين المؤثر على السلوك بحسب ذروة نشاطه، حيث ينطلق الإنسان ولا شيء يكبح جماحه، وهو ينشط منذ سن البلوغ حتى الأربعين بسبب زيادة هذا النظام في الدماغ والأعصاب، ويمكن تخفيف السلوكيات الناجمة عن نشاط هذا النظام بالعلاج الدوائي والمعالجات السلوكية كذلك».

وأوضح «يمكن السيطرة على المبادرة بالمخاطرة في السلوكيات إذا عرفنا مصدرها، وبالتالي انعكاسها وتأثيرها في الطالبة؛ فمثلاً الاعتداءات وشرب الشيشة قد تكون للشهرة، إذ يسهل على الطالبة عبرها كسب شهرة سيئة، بدلاً عن العمل بجد والمثابرة في الدراسة لاكتساب سمعة طيبة، وقد يرجع ميل الطالبة للشهرة السيئة لعدم اكتراث الأهل وقلة اهتمام العائلة كأن يكون الوالدان منفصلين، أو أنها تتعرض إلى ضغوط نفسية في المحيط بها».

وأضاف «أيضاً أحد الأسباب هو التحفيز التفاؤلي الذي يشجع الطالبة على ارتكاب السلوكيات السلبية، وممارستها كنوع من التحدي الذاتي، وإبراز القوة بأنها ستفلت من العقاب، وفي غالب الأحيان تكون الطالبة المشاغبة والقوية قد جهزت واستعدت لتقديم كبش فداء من زميلاتها، وفي جانب آخر هنالك حب المسارقة حيث تنتعش الطالبة بالممارسات العدوانية، وهو ناتج عن اضطرابات نفسية، وتعرف بهذه الحالات الطالبات منذ سن 16 سنة».

مؤثرات سلوكية

أردف سليس «يمكن تصنيف الحالة العدوانية لدى الطالبة من خلال متابعة تصرفاتها، وفي حال ملاحظة عدم اكتراثها بالعقاب أو القوانين، فهنا تحتاج إلى معالجة سلوكية مكثفة».

وعن تأثير الفهم الخاطئ لفكرة المساواة بين الجنسين في نفس الطالبة، قال «لها دور كبير في تغيير الفكر، وبالتالي تنعكس على السلوك، فالإنسان كائن مقلد أكثر مما هو مبتكر، وفي اللاوعي منه قد يسعى لتقليد الآخر المؤثر، وقد تعطيه متابعة السوشال ميديا فكرة فيقلدها، ويضيف عليها ما يتناسب مع شخصيته ببعض من التعديل، ومنها استخدام الشيشة الإلكترونية التي تدخل ضمناً في إطار الإقدام على المخاطرة في السلوك، وغالباً هي من تأثير تقليد الأصدقاء، وتغيرات المحيط، والسوشال ميديا».

هيبة المشاكسة

بعيداً عن السلوكيات المستحدثة في البيئة المدرسية للبنات، نجد أن.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 5 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعتين
صحيفة عاجل منذ 12 ساعة
صحيفة سبق منذ 11 ساعة
صحيفة سبق منذ ساعة
صحيفة عاجل منذ 8 ساعات
قناة الإخبارية السعودية منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 16 ساعة
صحيفة سبق منذ 10 ساعات
صحيفة سبق منذ 11 ساعة