الشافعي الحمال. أنس الرشيد #مقالات

في ضَجيجِ مُؤلفاتِ السنين الغَابرة نجد مقولاتٍ ضائعة، لا يُعرف لها نَسب، وهذا ليس بغريبٍ، إنَّما الغريب أن تُنسَب هذه المقولات إلى أشخاصٍ بعينهم، وكأنَّهم آباء كُلِّ يَتامى المقولات، وعلى رأسِ هؤلاء محمد بن إدريس الشَّافعي، ويَهمُ المقالة أن تُشير إلى مقولةٍ مُحَدّدة نُسِبَت إليه وهي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خَطأ يحتمل الصواب»، على أنَّها انتشرت كالنارِ في الهَشيم بوصفها مقولةً شافعيَّة تُعبِّر عن منطقِ الاحتمال المعرفي، وكأنَّ ثمةَ تَواطؤ -لا واعٍ- على أن يُعترف بهذه المقولة -تحديدًا- بكونها سلفيّة؛ لأنَّها تُعبّر عن منطقٍ احتاجه العَصر الإسلاميُ الحديث، وهو منطق الاحتمال المعرفي الذي يُسَاعِد على فَتحِ ثَغراتِ معيشيّة للحياةِ العصريةِ المدنية.

للاحتمالِ معنى قديم، تستخدمه العربُ كقولهم: «التوكيد يُفيد نفي احتمال المجاز»، لكنَّ الاحتمالَ الذي تقصده المَقالةُ هو معنى ضيّق جاء مع تاريخِ (اللا يقين)، في سياقِ تطور نظريةِ المعرفة المرتبطةِ بالعلم والفلسفة. ويُمكن أن أُقاربَ لكلامي بالسرديةِ التي تربط الفيزياء بنظرية المعرفة؛ إذ لما سادت في أوروبا قوانين نيوتن أدّى ذلك إلى تسيّد (السببية) لكلِ نظرٍ معرفي، ولمَّا جاءت ثورةُ ميكانيكا الكمّ مع القرن العشرين، وأوضحت أنَّ كلَّ حادثٍ ذرّي تحكمه قوانين الاحتمال لا السببية، صار العقلُ يَضع في تصوره احتمالات لليقينِ المعرفي، أوصلته إلى نتيجة (اللا تحديد) كما أشار هايزنبرج.

إذن الاحتمال في سيرورة هذا المعنى الضيق، سيتعارض مع المعرفة اليقينية التي كان يصبو إليها الشافعيُّ وهو يُؤسِسُ لعلم أصولِ الفقه، والنظر المعرفي، وقد روى عنه أحمد بن حنبل أنَّه «لا يشتهي علم الكلام، وإنما همّته الفقه»، ولكي يُغلِق الشافعيُّ بابَ الاحتمال -الذي يجلب إمكانية النقيض- لجأ إلى تأييدِ دليل الإجماع بوصفه طريقًا يقينيًا، وتحريمه مصدريّة (الاستحسان)؛ وهو العدول عن قياسٍ جليّ إلى قياس خفي، أو أن تُستثنى مسألةٌ جزئية من أصلٍ كلي لدليلٍ خاص، وهذا سيدخل في بابِ الاحتمال الذاتي الذي ينبع من دواخلِ النَّظر المَعرفيّ الحسّي، ذلك النظر الذي رفضه سُقراط؛ لأنَّه دليلٌ سُفسطائيٌّ، يعتمد على حاسّةِ الإنسان، وحاسّتُه تختلف من شخصٍ إلى آخر.

وهذه المقولةُ المنسوبةُ إلى الشَّافعي تنصَّ على الذاتيةِ «رأيي صواب يحتمل الخطأ»، وهذه الذاتيةُ قد تظهر بأنَّها تتبرأ من يقينيّةِ الذات، وتُنصِف الجماعةَ، وبهذا يكون الشَّافعي متّسقا مع اهتمامه بالإجماع، لكنَّ الشَّطرَ الثَّاني من المقولة «ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» لا يُسَاعد على هذا التأويل، لأنَّ مفهوم (الغير) هنا مفهوم أحدثُ من عصر الشافعي، فضلًا عن كونه لا يُناسِب العقليةَ الشافعيّة لمن عرفها جيدًا؛ لهذا رأت المقالةُ أنَّ هذه المقولة من صناعةِ الفلسفةِ الإسلامية الحديثة، للخروجِ من كثيرٍ من المآزقِ المعرفية في ظلِّ التغيرات المتلاحقة.

ولبيانِ مصدر إلصاقِ هذه المقولة بالشَّافعي، لا بُدَّ من التذكيرِ بأنَّ الشَافعيَّ بالنسبةِ للعلم الشرعي كأرسطو.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
صحيفة عاجل منذ 7 ساعات
صحيفة عاجل منذ 18 ساعة
صحيفة سبق منذ 3 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 3 ساعات
صحيفة سبق منذ ساعتين
صحيفة سبق منذ 21 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 5 ساعات
صحيفة الوطن السعودية منذ ساعة