مقالات الشروق| داليا شمس: كراكيب السيد محسن -كان يدور فى المنزل، أفكاره موزعة بين ذكريات الماضى وهبات الحاضر وحظر التجوال المفروض على المدينة، وهو غير قادر على أن يفعل شيئا. السيد محسن بوسعه أن يكتب مجلدات كاملة عن ونس العيش وسط فوضاه.. المقال كاملا

كان يدور فى المنزل، أفكاره موزعة بين ذكريات الماضى وهبات الحاضر وحظر التجوال المفروض على المدينة، وهو غير قادر على أن يفعل شيئا. السيد محسن بوسعه أن يكتب مجلدات كاملة عن ونس العيش وسط فوضاه وأشيائه التى كدسها عبر الزمن، وعن الرضا بوجود هذه المقتنيات مهما بلغت تفاهتها. راح يلف ست مرات حول المكتب الخشبى العريض، بالدور العلوى، الذى يطل منه على كامل تفاصيل البيت، وكأنه يجلس على شرفة داخلية، فهندسة المكان خاصة جدا: غرفة المكتب واسعة مفتوحة، ومن خلفها غرفة النوم الرئيسية والوحيدة فى هذا الطابق، وسلم حلزونى يقودنا إلى أسفل حيث صالة المعيشة ومائدة الطعام المستديرة والمطبخ وحجرة أخرى للضيوف إلى جوار الباب.

إيقاع الموسيقى يعلو ويهبط، يحمله، يؤرجحه... يستمع إلى عازفة التشيلو الفرنسية البلجيكية كاميل توماس التى اكتشفها قبل سنوات قليلة وهى تؤدى لحنا شجيا لدونيزيتى من أوبرا «أكسير الحب»، بعنوان «دمعة عابرة» (aria Una furtiva lagrima)، تقول نهاية كلماتها: «أيتها السماء، أنا مستعد للموت الآن، لست أطلب المزيد». يعترف أن اليأس قد احتل قلوب الجميع، وهو نفسه لا يعلم إن كان سيحتمل حتى حلول الظلام. يلتهى بأوراقه الصغيرة المتناثرة هنا وهناك، وآلاف الكتب المرصوصة على الأرفف، ربما لم يقرأ نصفها أو نسى وجوده لأن بعضها يخفى البعض الآخر فلا يتبين ما وراءه، لكنه لم يتخلص قط من ما ليس له قيمة، فهذا ليس من خصاله. لطالما ردد عبارة أينشتاين: «المكتب المزدحم بركام من الأوراق يدل على ذهن مزدحم، فعلام يدل إذًا المكتب الخاوى؟«، اعتاد أن يرد على هذا النحو ممازحًا الذين يسخرون من فوضاه وأشيائه المبعثرة التى لا يذكر على وجه الدقة تاريخ استيطانها المنزل. الكثيرون منهم لا يتوانون عن الاستناد إلى كتابين تحديدا، وهما «فن التخلص من الأشياء»، و«سحر الترتيب»، وكيف يسمح اتباع نهجهما إلى التحرر من الماضى وتوفير مساحة لما هو آتٍ، ويتشدقون بنظريات علم النفس المتعلقة بالاكتناز القهرى أو اضطراب التخزين الذى يعطل الحياة ويعطى إحساسا بعدم الراحة ويؤثر سلبا على الأشخاص، فى حين يرى أنه قد يشعر بالقلق والضغط النفسى بدون هذه الكراكيب، والتفريط فيها مرتبط عنده بالألم، بل يتصور أن التخلص منها يشبه إلقاء واحد من الأحباب فى سلة المهملات.



يرتفع صوت عزف التشيلو مع سيرة الأحباب، وتتسلل إلى نفسه موسيقى شوبان هذه المرة، مصنف رقم 25 على سلم المينور الحزين، فتتهادى أمام عينيه ذكريات الصبا والطفولة عبر الصور المعلقة على الجدران أو تلك الموضوعة بعناية فى صناديق صغيرة يغطيها تراب خفيف. يمسك بقميص قديم، لم يستطع التفريط فيه لارتباطه به عاطفيا.. تنتهى المقطوعة، لكن يظل صداها بداخله، بعض مؤلفات شوبان المعروفة اكتسبت اسما رمزيا مع الوقت،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جريدة الشروق

منذ 3 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
قناة العربية - مصر منذ 22 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 3 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 3 ساعات
موقع صدى البلد منذ 7 ساعات
موقع صدى البلد منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 5 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 4 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 15 ساعة