السياسة والقانون في الأزمة الليبرالية الراهنة

في كتابه الأخير «العقدة الديمقراطية»، يواصل الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي مارسيل غوشيه تفكيك أزمة المجتمعات الليبرالية الغربية، رافضاً اختزالها في صدام الاتجاهات النيوليبرالية والشعبوية كما يرى الكثيرون. وبالنسبة لغوشيه، ترجع جذور هذه الأزمة إلى التناقض المتزايد بين مبدأي الديمقراطية الليبرالية ذاتها وهما: الذاتية الفردية الحرة المحمية قانونياً ومؤسسياً، وسيادة الدولة بصفتها التعبير عن الإرادة المشتركة المطلقة. لقد نجحت في السابق الصياغاتُ التأليفية بين هذين المبدأين، وفي الوقت الحاضر انهارت هذه الصياغات بانتقال معيار السيادة من الأمة إلى الفرد الذي غدا محورَ العمل السياسي بكامله. ومن هنا يخلص غوشيه إلى القول بأن الحركية الديمقراطية قامت في السابق للوقوف ضد تجاوزات السلطة الاستبدادية المطلقة، وهي اليوم تواجه تحدياً مماثلاً للوقوف ضد تجاوزات الفردية الحقوقية والقانونية التي هي في طور ابتلاع السياسة.

وفي هذا الكتاب، يستعيد غوشيه الجدلَ الكبير الذي ولّده ما سماه البعض «ديكتاتورية القضاء»، أي الاتجاه المتنامي في البلدان الغربية لتخويل المؤسسة القضائية سلطاتٍ تتجاوز نطاقَها المحدد في نظام الفصل بين السلطات الذي هو الخلفية العميقة للديمقراطية الليبرالية.

وهذا الإشكال في واقع الأمر إنما ينبع من سؤال محوري يتعلق بمرجعية القانون في النظام الليبرالي الحديث، باعتبار أن القانون انفصل من جهة عن المدونة العقدية والتشريعية المقدسة، في الوقت الذي أصبح فيه المضمونَ الوحيدَ للمواطَنة في الدولة المدنية المتشكلة من التوافق الاجتماعي الحر. ومن هنا السؤال الأساسي حول مصدر القانون في مجتمع سياسي ينبع من داخل التركيبة الاجتماعية نفسها، هل هو نتاج توافق محدود وجزئي بين إرادات ذاتية وفق مصالح ومواقف مرحلية ضيقة، وبالتالي ليس له سقف معياري محدد، أم هو التعبير عن مضمون عقلاني ثابت لقيم جماعية مدنية مشتركة، كما ترى المدرسة القانونية الوضعية، بغض النظر عن مسطرة اعتماده الإجرائية؟

لقد طرح هذا السؤال بقوة في الفكر الليبرالي الحديث، منذ هوبز وروسو، فذهب أولهما إلى التمييز بين الحق الطبيعي من حيث هو قائم على الإرادة التعاقدية الحرة المتجسدة في الإذعان الطوعي لسلطة الدولة القهرية الضامنة للسلم الأهلي، وبين.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الاتحاد الإماراتية

منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعتين
موقع 24 الرياضي منذ 3 ساعات
برق الإمارات منذ 15 ساعة
خدمة مصدر الإخبارية منذ 13 ساعة
وكالة أنباء الإمارات منذ ساعتين
الإمارات نيوز منذ 4 ساعات
وكالة أنباء الإمارات منذ 52 دقيقة
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 20 ساعة
موقع 24 الرياضي منذ 3 ساعات