ماذا يعني فوز دونالد ترامب للاقتصاد الأميركي؟

يطلق الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب سلسلة من الوعود الاقتصادية خلال حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية.

تتعلق وعود ترامب بإحياء اقتصاد الولايات المتحدة من خلال تغييرات جذرية في السياسات التجارية والضريبية، وتتمحور رسالته حول إلغاء الضرائب على الإكراميات ومزايا الضمان الاجتماعي، إضافة إلى خفض كبير في معدل ضريبة الشركات.

يؤكد الرئيس الأميركي السابق أن هذه الإجراءات لن تعيد فقط الوظائف إلى الأراضي الأميركية، بل ستعمل أيضًا على تقليل التضخم، وهي نقطة يبرزها بشدة مع معاناة العديد من الأميركيين من ارتفاع الأسعار.

ومع ذلك، يتوقع بعض الاقتصاديين، وفقًا لتقرير نشرته مجلة «تايم» البريطانية، أن سياسات ترامب قد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد تؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم.

التعريفات الجمركية على الواردات

تعد مقترحات ترامب المتعلقة بفرض تعريفات جمركية جديدة تحولاً حاداً بعد عقود من السياسة الاقتصادية الأميركية، إذ تشمل الخطط فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و20% على جميع الواردات، وقد تصل إلى 60% على السلع المستوردة من الصين، فيما يعده ترامب حماية للوظائف والصناعات الأميركية، وتشجيعاً للإنتاج المحلي وتقليلاً من الاعتماد على السلع الأجنبية.

خلال فترة ولايته الأولى، فرض ترامب تعريفات جمركية على الصلب والألومنيوم، وأشار إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي، إذ تم تحديد التعريفات في البداية عند 25% على الصلب و10% على الألومنيوم، وقد أثارت هذه الخطوة ردود فعل انتقامية من كندا والاتحاد الأوروبي؛ ما أضر بالمزارعين الأميركيين نتيجة استهداف صادراتهم الزراعية.

يشير خبراء الاقتصاد، بحسب تقرير «تايم»، إلى أن فرض تعريفات جديدة قد يؤدي إلى رد فعل انتقامي إضافي من الشركاء التجاريين؛ ما يهدد بنشوب حرب تجارية جديدة، ويخلق دوامة من التوترات الاقتصادية التي قد تضر بالاقتصاد الأميركي والعالمي.

يؤكد أستاذ التجارة والاستثمار بجامعة هارفارد الأميركية، روبرت لورانس، أن مثل هذه الإجراءات ستنتهك التزامات الولايات المتحدة تجاه منظمة التجارة العالمية، والتي تلزم الدول بعدم رفع تعريفاتها الجمركية فوق مستويات معينة، موضحاً: «لا شك، بناءً على التجربة السابقة، أن الأجانب ينتقمون عندما نرفع التعريفات، خصوصاً عندما يشعرون أننا لم نتبع القواعد في ذلك».

تأثير على الأسواق والأسعار

يحذر الخبراء من أن إستراتيجية فرض تعريفات جمركية شاملة قد تؤدي إلى انخفاض كبير في أسعار الأسهم، خصوصاً بالنسبة للشركات الأميركية متعددة الجنسيات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية. وقد أشارت تقديرات بنك UBS الاستثماري إلى أن التعريفات بنسبة 10% قد تؤدي إلى انكماش السوق بنسبة تصل إلى 10%.

يزعم ترامب أن سياسات التعريفات الخاصة به ستسهم في خفض التضخم وتقليل تكاليف المعيشة للأسر الأميركية، مع اعتقاده أن هذه التعريفات سيتم امتصاصها من قبل المنتجين الأجانب؛ ما يعني أن التكاليف المتزايدة لن تؤثر على المستهلكين الأميركيين. لكن العديد من الاقتصاديين يؤكدون أن المستهلكين عادة ما يتحملون التكلفة النهائية للتعريفات، حيث يتم تمرير هذه النفقات إلى المستهلك. ويقول لورانس: «لا شك في أن الاتجاه هو أن السلع المستوردة سترتفع أسعارها، وحتى السلع غير المستوردة بشكل مباشر ستتأثر، لأنها تكون بديلاً للسلع المستوردة».

التخفيضات الضريبية

مع اقتراب انتهاء بنود التخفيضات الضريبية التي وقعها ترامب في 2017، والتي من المقرر أن تنتهي في عام 2025، يخطط المرشح الجمهوري للرئاسة لإعادة جميع هذه التخفيضات وخفض الضرائب بشكل أكبر على الأفراد والشركات إذا أُعيد انتخابه. ترتكز سياسته الضريبية على وعد بتخفيضات شاملة تشمل إلغاء الضرائب على الإكراميات ومزايا الضمان الاجتماعي، إضافة إلى خفض معدل ضريبة الشركات من 21% إلى 15%. ويرى ترامب أن ذلك سيحفز النمو الاقتصادي ويوفر فرص عمل جديدة.

من ناحية أخرى، يقول المعارضون إن خطط ترامب الضريبية ستوفر الفوائد بشكل أساسي للأفراد ذوي الدخل المرتفع، في حين أن دافعي الضرائب من الطبقات المتوسطة والمنخفضة لن يحصلوا على فوائد تذكر. ويشير تقرير مجلة «تايم» إلى أن التخفيضات قد تزيد من الفجوة الاقتصادية وتخلف آثاراً سلبية على التمويل الحكومي في المستقبل.

التأثير على الاحتياطي الفيدرالي

أعرب ترامب في أكثر من مناسبة عن استيائه من سياسات رفع أسعار الفائدة التي اتبعها «الاحتياطي الفيدرالي» خلال ولايته الأولى، وأبدى رغبته في التأثير بشكل أكبر على قرارات هذه المؤسسة المستقلة، فيما يشير تقرير «تايم» إلى أن هذا الموقف يثير مخاوف بين الاقتصاديين من أن تدخل ترامب قد يقوض استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي» ويضر باستقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

ترحيل المهاجرين وتأثيره على الإسكان

تعهد ترامب ونائبه جاي دي فانس بتنفيذ أكبر برنامج ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، زاعمين أن هذا الترحيل للمهاجرين غير الموثقين سيؤدي إلى خفض أسعار الإسكان. وكان فانس أكد خلال مناظرة نائب الرئيس: «لدينا أسعار إسكان لا يمكن تحملها لأننا أدخلنا ملايين المهاجرين غير القانونيين للتنافس مع الأميركيين على منازل نادرة».

رغم ذلك، يشير تقرير «تايم» إلى أن خبراء الاقتصاد يرون أن العلاقة بين الهجرة وأسعار الإسكان ليست واضحة بشكل كبير. ويخشون من أن ترحيل العمالة المهاجرة قد يؤدي إلى نقص في اليد العاملة؛ ما يرفع من تكاليف الإنتاج ويؤدي إلى زيادة في الأسعار بدلاً من خفضها.

تخفيض تكاليف الطاقة

أخذ ترامب على عاتقه أيضاً خفض تكاليف الطاقة إلى النصف خلال عام من توليه منصبه، معتبراً أن هذا الخفض هو المفتاح لتقليل التضخم وتحسين مستويات المعيشة. وذكر في حديثه بنادي نيويورك الاقتصادي «الطاقة كانت السبب الرئيس لمشكلتنا في البداية، وستكون الطاقة هي ما يعيدنا».

ورغم هذه الوعود، يشكك الاقتصاديون في قدرة ترامب على تحقيق هذا الهدف، خصوصاً في ظل تقلبات سوق النفط العالمية والعوامل التي تؤثر على الأسعار. ويشير أستاذ الاقتصاد بجامعة سيراكيوز الأميركية، كارل شرام، إلى أن خفض تكاليف الطاقة يمكن أن يسهم بالفعل في تقليل تضخم أسعار الغذاء، لكن تحقيق ذلك يتطلب استقراراً في أسواق الطاقة العالمية.

في النهاية، تأتي هذه الوعود في إطار مساعي ترامب لاستعادة ثقة الناخبين من خلال تقديم رؤية اقتصادية بديلة. إلا أن تقرير «تايم» يشير إلى أن هذه السياسات قد تكون محفوفة بالمخاطر الكبيرة على الاقتصاد الأميركي، وتتطلب تنفيذاً دقيقاً لتجنب التأثيرات السلبية المحتملة. ويرى العديد من الخبراء أن وعود ترامب، رغم جاذبيتها للبعض، قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية صعبة إذا لم تُنفذ بعناية ووفق توازن اقتصادي مدروس.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 15 ساعة
منصة CNN الاقتصادية منذ 15 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 17 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 8 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 12 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 17 ساعة