لم يكتفِ «بحيري» بوصف الإسلام بأنَّه «قطعة من اللؤلؤ في بحر من الطين»، في برنامج «توتر عالي» في قناة المشهد؛ إذ سبق وأنْ وصف الإسلام في برنامجه «إسلام حر»، بأنَّه: «أكبر دين دمويٍّ في العالم.. كيف سيغيِّر صورته؟».
وهو هنا لا يختلف عن أستاذه إبراهيم عيسى، الذي يقوم مشروعه النهضويُّ على تصوير الإسلام، وصحابة رسول الله بأنَّهم دمويُّون، وأطلق عليهم «القتلة الأوائل» في روايته «رحلة الدم».
وردًّا عليهما أقولُ:
بحيري وعيسى، يردِّدان مزاعم المستشرقين «أنَّ الإسلام انتشر بحدِّ السيف»، وهذا يخالف التوصيف القرآني لحقيقة نبوَّة سيِّد الأوَّلين والآخرين، بأنَّه رحمة عامة شاملة، تجلت مظاهرها في كل موقف لرسول الله.. الإسلامُ دينُ رحمةٍ وليسَ دينَ دمٍ وقتلٍ، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
لقد ظلَّ الرسول الكريم، على مدى ثلاثة عشر عامًا يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وحارب كفَّارُ قريش الدعوةَ الإسلاميَّةَ، وآذوا النبيَّ وأصحابَه، وكان الله -جلَّ شأنُهُ- يقوِّيه ليصبرَ فيقول تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ).
وكان المسلمون كثيرًا ما يأتون إلى النبيِّ ما بين مضروب ومشجوج ومعذَّب، شاكين إليه، فيثبِّتهم ويضرب لهم الأمثال والعِظات، ويقول لهم: «اصبرُوا فإنِّي لم أُؤمر بقتالٍ»، حتَّى هاجر النبيُّ والمسلمُون إلى المدينة، وأصبح لهم كيانٌ وسلطانٌ ووطنٌ «إقليمٌ»، وأضحُوا ذوي عدد وقوَّة، فلم يكن بدٌّ من أنْ يأذنَ اللهُ لهم بالقتالِ. لقد مكث رسولُ الله في مكَّة يَدعو بالحُجَّةِ والموعظةِ الحسنةِ بلا قتالٍ، وكان وأصحابُه مُستضعَفين يتعرَّضون للتَّعذيب والتَّنكيل؛ ليَرجعوا عن دينهم، فما صرَفَهم هذا عن الإسلام. وقد دخل الإسلامُ إلى أهل يثرب بلا أيِّ قتالٍ؛ حيث اقتنع سادتهم بالإسلام، حين عرضه عليهم الرسولُ الكريمُ، فبايعوه بيعتَي العقبة الأُولَى والثَّانية، ثمَّ أرسل إليهم مصعب بن عمير، فاجتهدَ في دعوة أهل المدينة، حتَّى دخل معظمهم في دين الإسلام، فأين شبهةُ الإجبار في إسلام أهل المدينة؟.
فقد صار من المسلَّمات أنَّ المهاجرين والأنصار قد دخلوا في دِين الله عن اقتناعٍ وتسليمٍ، وتحمَّلوا في سبيله الاضطهادات؛ ممَّا يَنفي أيَّة شبهةِ إكراهٍ وإجبارٍ، وعندما شُرع الجهادُ في السنة الثانية من الهجرة، فالحروب الإسلاميَّة في العصر النبويِّ غالبها لم يكن بمُبادرةٍ من المسلمين؛ فقد غُزي المسلمون مثلًا في بدر وأُحُد والأحزاب،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المدينة