قضايا أساسية خطيرة تعيشها شعوب عدّة، من دون أن تعي بوجودها، كمريض ينخره داء عضال من دون أن يشعر به، أو يستهين بخطورته. شهد العالم تغييرات تكوينية وتأسيسية بعد الحربين العالميتين. في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم تقم دول، بل كانت المنطقة خاضعة للإمبراطورية العثمانية، باستثناء المغرب الذي قامت فيه دولة مستقلة مبكراً، ولم تكن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. أكبر طامة نزلت على المنطقة في ظل الحكم العثماني، كانت تحريم المطبعة من سنة 1445 إلى سنة 1717. كانت تلك القرون مرحلة الإقلاع العلمي والحضاري في أوروبا، حيث انتشر التعليم، وتحرر العقل من طغيان الكهنوت، وأنارت الفلسفة والعلم الطريق، للنهوض الصناعي. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، نشأت دول تحت الحماية أو الوصاية الفرنسية والبريطانية. وبدأت مرحلة الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، وقامت دول في منطقتنا ذات نظام ملكي. تأسست الجامعة العربية سنة 1945، وكانت منتدى لا يختلف عن دار الندوة التي تلتقي فيها القبائل العربية في العصر الجاهلي. ظاهرة عاصفة هبّت على بعض دول المنطقة، وهي الانقلابات العسكرية، حيث قام ضباط غالبيتهم من صغار السن والرتب، بالاستيلاء على السلطة. قبل ذلك اهتزت المنطقة بقيام دولة إسرائيل، وهزيمة الجيوش العربية أمامها في حرب 1948. الحرب الباردة بين الكتلتين الشيوعية، والرأسمالية في غرب أوروبا وأميركا، أدخلت منطقة الشرق الأوسط في خضم هذه الحرب. حدثان كبيران شهدتهما المنطقة. الأول كان الثورة المصرية التي استولى فيها ضباط صغار السن والرتب على السلطة سنة 1952، وإنهاء النظام الملكي الخاضع للحماية البريطانية، والحدث الآخر كان تأسيس حلف بغداد سنة 1955، الذي ضم كلاً من بريطانيا والعراق وتركيا وإيران وباكستان. هدف الحلف الأساسي والاستراتيجي، كان منع التمدد الشيوعي في المنطقة. عارض النظام العسكري المصري هذا الحلف سياسياً وإعلامياً. ترتب على هذا الموقف اعتراض الولايات المتحدة الأميركية، على تمويل صندوق النقد الدولي، لمشروع بناء السد العالي في مصر، وقرار الحكومة المصرية بتأميم قناة السويس، وترتب على ذلك شن العدوان الثلاثي البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر. حققت مصر انتصاراً سياسياً، رغم الخسارة العسكرية، وانسحبت القوات المعتدية. اشتعلت المنطقة العربية شعبياً في احتفالات واسعة؛ فرحاً بأول نصر يحققه العرب على دولتين كانتا تستعمران أوطانهم، وأخرى استولت على أرضهم في فلسطين. رأى الرئيس المصري الشاب جمال عبد الناصر، ومضة كبرى تضيء دنياه، وسمع صوتاً عالياً يهتف تأييداً، بل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط