بفوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، تتجه الأنظار من الشرق الأوسط صوب البيت الأبيض، وذلك بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعها من توّسع الصراع على الجبهة اللبنانية والمواجهة المباشرة مع إيران.
إدارة الرئيس الأميركي الحالي التي ستنتهي ولايته في يناير المقبل، كانت تتخذ موقفًا وصفه مراقبون بـ"المتراخي" إزاء الصراع في المنطقة، إذّ لم تستطع واشنطن وقف الحرب في غزة أو منع اشتعال جبهة لبنان على الرغم من الزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين بهدف الوصول إلى حل لهذه الأزمة.
ورأى محللون في حديث لمنصة "المشهد" أنّ إدارة بايدن كانت تُدير الحرب في المنطقة ولا تسعى إلى وقفها.
على العكس من ذلك، يُنظر إلى ترامب كونه الشخص القادر على اتخاذ قرارات حاسمة تُظهر قدرة الولايات المتحدة على الحسم في القضايا الكبرى، فإلى أيّ اتجاه ستسير الدفة وهل يوقف ساكن البيت الأبيض الجديد الصراع في المنطقة أم أنه سيوجه المزيد من الدعم إلى إسرائيل لاستمرار حربها؟
ويرى محللون أنه في حال اختار ترامب التصعيد سيقدم دعمًا أكبر بكثير من ذلك الدعم الذي حصلت عليه تل أبيب في ظل ولاية بايدن.
صعب التنبؤ بدوره، قال كبير الباحثين في مركز هادسون بأميركا، ريتشارد ويتز، في حديث لـ"المشهد": " التنبؤ بسياسات ترامب أمر صعب... نأمل أن تنتهي حرب لبنان خلال الشهرين القادمين"، متوقعا أن تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة رغم أن ترامب يسعى إلى إنهائها قبل توليه المنصب.
من جانبه، رأى المتخصص في الشأن الأميركي، إيهاب عباس، أنّ ترامب قادر على وقف الحرب في غزة ويستطيع أن يُظهر قدرة أميركا الحقيقية في معالجة الكثير من الأمور أفضل من إدارة بايدن.
وقال عباس في حديث لمنصة "المشهد" إنّ إدارة بايدن كانت تُدير الحرب في المنطقة، لكنّ هناك اعتمادا قويا على ترامب بأنه سيوقف الحرب وربما يبدأ في مسارات سلام، وينفذ الوعود التي قطعها على نفسه للجالية الإسلامية والعربية خصوصا في ولاية ميشيغان.
هناك احتمال ثان لم يستبعده المتخصص في الشأن الأميركي، وهو اتجاه ترامب لدعم إسرائيل واستمرار الحرب ووقتها سيكون الدعم الأميركي لتل أبيب أكبر من الدعم التي حصلت عليه خلال فترة بايدن.
وأشار إلى أن ترامب عاد إلى البيت الأبيض من "الرماد" واستطاع أن يقلب كل استطلاعات الرأي لصالحه بعد أن قرأ مشاكل الشعب الأميركي جيدًا في الداخل والخارج، لافتا إلى أنه ركز على هذه القضايا ولم يركز على الإساءة للأطراف الأخرى مثلما فعل الحزب الديمقراطي.
وبمجرد أن أعلن ترامب فوزه في الانتخابات التي نافس فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تاريخية وتطلع إلى المزيد من الدعم الأميركي إلى إسرائيل.
حركة "حماس" أيضًا كان لها تعليق على فوز ترامب، حيث قالت الحركة إنّ موقفها من الإدارة الأميركية الجديدة يعتمد "على مواقفها وسلوكها العملي تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة".
وأضاف البيان "على الإدارة الأميركية الجديدة أن تعي أن شعبنا ماض في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأنه لن يقبل بأي مسار ينتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
ترامب وإيران فيما يتعلق بإيران، أضاف ويتز "أعتقد أن الإيرانيين لن يجرؤوا على مهاجمة إسرائيل إذا كان ترامب في السلطة، لكنني لا أعتقد أن ترامب لا يسعى إلى حرب مع إيران وربما يريد صفقة جديدة لمعالجة برنامجها النووي".
وأضاف "ترامب قد يشترك في توجيه ضربة إلى طهران بمعاونة إسرائيل إذا ما تأزمت الأمور"، ولكن في الوقت نفسه يرى عباس أن ترامب ليس رجل حرب ولكنه رجل اقتصاد وسيسعى إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية، وسيضع مصلحة بلاده قبل أي شيء.
وحول تعامل ترامب مع الدول العربية، رأى المتخصص في الشأن الأميركي، أنّ ترامب سيتعامل بنفس السياسة التي انتهجها في فترة رئاسته الأولى، قائلا " ترامب تعامل مع الدول العربية باحترام ومصداقية ووضوح وبالفعل نفذ كل وعوده مع الدول العربية".
وأشار إلى أن "إدارة الجمهوريين للبيت الأبيض في ظل رئاسة ترامب مفيدة أكثر من إدارة الديمقراطيين على كل المستويات".
على الجانب الآخر، علّقت إيران على فوز ترامب، حيث نقلت وكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء عن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قولها اليوم الأربعاء إن معيشة الإيرانيين لن تتأثر بالانتخابات الأميركية.
وقال مسؤولون عرب وغربيون لرويترز إنّ ترامب قد يعيد فرض "سياسة الحد الأقصى من الضغط" من خلال تشديد العقوبات على قطاع النفط الإيراني وتمكين إسرائيل من ضرب المواقع النووية وتنفيذ "اغتيالات".
ونقلت وكالة تسنيم عن مهاجراني قولها "الانتخابات الأميركية لا تعنينا حقا. سياساتنا ثابتة ولا تتغير بناء على أفراد. التدابير اللازمة تم التخطيط لها مسبقا، ولن يكون هناك تغيير في معيشة الناس".
ولم يعلق الحرس الثوري بشكل مباشر على الفوز الذي أعلنه ترامب، لكنه قال إن طهران والجماعات المسلحة المتحالفة معها في المنطقة على استعداد لمواجهة مع إسرائيل.
انسحاب القوات الأميركية من العراق
ليست الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وكذلك التصعيد مع إيران هي وحدها الملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط، فمسألة انسحاب قوات التحالف الدولي وعلى رأسها القوات الأميركية من العراق من القضايا التي تشغل بال الحكومة في بغداد، وجاء فوز ترامب ليضع هذه القضية على المحك.
وقال المحلل السياسي العراقي، بسام القزويني في مقابلة مع قناة "المشهد" إنّ الناخب الأميركي اختار ترامب بحثا عن مخرج من أزماته الاقتصادية الداخلية وكذلك القضايا الخارجية، لافتا إلى أن موقف الرئيس الأميركي الجديد بخصوص انسحاب القوات الأميركية من العراق ليس واضحا حتى الآن.
ولكن وفق القزويني كانت هناك تصريحات لترامب قبل أشهر قال فيها إنه سيحاسب المسؤولين الأمنيين والعسكريين عن انسحاب القوات الأميركية من منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، وأشار القزويني إلى أنه في حال تنفيذ ترامب لتهديداته فمن المرجح أن يحدث عرقلة لخروج القوات الأميركية من العراق والتي كان مقررا لها في العام 2026.
وحول احتمالية تحوّل العراق إلى ساحة للصراع بين الولايات المتحدة وإيران، قال القزويني، إنّ هذا الاحتمال قائم رغم سعي الحكومة العراقية إلى التفاهم مع الميليشيات العراقية الموالية لطهران، لافتا إلى أنّ هذا الملف سيتوقف إلى حد كبير حول وجهة ترامب المقبلة فيما يخص الملف الإيراني.
(المشهد)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد