تواجه الميزانية البريطانية تحديات كبيرة، حيث يشهد اقتصاد البلاد تزايد الضغوط بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض وتباطؤ النمو، هذه التطورات تضع وزيرة الخزانة راشيل ريفز أمام اختبار حقيقي، إذ يتعين عليها تحقيق توازن بين الوفاء بوعود حزب العمال الانتخابية والحفاظ على الاستقرار المالي.
لكن في المقابل هناك فجوة مالية متزايدة تهدد الهامش المخصص لتحقيق هذه الأهداف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد البريطاني وفيما إذا كانت الحكومة ستضطر إلى رفع الضرائب لسد العجز المتزايد في الميزانية؟
بعد مرور أسبوعين على تقديم أول ميزانية لها في المملكة المتحدة، تواجه ريفيز خطر عدم الوفاء بوعد حزب العمال بشأن الميزانية البريطانية وذلك بإجراء حدث مالي واحد فقط في السنة، إذ قد تحتاج إلى جمع المزيد من الأموال قبل ميزانية عام 2025، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.
وكانت ريفز قد أعلنت عن أكبر زيادة في الضرائب منذ ثلاثة عقود في موازنتها الأولى، حيث اتهمت حزب المحافظين بترك خدمات عامة مدمرة بعد خسارتهم في انتخابات يوليو بعد 14 عاماً في الحكم، حيث قالت إنها "سترفع الضرائب بمقدار 40 مليار جنيه سنوياً (52 مليار دولار) معظمه سيقع على الشركات لتغطية عجز قدره 22 مليار جنيه (26.35 مليار دولار) ورثته عن حزب العمال.
ووفقاً لمعهد الدراسات المالية، فإن زيادات الضرائب بمقدار 40 مليار جنيه ستعادل 1.25 بالمئة من الناتج الاقتصادي، وهي نسبة تفوق ما حدث في التاريخ الحديث إلا في عام 1993 بموجب خطة موازنة لحزب المحافظين لزيادة الضرائب لدعم المالية العامة بعد ركود وأزمة عملة.
وأشار تقرير الوكالة الأميركية إلى أن ارتفاع تكلفة الاقتراض وضعف النمو الاقتصادي يهددان بإلغاء هامش الـ 9.9 مليار جنيه إسترليني (12.8 مليار دولار) المتاح لريفيز مقابل "قاعدة الاستقرار" التي تنص على أنه يجب تمويل الإنفاق اليومي بالضرائب في الفترة 2029-2030.
وذكر التقرير أن مكتب مسؤولية الميزانية، الجهة الرقابية المالية في المملكة المتحدة، خلص إلى أن الوزيرة ستنتهك قواعدها في تحديثه الربيعي، فسترد ريفيز بزيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق، معتبراً أن هذا وضع غير سار لريفيز، التي وعدت باستعادة الاستقرار لإدارة الاقتصاد البريطاني بعد ما وصفته بالفوضى تحت إدارات المحافظين السابقة المتعاقبة. كان جزء من ذلك هو التعهد بإعطاء الشركات والأسر المزيد من اليقين والاستقرار من خلال إجراء تغييرات ضريبية مرة واحدة فقط في السنة.
وبحسب التقرير، أكد رد فعل السوق تجاه الميزانية على المخاطر التي تتحملها الوزيرة. وأعاد المستثمرون تحديد مواقفهم المالية لتعكس 142 مليار جنيه إسترليني من الاقتراض الإضافي، مما أدى إلى ارتفاع حاد في عوائد سندات الحكومة التي قضت على الهامش المتاح لريفيز مقابل قاعدة الاستقرار.
ريفز تترك نفسها رهينة للصدفة
وقال أندرو جودوين، كبير الاقتصاديين البريطانيين في أكسفورد إيكونوميكس، "إن ريفز أخذت مخاطرة بترك نفسها بمساحة مالية أقل من أي وزير خزانة تقريباً منذ عام 2010. وأضاف: "إذا تركت لنفسك مساحة ضئيلة، فأنت تترك نفسك رهينة للصدفة. كان هناك دائماً خطر حدوث هذا."
وارتفعت تكلفة الاقتراض بنسبة 0.3 نقطة مئوية عن التوقعات التي وضعها مكتب مسؤولية الميزانية في الميزانية في 30 أكتوبر، والتي قال المكتب الرقابي إنها ستزيل كامل المخزون المالي لها.
ويشكل تراجع النمو تهديداً آخر. حيث خفض غولدمان ساكس توقعاته للمملكة المتحدة للعام المقبل إلى 1.4 بالمئة من 1.6 بالمئة بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، بسبب خطر تجدد الحرب التجارية إذا نفذ تعهداته الانتخابية بفرض رسوم جمركية على الواردات، وكانت توقعات مكتب مسؤولية الميزانية لنمو بنسبة 2 بالمئة في العام المقبل كانت أكثر تفاؤلاً من توقعات غولدمان ساكس وإجماع الاقتصاديين الآخرين.
من المتوقع أن تخيب أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث الرسمي الأسبوع المقبل، حيث يتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ النمو إلى 0.2 بالمئة فقط من 0.5 بالمئة في الربع السابق، وفقاً لاستطلاع "بلومبرغ"، ويتوقع بنك إنجلترا نمواً أقل من 0.4٪ بالمئة في الربع الواحد في المتوسط على مدار السنوات القليلة المقبلة.
وقد وضعت ريفز ضماناً في قواعدها المالية لتجنب الاضطرار إلى العودة إلى البرلمان للحصول على المزيد من الأموال، لكنه لن يسري حتى عامي 2026-2027. من ذلك الحين فصاعداً، سيكون بإمكانها تحقيق عجز يصل إلى 0.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 15 مليار جنيه إسترليني، "لدعم التزام الحكومة بحدث مالي واحد كل عام من خلال تجنب الحاجة إلى تعديل السياسة في التوقعات خارج الأحداث المالية"، وفقاً لوثائق الميزانية.
وفي 7 نوفمبر الجاري، خفض بنك إنجلترا معدلات الفائدة ربع نقطة مئوية إلى مستوى 4.75.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من سكاي نيوز عربية