أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بعض التعيينات المحتملة في إدارته القادمة، حيث عين وزيرًا للدفاع، وقيصرًا للحدود، ومستشارًا للأمن القومي، ومديرة للاستخبارات الوطنية، ووزيرًا للعدل، ووزيرًا للخارجية، وسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إضافة لتسمية شخصيات سياسية أخرى، من المحتمل أن تلعب دورًا في عهدته الرئاسية الثانية، وعلى رأسها الملياردير إيلون ماسك رفقة فيفك رامسوامي المعينين لقيادة وكالة جديدة تحت اسم إدارة الكفاءات الحكومية مهمتها تقييم الإنفاق الفيدرالي و ترشيده.
وفي حين تبقى تعيينات ترامب مجرد اقتراحات، في انتظار حصولها على موافقة من الكونغرس، تباينت وجهات النظر بشأن عدد من الأسماء، و اختلفت الرؤى حول أحقيتها بالمنصب، والدور الذي يمكن ان تلعبه في مجال اختصاصها.
تتصدر الحقائب الهامة نقاشات المشهد السياسيّ في الولايات المتحدة في ظل نوعية الأسماء التي اقترحها ترامب لتولي هذه المناصب كأولى الخطوات في عهدته الرئاسية الثانية، أول التعيينات ـ التي تبقى طبعًا بحاجة لتزكية من الكونغرس ـ هي منصب وزير الدفاع لأقوى جيش في العالم، الاسم المقترح لم يكن سوى بيت هيغسيث، مقدم برنامج "فوكس نيوز" والمحارب القديم العسكري.
يقول أنتوني شيفر، المستشار السابق لحملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في مقابلة مع "المشهد"، إنّ هيغسيث لديه شهادتين من هارفارد وبرنستون و هو أهل للثقة لتولي هذا المنصب الحساس متوقعًا أن يحقق عملًا جيدًا في حال تم تثبيته في منصبه الجديد، والتقييم نفسه ينسحب على مايك والز المقترح لمنصب مستشار ألأمن القومي، كشخص ذو خلفية عسكرية طويلة، عمل مع نائب الرئيس الأسبق ديك تشيني، وحتًما لديه اطلاع واسع على المجال.
الولاء أولا وعلى العكس من ذلك، يرى راي لوكر المحلل السياسي، و الصحفي السابق بصحيفة "يو اس اي توداي" أن هيغسيث ورغم كونه يمتلك خبرة عسكرية باعتباره خدم في العراق وأفغانستان، إلا أنه يفتقر للخبرة في إدارة وكالة كُبرى، كالبنتاغون الذي يُعدّ الوكالة الحكومية الأكبر على الإطلاق.
وأشار لوكر في حديثه مع منصة "المشهد" إلى اقتناعه فقط بمرشحي ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي مايك وايلز الذي رآه أهلًا لذلك، فضلًا عن مارك روبيو المقترح لحمل حقيبة الخارجية.
اسم آخر طرح لقيادة الاستخبارات الوطنية السيناتورة تولسي غابرد، يؤكد أنتوني شيفر الذي كان أحد مستشاريها حين كانت في الكونغرس، إنها خيار ممتاز، في حين يتخوف راي لوكر مما أسماه التغيرات الكثيرة في مواقفها السياسية الديمقراطية التي أظهرت الولاء لترامب في السنوات الأخيرة فقط وهي التي شاركت في الانتخابات التمهيدية عن الحزب الديمقراطي في رئاسيات 2020، ما يجعلها حسب رأيه ليست الشخص المناسب لتسيير النظام الاستخباراتيّ الأميركي.
باقي الأسماء التي رشحها ترامب لتولي إدارة شؤون الحكومة الفيدرالية والحقائب ذات أهمية على الصعيد الداخلي كوزارة العدل لا تزال أيضا تثير الانقسام بين المحللين و المتابعين، حيث يصف الصحفي راي لوكر مرشح ترامب للمنصب مات غيث، بـ"الكابوس والكارثة"، محذرًا من موجة استقالات ستشهدها الوزارة بمجرد تنصيه، والأخطر من ذلك يضيف محدثنا بأنّ هوية من سيخلف المسؤولين المتوقع مغادرتهم تبقى مجهولة.
ومثلما هو متوقع يواصل أنصار ترامب تزكية مرشحيه لتولي شؤون الحكم في الإدارة لمقبلة كحال محدثنا أنتوني شيفر مستشار حملته السابقة، الذي أشار إلى أنّ كل الأسماء المقترحة هي خيارات ممتازة، لكفاءاتهم ولأنهم غير خاضعين لأيّ جماعات ضغط أو منظمات، أو شركات، ما يؤهلهم حسب قوله، ليكونوا عادلين في تعاطيهم مع السياسات المتعلقة باختصاصاتهم.
على النقيض من ذلك، يستبعد راي لوكر مؤلف كتاب "انقلاب هيج: كيف أجبر أقرب مساعدي ريتشارد نيكسون على ترك منصبه"، خروج الشخصيات المرشحة في إدارة ترامب عن توجيهات ترامب نفسه الذي يقود لوحده سياسات البلاد في المرحلة المقبلة، مستشهدًا بما حدث خلال عهدته الأولى و اصطدامه بمعارضة كبيرة من طرف وزراء العدل والدفاع و الأمن القومي، على عكس الكثير من الأسماء الجديدة الذين أبدوا استعدادهم لتطبيق أوامر ترامب مهما كانت، وهذا ليس مؤشرًا جيدًا.
مواضيع ذات صلة السياسة الخارجية في يد ترامب وحده التحديات الداخلية الكثيرة و المثيرة التي تواجهها إدارة ترامب المقبلة، لا تحجب أهمية الشأن الخارجي و الوزارة التي طرح اسم مارك روبيو لتوليها ستكون محل اهتمام شديد في عهدة ترامب الثانية التي رفع فيها الرئيس العائد للبيت الأيض شعار إنهاء الحروب و الصراعات.
في هذا الصدد يشير أنتوني شيفر لرؤية ترامب لحل الصراع في الشرق الأوسط بالعمل مع إسرائيل لخلق ظروف مساعدة على هزيمة "حماس" و"حزب الله"، مع توقعه بأن تلعب البحرية الأميركية في عهده دورًا أكثر قوة في التصدي لـ"الحوثيين"، أما بالنسبة لأوكرانيا، فخطة ترامب تقوم، حسب المتحدث، على التواصل مع طرفي الصراع، من خلال إجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين، والرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، للتوصل على الأقل لتجميد الصراع، ثم بدأ المفاوضات لإنهاء الحرب مع بداية العام المقبل.
أما راي لوكر، فيقول لـ"المشهد" إن ماركو روبيو لن يكون له أيّ دور فعال في السياسة الخارجية، شأنه شأن غالبية من اختارهم ترامب في فريق إدارته المقبلة، لأنهم مكلفون بتطبيق نظرته فقط، خصوصًا في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس بمجلسيه، بحيث لن يتم التدقيق فيما ستفعله كل الوكالات الحكومية، كما لو كان سيحدث في حال كان الحزب الديمقراطي يشارك الأغلبية في إحدى المجلسين على الأقل.
يجمع المتابعون على استفادة ترامب من تجربته في عهدته الأولى والمشاكل التي حدثت له مع أعمدة إدارته السابقة، ما يجعل منطلق معظم خيارته الثقة في الأشخاص الأكثر ولاء قبل الحديث عن كفاءتهم ولياقتهم للمناصب الهامة المقترحة، ما يؤشر على نهج واضح منه لتطبيق نظرته وسياساته دون أي معارضة تذكر، علما أن الرئيس الأميركي مسؤول عن نحو 4000 تعيين سياسي - وهي عملية يمكن أن تستغرق أشهراً أو حتى سنوات، في بعض الحالات.
موقف مؤيد لإسرائيل اختيارات ترامب الأولى للمناصب السياسة والإدارية وحتى الأمنية والعسكرية تشير إلى فريق من المؤيدين لإسرائيل والمتعصبين لها، حتى أن بعضهم أنكر وجود الشعب الفلسطينيّ ودعم ضم إسرائيل للضفة الغربية.
مرشح ترامب لوزارة الخارجية، مارك روبيو، 53 عاماً، من أشد المؤيدين لمبدأ ترامب المتمثّل "بالسلام من خلال القوة" ويدعو للسماح لإسرائيل بفعل ما هو مطلوب لهزيمة "حماس". في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع في وقت سابق من هذا العام، قال روبيو إنه يتوقع من إسرائيل "تدمير كل عنصر من عناصر حماس". وشبه روبيو العملية البرية الإسرائيلية في رفح، التي عارضتها إدارة بايدن، بملاحقة الحلفاء لأدولف هتلر أثناء الهولوكوست.
أما المرشّح لوزراة الدفاع، بيت هيغسيث، وهو معدُّ ومقدّم برنامج من 3 أجزاء على شاشة القناة بعنوان "المعركة في الأرض المقدسة: إسرائيل في حالة حرب"، مردداً دعوة ترامب لإسرائيل لإنهاء المهمة والقضاء على "حماس".
وبالمثل فإن مواقف السفيرة في الأمم المتحدة في عهد ترامب إليز ستيفانيك، والسفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزراء الكابينات من الداخلية إلى البيئة والنواب والمستشارين؛ تبدو متحمسة لدعم إسرائيل بالمطلق.
(المشهد )
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد