د. ناجي صادق شرّاب قبل الولوج في تحليل العلاقة بين غزة والأمن القومي الإسرائيلي وأين تقع غزة من هذا الأمن، ابتداءً لابد من التأكيد على أن الحروب الأربع الإسرائيلية السابقة على غزة والحرب الخامسة الحالية التي فاقت كل التوقعات والحسابات، تؤكد لنا فرضية أن الحرب هي الأساس والقاعدة في العلاقة، وأننا قد نرى حرباً سادسة في غياب تسوية سياسية شاملة. والفرضية الثانية أن التهدئة ليست الخيار والمقاربة هي التي تمنع الحرب.
والفرضية الثالثة أن إسرائيل لن تسمح بتجاوز حدود القوة العسكرية للمقاومة،لأن هذه القوة تشكل من منظورها تهديداً مباشراً لأمنها، وهذا يقودنا للفرضية الرابعة والرئيسية، وهي أن خطورة القوة في غزة ليس بحجمها ولا بمداها، ولكنها تشكل تهديداً داخلياً، أي أن غزة وبحكم وقوعها في قلب الدائرة الأولى للأمن الإسرائيلي؛ فهذا يعني أي سلاح حتى لوكان تقليدياً يشكل مصدر قلق وتهديد، وهذه الفرضية تجعل من الحرب أساس العلاقة.
غزة وكل فلسطين تقع في قلب الدائرة الأولى لأمن إسرائيل، وهذا ما يفسر لنا رفض إسرائيل قيام الدولة الفلسطينية مهما كانت الضمانات بسلميتها وديمقراطيتها. ففكرة الدولة نقيض لأمن إسرائيل. وهذا ينطبق على منطقة القلب التي تمثلها الضفة الغربية. أما غزة ورغم صغر مساحتها التي لا تزيد على 340 كيلو متراً مربعاً، وفقدانها للخصائص الجيوسياسية فهي تفتقر لمناطق القلب والعمق الاستراتيجي مما يسهل وصول القوة العسكرية الإسرائيلية لأي مكان فيها، وهذا ما يقف وراء حجم التدمير للبنية التحتية فوق الأرض وتحت الأرض وعدد القتلى في هذه الحرب.
وما يميز غزة محددها السكاني، فعدد سكانها يزيد على المليونين، وتقترب من المليونين ونصف المليون وهذا يعني أنها أكبر منطقة كثافة سكانية في العالم وهنا تكمن قوتها الحقيقية، وتستمد أهميتها لوجود حركات المقاومة وسيطرتها الكاملة، وهذا الذي يجعل منها مصدر تهديد دائم لإسرائيل لتجاور غزة منطقة سكانية في إسرائيل ما تعرف بمنطقة الغلاف، وهذا يجعل من سلاح المقاومة ذا فاعلية وتأثير ويعزز من قدرته على الوصول للمناطق السكانية.
ونظرية الأمن الإسرائيلي لا تطبق عليها المفاهيم التقليدية للأمن القومي المتمثلة في البقاء وحماية مصالح الدولة ومواجهة التهديدات الخارجية. إسرائيل بحكم قيامها على أساس عنصر القوة وعلى حساب الفلسطينيين الذين شردوا من مدنهم وقراهم ويعيشون الآن في الشتات والمخيمات، تعتبر التهديد صفة دائمة وملاصقة لوجودها حتى مع قيام السلام مع أي طرف؛ ففلسطينياً، رغم الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة وتوقيع اتفاقات أوسلو.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية