ماجد كامل يكتب ل«مبتدا».. الرعاية في فكر وكتابات البابا تواضروس الثاني

تميزت كتابات قداسة البابا تواضروس الثاني أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية بالاهتمام بالإنسان من كل النواحي؛ ولا عجب في ذلك الاهتمام؛ فقداسته أصلا صيدلي ومن هنا فلقد تعلم أهمية الاهتمام بصحة الإنسان؛ فضلا عن أنه مثقف موسوعي (يمكنك مراجعة مقالة العطاء الثقافي والتعليمي لقداسة البابا تواضرس لكاتب هذه السطور)

ومن يتتبع كتابات قداسته نجده يهتم كثيرا بأهم ما يميز الإنسان وهو العقل ؛ ولقد قال في ذلك " أن العقل الذي ميزنا به الله هو عطية ونعمة وهبة من الله لك أيها الإنسان فقد اعطاك الله العقل بمثابة نور وأيضا أعطاه لك حتي تنميه وتجعله متسع بالمعرفة، وهو أيضا زينة وجمال الإنسان ؛ فمن الممكن أن نصف شخصا فنقول فلان عاقل، وأغلبنا درس مثل العذاري الحكيمات والجاهلات؛ وشتان بين الأثنين، كذلك العقل ميزان به كل مواقف حياتك ؛ لذلك العقل المنفتح لا يتعلم من الأشخاص فقط بل يتعلم من الطبيعة والأشياء أيضا.

وأكد قداسته خمس صفات للعقل المنفتح هي:-

1-عقل عملي دائما.

2-عقل محاور.

3-عقل مهموم بإصلاح مجتمعه.

4-عقل واقعي.

5-عقل مبدع.

6-عقل يفكر في المستقبل.

وأهم ما ينمي العقل عند قداسة البابا هو القراءة والمعرفة، ولقد أولي قداسته المكتبة اهتماما كبيرا جدا، لذلك السبب أهتم بتطوير مكتبة معهد الدراسات القبطية اهتماما كبيرا، كما أهتم كذلك بإنشاء المكتبة البابوية في يوم 29 نوفمبر 2019.

وحول أهمية المعرفة والقراءة قال قداسته "إن القراءة لها تأثيرا كبيرا علي حياة الإنسان وشخصيته ؛ فهي تغرس في الإنسان مباديء وقيم عديد، وتنمي العقل ؛ فعقل الإنسان بلا شك إذا اعتاد علي القراءة توسعت آفاقه وتفتحت مداركه، بينما الإنسان الذي لا يقرأ عقله متبلد ومداركه مقفولة محصورة بوجهة نظر معينة أو معلومة خاطئة غير صحيحة، وبالتالي فأن القراءة هي وسيلة لإنعاش العقل وتجديده باستمرار وعلي الإنسان أن يحرص علي أن يبقي عقله بابا مفنوحا لقراءة كل ما هو جديد من المعلومات والأفكار ؛ ومن ثم تحليها وغربلتها لكي تنضج عنده الفكرة والمعلومة الصحيحة".

ويقدم قداسة البابا نماذج من كتابات وأقوال القديسين ؛ فيذكر قول ماراسحق السرياني (640- 700) " أقرأ عن التدبير الإلهي وتشبع من كتب معلمي الكنيسة لأنها تقود الفكر إلي تمييز الترتيب في خلائق الله وأعماله ؛ وتعطيه القوة ؛ وببراعاتها تهيئه لاكتساب البديهة المنيرة وتقوده في الطهاة نحو فهم خليقة الله".

ويؤكد قداسته أن القراءة تساعد الناس عند وقوفها في الصلاة ؛ فبالقراءة تستنير النفس في الصلاة ؛ وينصح قداسته بضرورة القراءة فيقول "إن القراءة تبعد الفكر عن التوافه؛ فالمرء الذي لا يعرف سوي الحفلات والنوادي والمقاهي تكون شخصيته سطحية؛ وأحاديثه بلا نفع وتضر؛ وعلي العكس الرجل الذي يقرأ ويدرس ويثقف نفسه ؛ هو قادر أن يزيد غيره علما ومعرفة".

وفي محاضرة هامة لقداسته ألقاها قداسته في جامعة حلوان في 1 اكتوبر 2019 بعنوان "محركات الحياة"؛ حيث ذكر قداسته أربعة محركات للحياة هي:-

1-المعرفة.

2-البحث عن النفس.

3-الإهتمام بالجمال.

4-أهمية المحبة.

واهتم قداسة البابا تواضروس اهتماما كبيرا بقضية "الجمال" من خلال كتابة موسوعة ضخمة عن الكتاب المقدس بعنوان "الفنون الكتابية: الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية " وهو كتاب موسوعي صخم يقع في حوالي 382 صفحة ؛ ويلخص قداسته نظرته للكتاب المقدس في المقدمة إذ يقول عنه" يعتبر الكتاب المقدس وثيقة جمالية بالمقام الأول؛ إذ نجد فيه كل أشكال الجمال ومستوياته والتذوق الإنساني لكل الفنون".

ويعرض الكاتب الصحفي "مايكل جرجس" للكتاب من خلال مقال له في جريدة وطني نشر في جريدة وطني بتاريخ 2 ديسمبر 2019؛ أن قداسة البابا أثبت في هذا الكتاب أن الكتاب المقدس يحتوي علي معظم الفنون الأدبية فهو يحتوي علي:-

1-الفن الشعري الغنائي مثل أسفار أيوب والمزامير.

2-الفن التشريعيمثل أسفار (الخروج اللاويين العدد التثنية).

3-الحكم والأمثال مثل (سفر الجامعة رسالة يعقوب).

4-القصص مثل (قصة يوسف الصديق قصة راعوث قصة حزقيا الملك).

5-النبوات مثل كل أسفار الأنبياء الكبار والصغار.

6-الرؤي:- مثل سفري دانيال والرؤيا.

7-الرسائل مثل (رسائل القديس بولس الرسول الرسائل الجامعة).

وتقدم الدكتورة عايدة تحليلا فلسفيا للكتاب ؛ إذ يقول قداسته مستندا علي قول القديس والفيلسوف أوغسطينوسAugustine of Hippo (354- 430 م تقريبا) " إن الجمال يقوم في الوحدة في المختلفات والتناسب العددي والانسجام بين الأشياء".

كما اقتبس قداسته قولا للفيلسوف توما الأكويني Thomas Aquinas (1225- 1274) قال فيه " الجميل هو ذلك الذي لدي رؤيته يسر ؛ وإنه ليسر لمحض كونه موضوعا للتأمل سواء عن طريق الحواس أو داخل الذهن ذاته ".

ويؤكد قداسته في تعريفه للفن ؛ أنه هو أحدي وسائل الإتصال بين الناس ؛ كما أن الإنسان ينقل أفكاره إلي الآخرين عن طريق الكلام ؛ فإنه أيضا يستطيع أن ينقل عواطفه عن طريق الفنون مثل الحركات والأنغام والخطوط والألفاظ والأصوات والألوان.

ويقتبس قداسته تعريف للفن من خلال قول مأثور للفليلسوف الإنجليزي هربرت ريد Hrbert Read (1893- 1968) حيث قال " الفن هو محاولة لابتكار أشكال أشكال سارة ؛ وهذه الأشكال تقوم بإشباع إحساسنا بالجمال ويحدث الإشباع خاصة عندما نكون قادرين علي تذوق الوحدة والتآلف الخاص بالعلاقات الشكلية بين إدراكتنا الحسية" كما يستشهد أيضا بقول الفنان الأسباني بابلو بيكاسو Pablo Picasso (1881- 1973 ) حيث قال " كل إنسان يولد فنان ولكن المشكلة كيف نحفظه فنانا".

(لعل أكثر ما أبهرني أنا شخصيا هي الثقافة الموسوعية لقداسته ؛ إذ نجده يقتبس كتابات وأقوال لأوغسطيينوس وتوما الأكويني وهربرت ريد وبابلو بيكاسو ؛ ولا عجب فلقد ذكر قداسته أنه منذ فجر شبابه كان يهتم كثيرا بقراءة مقالات وكتب الفيلسوف الكبير الدكتور زكي نجيب محمود(1905- 1993)؛ وعندما نقرأ لقداستته " من حلو الكلام " ؛ نجده يقتبس كتابات وأقوال لسقراط وافلاطون وطه حسين وعباس محمود العقاد والفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل والأديب الإيرلندي برنارد شو ؛ كما يقتبس قداسته أمثالا من الشعوب الفرنسية والماليزية والأمريكية والصينية الخ؛ ولعل هذه النقطة تستحق ان يفرد لها مقالا مستقلا أرجو أن تتاح لي الفرصة للكتابة عنه بالتفصيل).

ثم يقدم قداسته بتعريف الفن له هو بقوله " الفنان هو الشخص الذي يمارس عملا لا غاية له سوي إثارة اللذة الجمالية وانتزاع الإعجاب وإشباع الحس الجمالي عن طريق كمال الإداء والفن يحتاج أن تظل العاطفة القوية جياشة ؛ وإن هدف الفنان هو إنتاج شيء ما يتصف بالجمال (عايدة نصيف:- نفس المرجع السابق ؛ صفحة 148).

ومن خلال إيمان قداسته بقيمة الجمال والفن ؛ أهتم قداسته بأهمية " التجديد والإبتكار " ولكنه يضع مجموعة من الفواعد والمباديء تحكم هذا التجديد هي:-

1- اتجديد يجب أن يكون من الداخل أولا ؛ عن طريق التوبة وتقويم السلوك بما يتماشي مع القيم والمباديء المسيحية.

2- المسبحية تؤمن بالجمال والفن والنظرة الراقية:- فالفن هو الذي يحول الأرض الخربة إلي أرض مقدسة ؛ خربة بمعني Empty أي لا يوجد فيها شيء..... مقدسة بمعني Holy ؛ فلو أخذت اول حرف من هاتين الكلمتين ووضعت كلمة Art بينهما أصبحت Earth ؛ لذلك فالجمال في يد الإنسان مع قدرة الخالق.

3- المسيحية تحترم الجسد وتقدسه؛ ولهذا السبب أهتمت الكنيسة بتدشين أعضاء الجسد بالميرون ؛ كما أن المسيحية لا تؤمن بتعذيب الجسد ولا حرقه.

4- المسيحية تقدس الحرية المنضبطة ؛ فنهر النيل له ضفتان ؛ فلو أزلت الضفتان ماذا يحدث ؟. (راجع المقال بالكامل في:- البابا تواضروس الثاني:- المقالات الافتتاحية ؛ صفحتي 126 و127).

ولعل من أحب الألقاب التي أطلقت علي قداسته.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من موقع مبتدا

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من موقع مبتدا

منذ 5 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 20 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 10 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 11 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 14 ساعة
قناة الغد منذ 10 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 6 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات