يشهد تخصص الأمراض الجلدية إقبالًا غير مسبوق من الأطباء الشباب الذين يسعون لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، مع الاستفادة من عوائد مالية مرتفعة تتجاوز نصف مليون دولار سنوياً.
ويعكس هذا التحول الكبير تغير الأولويات في سوق العمل الطبي، حيث أصبحت الأمراض الجلدية وجهة جذابة ليس فقط لمزاياها المهنية، بل كفرصة استثمارية مربحة أيضاً، وذلك وفقاً لتقرير صحيفة «وول ستريت جورنال».
الأرباح والطلب المتزايد يتصدر أطباء الجلدية قائمة أعلى الرواتب في القطاع الطبي، حيث يبلغ متوسط راتبهم السنوي 541 ألف دولار، وفقاً لتقرير جمعية إدارة المجموعات الطبية الأميركية.
ويُقارن ذلك برواتب تخصصات أخرى مثل طب الأطفال، الذي يبلغ متوسط راتبه 258 ألف دولار. لكن ما يميز تخصص الأمراض الجلدية أكثر هو ساعات العمل المريحة. فغالباً لا تتجاوز ساعات العمل لدى أطباء الجلدية 40 ساعة أسبوعياً، مع قلة نادرة في الطوارئ الليلية أو خلال عطلات نهاية الأسبوع؛ مما يجذب العديد من الأطباء الشباب، خصوصاً النساء.
ووفقاً لبرنامج التخصص الوطني في الولايات المتحدة، شكّلت النساء هذا العام 71 % من المتقدمين للأمراض الجلدية، مقارنة بـ 63% فقط قبل عامين.
صناعة تدعم الاقتصاد تعزز شعبية الأمراض الجلدية من مساهمتها الاقتصادية، ولا سيما في قطاع العلاجات التجميلية، حيث شهد هذا القطاع نمواً ملحوظاً مدفوعاً بزيادة الاهتمام بالعناية بالبشرة، التي أصبحت صناعة بمليارات الدولارات.
من جانبها، تقول الدكتورة شيرين إدريس، طبيبة الأمراض الجلدية وصاحبة عيادة في نيويورك: «أصبح الناس أكثر وعياً بأهمية العناية بالبشرة، ولا سيما مع زيادة الاعتماد على المكالمات المرئية خلال الجائحة».
وتقدم إدريس علاجات تجميلية مثل «الليزر» و«المايكرونيدلينغ»، بأسعار تبدأ من 500 دولار وتصل إلى آلاف الدولارات للجلسة الواحدة. ويؤكد التقرير أن هذا المجال لم يعد مجرد مهنة طبية تقليدية، بل تطور ليصبح بوابة لتحقيق أرباح ضخمة، ولا سيما للأطباء الذين يوسعون نشاطاتهم التجارية بإطلاق منتجات وخدمات تجميلية تحمل علاماتهم التجارية.
أداة تسويق فعالة يستخدم أطباء الأمراض الجلدية منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك» للتواصل مع الملايين من المتابعين، ما يُمكّنهم من تسويق منتجاتهم وخدماتهم بشكل مباشر. وتقول إدريس: «هذا التفاعل يجعل الجمهور أكثر ارتباطاً بمجالنا».
وساعد هذا التوجه في زيادة الطلب على خدمات الأمراض الجلدية، وخصوصاً التجميلية منها. وتشير التقارير إلى أن بعض الأطباء يكسبون ما يصل إلى 30 ألف دولار لكل منشور دعائي على منصات التواصل، مما يعزز مكانة الأمراض الجلدية كفرصة استثمارية قوية.
تاريخ المهنة وتحولاتها لم يكن تخصص الأمراض الجلدية دائماً بهذه الجاذبية، ففي الماضي، ركز الأطباء في هذا المجال على علاج الأمراض الجلدية الخطيرة مثل الأمراض المنقولة جنسياً، وحتى حالات الجلد المرتبطة بفيروس نقص المناعة المكتسبة. ومع ظهور علاجات تجميلية مثل «البوتوكس»، بدأ التخصص يجذب المزيد من الأطباء.
من جهتها، توضح الدكتورة دونا ستوكتون، طبيبة الأمراض الجلدية في شيكاغو: «كان المجال يتسم بالتحديات الطبية، لكن مع مرور الوقت، أصبح التركيز أكبر على الجانب التجميلي».
تحديات مستقبلية وبحسب التقرير، رغم جاذبية التخصص، لا يخلو المجال من تحديات، أبرزها نقص التنوع العرقي. وأشارت دراسة أجريت عام 2020 إلى أن الأمراض الجلدية هي ثاني أقل التخصصات الطبية تنوعاً، ولمعالجة هذه الفجوة، أطلقت الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية مبادرات لتشجيع الأقليات على دخول المجال.
في السياق، أسست الدكتورة أويتيوى أسيمبا عيادة متخصصة في العناية بالبشرة الملونة في هيوستن، مشيرة إلى أن الأمراض الجلدية تظهر بشكل مختلف حسب لون البشرة، وأن قلة الوعي بهذا الجانب قد تؤثر على جودة التشخيص والعلاج.
فرصة استثمارية مع تزايد الطلب على خدمات الأمراض الجلدية، سواء الطبية أو التجميلية، يُنظر إلى هذا التخصص على أنه استثمار ذو عوائد مرتفعة. ورغم المنافسة الشرسة، التي تشهد تقديم مئات الطلبات لشغل عدد محدود من مقاعد التخصص، يظل المجال فرصة مربحة لمن يتمكن من دخوله.
ووفقا للتقرير، فإن الأمراض الجلدية تحولت إلى أكثر من مجرد تخصص طبي؛ إنها صناعة متنامية توفر للأطباء الشباب حياة متوازنة وأرباحًا هائلة، في الوقت الذي تواصل فيه إحداث تأثير اقتصادي متزايد.
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس