يعيش نحو 317 مليون طفل ومراهق حول العالم أوضاعًا صحية تؤدي إلى إعاقات في النمو، وفقًا لبيانات اليونيسف عام 2019. وفي مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تعد موارد الرعاية الصحية المتخصصة وأدوات التشخيص محدودة غالبًا، تتسبب معدلات التشخيص الخاطئ المرتفعة في تأخير التدخلات اللازمة أو عدم ملاءمتها، مما قد يؤثر سلبًا على نمو الطفل.
يقول مؤسس ورئيس مجلس إدارة مركز التدخل المبكر للتوحد واضطرابات النمو (EICADD) نورالدين الديري: "التداعيات الناجمة عن التشخيص الخاطئ للنمو، لا تقتصر على تأخير العلاج فقط، بل تمثل أيضًا فرصة ضائعة لتحسين مستقبل الطفل" مشددًا على ضرورة توفير أساليب تشخيص متسقة وموثوقة على مستوى العالم.
حاليًا، يخضع أقل من نصف الأطفال على مستوى العالم للفحص، للكشف عن مشكلات النمو قبل سن الثالثة، كما أن التشخيصات المبكرة قبل سن الثامنة تعد نادرة، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أميركا (CDC). ويعزو الخبراء هذه الفجوة إلى عدم التوازن بين العرض والطلب، فهناك عدد كبير من الأطفال الذين يحتاجون إلى التشخيص، بينما ليس لدينا ما يكفي من المتخصصين المؤهلين لإجراء التقييمات الشاملة المطلوبة لتشخيص دقيق.
المراكز الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولمواجهة التحديات من حيث التشخيص، أسس الديري بعمر 26 عامًا مراكز (EICADD) في عام 2022، انطلاقًا من الأردن والإمارات. وتُعد هذه المراكز الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعتمد على الذكاء الصناعي لتشخيص اضطرابات النمو العصبي. ففي هذه المراكز تحصل الأسر على تشخيصات دقيقة ومبكرة، بالإضافة إلى خطط علاجية شخصية قائمة على تحليلات صحية متقدمة. يشرح الديري: "يجمع نهجنا بين التشخيص الدقيق وتحليل الصحة وإعادة التأهيل، مع التركيز على رؤية شاملة للطفل". ويضيف أن الهدف هو تزويد الأسر بتحليلات عملية ودعم متكامل، لتعزيز مسار نمو أطفالهم. ومن خلال تحديد السمات الجينية والخصائص الفسيولوجية المرتبطة، يتجاوز نهج (EICADD) إدارة الأعراض التقليدية، ليعالج الأسباب الجذرية لاضطرابات النمو العصبي.
جهاز الذكاء الصناعي لتحليل النمو العصبي الابتكار الأساسي في (EICADD) هو جهاز الذكاء الصناعي لتحليل النمو العصبي (Infant Intellectual Auto Classifier) وهو أداة تشخيصية تعتمد على الذكاء الصناعي طورها الديري خلال جائحة كورونا، بالتعاون مع خبراء من مؤسسات رائدة مثل هارفارد، حيث ابتكر نظامًا يستطيع تقييم الاضطرابات العصبية النمائية لدى الأطفال، بدءًا من عمر 4 أشهر، بدقة تشخيصية تصل إلى %99.5. وعلى عكس الأساليب التقليدية التي قد تفتقر إلى الموضوعية والتناسق، تعتمد هذه الأداة على رؤى مدفوعة بالبيانات عبر جمع وتحليل البيانات الفسيولوجية والسلوكية، مثل معدل ضربات القلب، وحركة العين، وتعبيرات الوجه، أثناء مشاهدة الطفل لمقطع فيديو تفاعلي مصمم لهذا الغرض.
تحلل خوارزميات الذكاء الصناعي في الجهاز هذه الاستجابات، وتقدم تشخيصًا موضوعيًا دون الحاجة إلى تفاعل مباشر مع الطفل، مما يجعلها مثالية للأطفال الذين يواجهون صعوبة في التعبير اللفظي، وأولئك الذين يعانون من حساسية حسية. يوضح الديري: "لا تقتصر فعالية هذه الأداة الدقيقة على تقليص مدة عملية التشخيص، التي قد تستغرق عادة شهورًا أو حتى سنوات، بل إنها تسهم أيضًا في إزالة الإحباطات الشائعة المرتبطة بالأساليب التقليدية للتقييم".
ويقدّم جهاز الذكاء الصناعي لتحليل النمو العصبي لدى الأطفال الرضع نتائج شاملة خلال 6.5 دقيقة فقط، حيث يلتقط البيانات دون الحاجة إلى تفاعل مباشر من الطفل. وقد حازت هذه الكفاءة والسهولة على اهتمام الآباء ومقدمي الرعاية الصحية على حد سواء، مما يتيح إمكانية الكشف المبكر عن الاضطرابات، والبدء بالتدخلات العلاجية فورًا.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عالج (EICADD) حالة وراثية نادرة لدى طفل مصاب بجين (kat6b) باستخدام تحليل صحي دقيق للحالة، مما أدى إلى تحسن بنسبة %90 في المهارات الحركية خلال 18 شهرًا. يقول الديري: "مكّن هذا التدخل الشخصي الطفل، الذي كان غير قادر على المشي سابقًا، من الاندماج بنجاح والازدهار في مرحلة الدراسة (KG1) جنبًا إلى جنب مع أقرانه في بيئة مدرسية طبيعية". وفي فبراير/ شباط 2024، قدّم فريق من جامعة لويزفيل أداة جديدة تعتمد على الذكاء الصناعي، وقادرة على تشخيص التوحد لدى الأطفال بعمر عامين بدقة تصل إلى %98.5.
الذكاء الصناعي في تشخيص النمو العصبي إدخال الذكاء الصناعي في تشخيص النمو العصبي لدى الأطفال، يُعد واعدًا بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث غالبًا ما تكون موارد الرعاية الصحية وأدوات التشخيص المتخصصة محدودة. وقد أظهرت دراسة نشرتها جامعة حمد بن خليفة في عام 2023 أن محدودية الأدوات المتاحة باللغة العربية تعيق التشخيص المبكر، مما يحرم العديد من الأطفال من فرص التدخل في الوقت المناسب. مع ذلك، تظل الموارد باللغة العربية لتشخيص النمو العصبي نادرة، وهي عقبة يسعى مركز الديري، إلى التغلب عليها.
يقول الديري: "إتاحة المعرفة باللغة العربية على نحو مناسب أمر أساسي. وقد شكرنا الأهالي على تقديم المعلومات بطريقة يسهل الوصول إليها وفهمها بلغتهم" مشددًا على أهمية تقديم رعاية شاملة تتناسب مع الثقافة المحلية. وفي مركز (EICADD) يعمل الديري على سد هذه الفجوة، من خلال توفير موارد باللغة العربية، وتوظيف متخصصين ثنائيي اللغة، مما يضمن حصول الأسر على الدعم والمعلومات التي يحتاجونها بلغتهم الأم.
يوضح أرشيا سينغوبتا، مدير أول الرعاية الصحية وعلوم الحياة في شركة (JLL MEA): "يعد السياق الثقافي أمرًا حيويًا في مجال الرعاية الصحية للأطفال، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تشكل القيم العائلية، والخصوصية، والثقة أسسًا رئيسية في تقديم الرعاية".
ويضيف: "يمكن تكييف الحلول التكنولوجية من خلال توفير الدعم متعدد اللغات، بما في ذلك اللغة العربية واللهجات المحلية، بالإضافة إلى.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط