لطالما كافح التجار السرقات من رفوف متاجرهم بكل الوسائل، فضاعفوا عدد الحراس وكاميرات المراقبة وثبتوا أقفالاً لحماية البضائع كما ألصقوا رقعاً للتعقب في طيات الملابس وما سواها لتنذرهم بخروجها دون دفع، لكن السرقات لم تتوقف.
بيّن أحدث استطلاعات اتحاد متاجر التجزئة الوطني أن خسائر المبيعات في متاجر التجزئة في الولايات المتحدة وحدها بلغت نحو 73 مليار دولار في 2022 نتيجةً لسرقات ارتكبها مرتادو المتاجر أوموظفون.
أما في المملكة المتحدة، فتضاعفت السرقات من المتاجر خلال عام 2023 مقارنة بسابقه، فبلغت 3.3 مليار جنيه إسترليني (4.3 مليار دولار)، وفقاً لتقرير من تكتل متاجر التجزئة البريطانية.
في محاولة جديدة لمواجهة هذه الظاهرة، تدرس المتاجر حالياً خياراً مبتكراً وهو حياكة خيوط داخل الأقمشة تبعث إشارات لاسلكية، فتحوّل الملابس بحدّ ذاتها إلى جهاز إنذار ضد السرقة.
شركة "إنديتكس"، مالكة سلسلة متاجر "زارا" وأكبر شركة بيع ملابس مدرجة في البورصة، واحدة من المؤسسات التي تدرس هذا التغيير. فقد بحثت شركة تجارة التجزئة العملاقة، التي تتخذ من أرتيشو في إسبانيا مقراً لها، مع شركة تقنية إسبانية صغيرة تُدعى "ميرونس" (Myruns) وشركة "تليفونيكا" (Telef nica) للاتصالات إمكانية استخدام نظام إنذار مضاد للسرقة يتميز بكونه دقيق الحجم بحيث تتعذر رؤيته بالعين المجردة، حسبما أفاد به أشخاص مطلعون على الموضوع طلبوا عدم كشف هوياتهم بسبب خصوصية المعلومات.
وقد صرح متحدث باسم "إنديتكس" أن الشركة لا تخطط لإجراء تجارب على هذه التقنية داخل متاجرها.
متعقب أرفع من شعرة
تبحث متاجر التجزئة في مختلف أرجاء العالم عن وسائل للحد من الخسائر الناجمة عمّا يُعرف بـ"تقلص المخزون"، وهي مشكلة برزت بعد جائحة كورونا. إذ أرجعت العديد من الشركات ضعف مبيعاتها إلى تفشي السرقات، بينما انتشرت مقاطع فيديو توثق عمليات اقتحام ونهب جماعي للمتاجر، وهي تُعرف بظاهرة "التحطيم والسرقة".
التقنية التي تطوّرها شركة "ميرونس" في سان سباستيان في إسبانيا، قد تكون مجرد واحدة من الوسائل التي تدرس "إنديتكس" اعتمادها مكافحةً للسرقة. وقد رفضت الشركة التعليق على أي مشروع بعينه.
بيّن أحد الأشخاص المطلعين أن منتج "ميرونس" يتميز بكونه أدق بخمس مرات من شعرة الإنسان، أي بقطر يبلغ جزءاً من ألف من البوصة، ويعتمد على حبر ناقل للكهرباء مستخلص من السيليلوز لإرسال إشارات يمكنها تفعيل جهاز الإنذار إن غادر شخص المتجر وهو يحمل ملابس قبل إبطال الأداة المحاكة ضمن الأقمشة.
يمثل هذا الحبر الجديد بديلاً عن الألمنيوم، الذي يُعد المادة الأساسية المستخدمة في معظم أجهزة الإنذار، ما يعني أن التجار لن يعودوا مضطرين للاعتماد على هذا المعدن في أجهزة الإنذار، ما يجعلها قابلة للتحلل عضوياً، ويسهّل ذلك إعادة تدوير الملابس.
تضمّ قائمة الشركات المنافسة التي تصنع خيوطاً تحوي معادن للتعريف اعتماداً على موجات لاسلكية، كلاً من "بريمو 1د" (Primo1D) المتفرعة عن مركز بحثي في غرينوبل في فرنسا و"آر إف آي دي ثريدس" (RFID Threads) في نوتينغهام في إنجلترا، التي كانت تُعرف سابقاً بـ"أديتيكس أي دي" (Adetex.ID).
إبرازها أفضل أم إخفاؤها؟
قالت إيميلين تايلر، أستاذة علم الجريمة والعضو في مجموعة إرشادية لمكافحة الجريمة في قطاع البيع بالتجزئة تابعة للحكومة البريطانية: "على التجار أن يقرروا إلى أي مدى يرغبون في إبراز الاستراتيجية التي سيتبعونها للحدّ من الخسائر... بعض الشركات تحبذ نظام إنذار ظاهر جداً وحضوراً أمنياً وشاشات تعرض على مرأى الزبائن ما تلتقطه كاميرات المراقبة، فيما تفضّل شركات أخرى اعتماد استراتيجيات خفية مندمجة ضمن بنيتها التحتية".
تؤثر مكانة العلامة التجارية في مثل هذه القرارات. قالت تايلر: "في بعض المتاجر، بالأخص الأرقى والمتخصصة بالعلامات التجارية الفاخرة، لا يرغب التجار في إعطاء انطباع أنهم يواجهون مشكلات تتعلق بالجريمة، أو الإيحاء بأن المتسوقين موضع شك".
لطالما اتخذت "إنديتكس" خطوات استباقية لمكافحة سرقات المتسوقين. فقد أعلنت الشركة العام الماضي عن استبدال أجهزة الإنذار البلاستيكية التقليدية المثبتة على الملابس، والتي تتطلب تدخل موظفين لإزالتها، بتقنية أمان.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg