نشأت مريم البسام في المملكة العربية السعودية في زمن لم يكن يُسمح للنساء بقيادة السيارات، ولم يكن بمقدورهن الحصول على جوازات سفر خاصة بهن أو السفر دون إذن من ولي أمرهن.
عندما كانت في السادسة من عمرها، اصطحبها والدها، وهو جندي سعودي متقاعد أصبح لاحقاً رجل أعمال، إلى اجتماعات عمله، لكنه أخبرها أنه سيتعين عليها التعوّد على كونها الفتاة الوحيدة على طاولة الاجتماعات. وعندما حصلت على أول وظيفة لها في عام 2013، كانت السيطرة على الاقتصاد ما زالت بيد الرجال.
ولكن في عام 2018، بدأت رياح التغيير تهب. أصبحت السعودية آخر دولة في العالم تسمح للنساء بقيادة السيارات. وفيما بعد، أعلنت عن إصلاحات شملت السماح للنساء بتأسيس أعمال دون الحاجة إلى موافقة الرجل، والعمل أثناء الحمل، والسفر بشكل مستقل. وخلال أربع سنوات، تضاعفت تقريباً نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة لتصل إلى حوالي 37%.
واليوم، تبحث البسام عن صفقات لصالح شركة رأس المال الجريء "غرافين فينتشرز" (Graphene Ventures) بصفتها مديرة رئيسية للشركة في الرياض. كما أصبح هناك نساء أخريات يتقلدن مراتب عليا في عالم المال والأعمال، ويتداولن الأسهم، ويبرمن صفقات الاندماج، ويدرن الشركات. وقالت البسام: "نصبح أكثر انفتاحاً، ونتخذ مساراً مختلفاً في التمكين".
تُظهر مقابلات نادرة أُجريت مع حوالي 12 من القيادات النسائية البارزة في السعودية، تحولاً جذرياً في بلد كان يضم عدداً قليلاً من النساء العاملات قبل عقد من الزمن. بعضهن لم يسبق لهن الحديث للإعلام، وقد وافقن على إجراء مقابلات مسجلة لرغبتهن في تسليط الضوء على التقدم المحرز. أما من طلبن عدم الكشف عن هوياتهن لعدم رغبتهن في مناقشة حياتهن بشكل علني، فقد أبدين أيضاً تفاؤلاً كبيراً بشأن آفاق النساء السعوديات في سوق العمل.
ميزات تضييق الفجوة
على الصعيد العالمي، أبرز الاقتصاديون الفوائد المالية لتضييق الفجوة بين الجنسين في سوق العمل، وهو هدف لم تتمكن حتى الدول المتقدمة من تحقيقه بالكامل. ففي الولايات المتحدة، حيث اكتسبت قضايا النوع الاجتماعي اهتماماً كبيراً وسط فشل محاولة نائبة الرئيس كامالا هاريس الانتخابية، لا تزال نسبة النساء في القوى العاملة أقل من معدلات ما قبل الجائحة التي بلغت 58%، وفقاً لغرفة التجارة الأمdريكية.
السعودية الغنية بالنفط، وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بإجمالي ناتج محلي سنوي يبلغ 1.1 تريليون دولار، من الدول القليلة التي تُظهر فوائد تعزيز المساواة بين الجنسين. وقد أدى التقدم المحرز للمرأة وحده إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 12%، وفقاً لـ"كابيتال إيكونوميكس". وتتوقع "إس آند بي غلوبال" أن يؤدي زيادة مشاركة النساء في سوق العمل إلى إضافة 39 مليار دولار للاقتصاد السعودي خلال العقد المقبل، فضلاً عن دفع نمو قطاعات جديدة مثل التمويل.
على الرغم من أن المملكة حققت نمواً مذهلاً في معدل مشاركة النساء في سوق العمل خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال خلف اقتصادات مثل الولايات المتحدة والصين والإمارات. مع ذلك، تشعر العديد من النساء السعوديات اللواتي يتذكرن أوقاتاً سابقة، أن هناك الآن فرصاً أكثر من أي وقت مضى لإثبات بصماتهن في سوق العمل والاقتصاد.
وأفادت الحكومة بأن نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا والمتوسطة في المملكة بلغت حوالي 44% خلال الربع الأول من العام الجاري.
إليكم ما قالته تنفيذيات سعوديات عن إنجازاتهن وتحدياتهن ورؤيتهن للمستقبل:
صانعة الصفقات
مريم البسام هي مديرة رئيسية في شركة رأس المال الجريء "غرافين فينتشرز" ومقرها في الرياض. بدأت مسيرتها المهنية من خلال التدرب في وكالة إعلانات عام 2013،وسرعان ما استعادت شعوراً مألوفاً تمثل في الحضور إلى قاعات العمل المليئة برجال يسيطر عليهم شعور التشكيك في قدرات النساء.
وقالت: "لماذا تتولى امرأة هذه المهمة؟ أليس الرجال أكثر دراية؟ حقيقة أنني استطعت إنجاز العمل أثارت إعجابهم".
في ذلك الوقت، كانت السعودية قد بدأت تخفيف القواعد الصارمة التي تفصل النساء عن الرجال في أماكن العمل، رغم أن العديد منهن كن لا يزلن مقيّدات بأماكن مخصصة. اليوم، أصبحت المكاتب في الرياض لا تختلف كثيراً عن نظيراتها في لندن أو نيويورك، باستثناء أن العديد من النساء السعوديات ما زلن يرتدين العباءة، بسبب معتقداتهن.
خلال عملها في شركة ناشئة في عام 2018، عاصرت البسام تحولاً ملموساً، فقد تحوّلت الأسئلة إلى نقاشات حول الشمولية، وبدأت زميلاتها النساء يظهرن اهتماماً أكبر بالعمل.
على الرغم من ذلك، قالت إن العديد منهن ما.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية