تعاني فرنسا من ضغوط مالية حادة دفعت تكاليف اقتراضها لتتساوى لأول مرة مع تلك الخاصة باليونان، التي عانت سابقاً من أزمة ديون خانقة، مما يعكس تحولاً كبيراً في نظرة المستثمرين إلى قدرة الدول الأعضاء في منطقة اليورو على الوفاء بالتزاماتها المالية.
جاء ذلك في وقت تواجه فيه حكومة ميشيل بارنييه تهديداً بالتفكك؛ بسبب مشروع ميزانية يضم زيادات ضريبية بقيمة 60 مليار يورو وخفضاً في الإنفاق. وقد توعدت أحزاب المعارضة من اليمين المتطرف واليسار بالإطاحة بالحكومة إذا مضت قدماً في خططها المالية.
قلق المستثمرين
تزايدت المخاوف بين المستثمرين من أن انهيار الحكومة قد يؤدي إلى التخلي عن جهود تقليص الدين العام. وأوضح ميشيل توكير، الاستراتيجي البارز في مجال أسعار الفائدة لدى «آي إن جي»، أن تصويت حجب الثقة قد يقوض التقدم الذي أُحْرِز بشأن الميزانية المقترحة، ويدفع البلاد نحو فترة جديدة من عدم الاستقرار السياسي.
تراجع الفارق بين السندات الفرنسية واليونانية
خلال ذروة أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو عام 2012، تجاوزت تكاليف اقتراض اليونان نظيرتها الفرنسية بأكثر من 37 نقطة مئوية، إلا أن الفارق تقلص بشكل حاد، ليصبح يوم الخميس 0.02 نقطة مئوية فقط، مع استقرار عائدات السندات اليونانية لمدة عشر سنوات عند حوالي 3%.
الأسباب الكامنة وراء هذا التحول
ساهمت عدة عوامل في هذا التقارب بين تكاليف اقتراض البلدين، من أبرزها ارتفاع الدين العام الفرنسي: فبلغ الدين الفرنسي 112% من الناتج المحلي الإجمالي ويواصل الارتفاع، مدفوعاً بإنفاق حكومي كبير لمواجهة تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، في وقت جاءت الإيرادات الضريبية أقل من المتوقع.
كما تمكنت الدول التي كانت تعرف بمجموعة «PIGS» (البرتغال، إيطاليا، اليونان، وإسبانيا) من تقليص ديونها وجذب المزيد من الاستثمارات. على سبيل المثال، انخفض الدين اليوناني من أكثر من 200% من الناتج المحلي الإجمالي خلال أزمة كوفيد-19 إلى نحو 160%، مع توقعات بمزيد من التراجع.
ترقب تصنيف جديد من «S&P»
في ظل هذه التحديات، ينتظر المستثمرون تحديثاً من وكالة «إس أند بي» مساء الجمعة لتصنيف فرنسا الائتماني، بعدما قامت وكالتا «فيتش» و«موديز» بخفض توقعاتهما للبلاد الشهر الماضي. وبينما تسجل عائدات السندات الفرنسية تراجعاً طفيفاً منذ بداية الشهر، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو إقناع المستثمرين بقدرتها على كبح مسار الدين الصاعد واستعادة الثقة بالأسواق.
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس