المفكر السوري برهان غليون، في حوارٍ مع CNBC عربية:
السوريون أمام لحظة فارقة، يتحررون من نصف قرن من الظلام إلى غابة تنتظرهم فيها وحوش ضارية!
اندماج الفصائل المسلحة في الجيش الوطني، وتطبيق قرارات دولية معدلة مثل 2254، هما شرطان أساسيان لإقامة دولة سورية موحدة تنهي حقبة سلطة الفرد المطلقة
النظام السياسي الأمثل لسوريا هو ذلك الذي يتفق عليه السوريون، ويضمن المساواة التامة بينهم، مع احترام اختلافاتهم وبناء علاقاتهم على أساس القانون المشترك
التجاوزات الإسرائيلية جزء من مساعي تجريد سوريا من السلاح ووضعها في موقف الضعف الاستراتيجي الكامل
رغبة -أميركية غربية- لتحييد دمشق استراتيجياً في توازنات الشرق الأوسط وإخراجها كلياً من الصراع القائم على الهيمنة الإقليمية وتمكين إسرائيل من تحقيق مشاريعها التوسعية
السوريون يتفهمون عجز الوضع السوري القائم عن الرد على مثل هذه الاعتداءات الإسرائيلية
التجاوزات الإسرائيلية.. معركة سياسية ودبلوماسية كبيرة تقع مسؤوليتها على النظام السوري الجديد وربما تتحول إلى معركة عسكرية ومقاومات وطنية شعبية
إلغاء التجنيد الإجباري "خسارة كبيرة".. وهذه هي محددات عوامل بناء جيش وطني قوي
في لحظة فارقة من تاريخ سوريا المعاصر، تسدل البلاد الستار على نظام بشار الأسد وتدخل مرحلة جديدة من التحديات الكبرى والتطلعات العميقة، بينما تنتظرها طريق طويلة من إعادة البناء الوطني والتغلب على إرث الصراعات والانقسامات.
في هذه المرحلة الحساسة، تبرز أسئلة مصيرية تتعلق بهوية الدولة الجديدة وطبيعة النظام السياسي الذي يمكن أن يجمع شتات السوريين بعد سنوات من الحرب والدمار. وكيف يمكن تحقيق مصالحة وطنية شاملة دون التفريط بمبدأ العدالة؟ وما السبيل إلى بناء مؤسسات دولة حديثة وقادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي خلّفتها الحرب؟
في سياق التحولات الجذرية التي تشهدها سوريا، يأتي هذا الحوار مع المفكر السوري، برهان غليون، حول مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث تواجه البلاد تحديات غير مسبوقة على الصعيدين الداخلي والخارجي. بين آمال إعادة البناء ومخاطر الانقسامات، وفيما تبرز أسئلة ملحّة حول طبيعة النظام السياسي المقبل، ودور القوى الوطنية في صياغة مستقبل جامع لكل الأطياف السورية.
في هذا الحوار، يستعرض غليون، وهو مدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس ورئيس المجلس الوطني السوري السابق، رؤيته لتحولات المشهد السوري، وما إذا كان السوريون قادرين على رسم مسارهم بعيداً عن التدخلات الخارجية. ويشرح كيف يمكن تحويل القوى المسلحة إلى مؤسسات سياسية شرعية؟ مفنداً في الوقت نفسه التحديات التي تعترض بناء دولة حديثة تحترم تطلعات المواطنين وتضمن الاستقرار في وجه تعقيدات الماضي.
كما يقدم غليون -الذي أثرى المكتبة العربية بسلسلة من المؤلفات والأعمال الفكرية التي تناولت هموماً عربية معاصرة، آخرها كتابه "سؤال المصير"- رؤية نقدية عميقة لكيفية تفادي أخطاء الماضي والانطلاق نحو مستقبل أكثر استقراراً وعدالة.
في البداية، كيف تُقيم اللحظة الراهنة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد؟
هي لحظة الخروج من تخبط في نفق مظلم دام نصف قرن إلى غابة مسكونة بالوحوش الضارية التي تنتظر خروج الفريسة لالتهامها!
عملياً: هل بوسع السوريين تقرير مصيرهم بأنفسهم هذه المرّة في ضوء المعطيات الراهنة وبعد أكثر من عقد من تحول البلاد لساحة حروب بالوكالة؟
يتوقف الأمر على سلوك "الوحوش" وقدرتنا نحن السوريين على تحييدها أو تدجينها، وهذا يستدعي أيضاً قدرتنا على الارتفاع فوق خلافاتنا والتفاهم فيما بيننا على رؤية واحدة ومشروع وطني يستجيب لتطلعات جميع الأفراد في العدالة والمساواة وجميع الطوائف والأقوام والفئات الاجتماعية بالأمن والسلام ويعزز الأمل والثقة في المستقبل.
بعد نجاح المعارضة المسلحة في السيطرة على الحكم.. وفي ضوء المعطيات الراهنة، هل يمكن ضمان انتقالها من فصائل عسكرية إلى قوى سياسية شرعية ومؤسساتية حقيقية، ومقبولة محلياً وإقليمياً ودولياً؟ وما أبرز التحديات التي تواجهها في تثبيت سلطتها؟
نعم. هذا ما يصرح به قادة الهيئة الحاكمة اليوم. فهم لا يخفون أن جميع الفصائل سوف تحل في فترة لاحقة وتندمج في الجيش الوطني وتخضع للقيادة السياسية التي ستنجم عن تطبيق قرار 2254 معدلاً.
هناك أخبار تشير إلى أن هناك مفاوضات مع قوات سورية الديمقراطية ذاتها لتندرج في الجيش السوري القادم مع بقية الفصائل. وهذا الاندماج هو الشرط الأول لإقامة دولة سورية جديدة موحدة وسلطة تستمد شرعيتها من الشعب وتخضع لمحاسبته وتكون بالتالي تداولية وديمقراطية قائمة على توزيع السلطات والصلاحيات، وتنهي إلى الأبد كما يتمنى السوريون، وكل شعب يعيش محنتهم، سلطة الفرد الذي يحتكر لنفسه جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية والعسكرية وحتى الدينية كما كان عليه الحال في الحقبة السوداء الماضية.
لا يمكن لهذا أن يتحقق أيضا من دون العمل بموازاته على بناء المؤسسات الأخرى السياسية والقانونية والإعلامية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، أي من دون التغلب على الشرذمة السياسية والاجتماعية وحتى الفكرية التي عرفها المجتمع السوري بسبب الحرب الابادية التي مارسها النظام المخلوع.
ما تصورك لشكل النظام السياسي "الأمثل" لسوريا في المرحلة المقبلة؟
النظام السياسي الأمثل هو النظام الذي يتفق عليه السوريون ويجمعون عليه، أي ما يستطيع أن يجمعهم ويوحد إرادتهم في ما وراء اختلافاتهم الطبيعية في المصالح والأفكار والانتماءات والتطلعات.
لا أرى نظاماً يمكن أن يجمع المختلفين والمتفرقين، كما هو حال كل المجتمعات، إلا النظام الذي يقوم على المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين الجميع واحترام اعتقاداتهم واختلافاتهم وانتماءاتهم، وبناء العلاقات في ما بينهم على أساس القانون المنبثق عنهم والذي يختارونه بإرادتهم الحرة.
وهو الذي يشكل القاعدة الناجعة لبناء التفاهم بين أفراد المجتمع على مبادئ جوهرية أصبحت في عصرنا أساس أي اجتماع حديث، وهي -كما ذكرت- العدالة والمساواة والأخوة.. والنظم السياسية التي لا تأخذ بالاعتبار هذه المباديء تدين نفسها بالاخفاق ولا تساعد المجتمع على التحرر والتقدم ولا تدوم.
وما رؤيتك لبناء مؤسسات الدولة في سوريا ما بعد الأسد؟
لا ينفصل بناء مؤسسات الدولة ومنها مؤسسة الجيش والإدارة المدنية والمؤسسات التشريعية والقضائية عن بناء النظام السياسي. فهي جزء منه وقائمة على المبادئ ذاتها.
وكما أنه لا ينبغي علينا أن نرى في النظام الديمقراطي نموذجاً جاهزاً وناجزاً، وإنما حصيلة توافق المجتمع على تجسيد المبادئ الكبرى التي ذكرت سابقاً، لا ينبغي أن نفكر بأن هناك نماذج.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة CNBC عربية