في الأوقات العادية، تُشبه إدارة السياسة النقدية قيادة سيارة وسط حالة ضبابية كثيفة من عدم اليقين، حيث يكون لديك فكرة عامة عن وجهتك، لكنك تتحرك ببطء لتجنب الحوادث. في الوقت الحالي، يبدو الأمر أشبه بقيادة سيارة سائقها معصوب العينين تماماً ومع فرامل معطلة. تعد الخطوة الأكثر حكمة في مثل هذه الظروف هي التوقف.
من خلال قراره في 18 ديسمبر، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس لتصل إلى نطاق 4.25% و4.50%، وهي تعديلات مناسبة بالنظر إلى التراجع الكبير في التضخم في الولايات المتحدة مقارنة بذروتها خلال 2022. لكن لا أحد يعرف ما الذي سيحدث لاحقاً، وأنا أعني قول لا أحد. السمة الأبرز لتوقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الاقتصادية الأخيرة كانت عدم اليقين المحيطة. يشير التوقع الأوسط لأعضاء لجنة تحديد أسعار الفائدة حالياً إلى أن التقدم المحرز لكبح التضخم سيتباطأ بصورة ملحوظة خلال 2025، وأن البنك المركزي الأميركي سيكتفي بتخفيض أسعار الفائدة مرتين فقط بحلول ديسمبر من العام المقبل.
لكن من بين 19 عضواً من مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي ورؤساء فروعه الإقليمية، يرى 15 عضواً في الوقت الراهن أن المخاطر المتعلقة بتوقعاتهم بشأن بيانات التضخم الأساسية لنفقات الاستهلاك الشخصي تميل إلى الاتجاه الصعودي، في أعلى مستوى منذ 2022. كما أشار 14 عضواً إلى أن عدم اليقين بشأن هذا المؤشر، الذي يُعتبر المقياس المفضل للتضخم لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، قد زاد منذ آخر استطلاع رأي لهم خلال سبتمبر الماضي.
لماذا أصيب الجميع فجأة بحالة من عدم اليقين؟
أولاً، ظهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. رغم حرص رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول على تجنب التعليق على الأمور السياسية، إلا أن أجندة ترمب تُضيف مجموعة مخاطر مزدوجة. ربما يسفر تهديده بفرض رسوم جمركية على نطاق واسع على شركاء الولايات المتحدة الأميركية التجاريين بصورة آلية عن رفع مستويات الأسعار. رغم ذلك، إذا نظرنا إلى فترة رئاسة ترمب الأولى، نجد أن الحرب التجارية التي أشعلها دفعت بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة استجابة للاضطرابات في الأوضاع المالية واحتمال تراجع استثمارات الشركات.
استعرض باول خلال المؤتمر الصحفي تفاصيل من بحوث بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تعود لسنة 2018 تشير إلى ضرورة تجاوز التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية. رغم ذلك، فإن هذا المناخ مختلف بصورة جلية عن فترة ما قبل وباء كورونا بطرق عدة، إذ تأثرت توقعات التضخم في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضية. كما وعد دونالد ترمب بتمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت 2017 وربما إضافة تخفيضات جديدة، وهو ما قد يعزز نمو الاقتصاد الأميركي ويُفاقم التضخم في الولايات المتحدة، لا سيما إذا كانت هذه التخفيضات مموّلة عن طريقة عجز.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg