هناك أوهام كثيرة عن إنجازات حدثت فى تاريخ مصر الحديث. مثال واضح هو تطور الصناعة فى عصر محمد على، وحققه بدقة وبحثه علميًا الدكتور على الجريتلى، الذى اختاره مجلس قيادة الثورة عام ١٩٥٢ ليكون وزيرًا للاقتصاد، وأرسل مجلس الثورة مشروعًا بإعادة الأحزاب السياسية وافق عليه مجلس الوزراء باستثناء الجريتلى الذى طلب فترة لتوعية وتثقيف الجماهير لتكون قادرة على الاختيار. وأخذ مجلس قيادة الثورة برأى الجريتلى وأعاد القانون بإلغاء الأحزاب السياسية، ووافق مجلس الوزراء فاستقال الجريتلى لأن رأى الأغلبية المخالف لرأيه كان يجب أن يطبَّق حسب قواعد الديمقراطية، فأقاله مجلس قيادة الثورة ومُنع من السفر فترة طويلة.
فى عام ١٩٤٩ طلب من الجريتلى رصد تاريخ الصناعة فى عهد محمد على بمناسبة مائة عام على وفاته وصدر الكتاب فى يونيو ١٩٥٢ وأعادت نشره هيئة قصور الثقافة هذا العام ٢٠٢٣.
فى أوائل القرن التاسع عشر كانت مصر تحت حكم المماليك، وعدد السكان كان أقل بقليل من ٢.٥ مليلون نسمة، وكانت الحالة الاقتصادية غاية فى السوء، وكانت موارد مصر مثقلة بالإتاوات والجبايات. وكان الجهل سائدًا، والتعليم منهارًا والصناعة بدائية تعتمد على القوة البدنية والمواشى. وشمل التدهور تأخر العلوم والفنون، وفى نفس الوقت حدثت الثورة الصناعية فى أوروبا وصنعت منتجات ذات جودة عالية بثمن معقول.
حين استولى محمد على على الحكم أصبح لديه سلطة مطلقة فى كافة الشؤون، وبدأ بتنمية الزراعة عن طريق إصلاح الرى والطرق، وبدأ فى تكوين جيش نظامى ضخم وصل عدده إلى ربع مليون فرد، فكان يستنزف معظم موارد الدولة. أنشأ الترسانة البحرية لصناعة السفن الحربية ومصانع نسيج تصنع ملابس الجنود والضباط. وبدأ اهتمامه بالتصنيع، فأدخل تحسينات فى حلج القطن وكبسه بالآلات الأمريكية والإنجليزية وبدأ فى البحث عن المعادن مثل الحديد. وقام بدعم إنتاج بعض الآلات والمعدات مثل المغازل والأنوال حتى المعقد منها.
إحدى المشاكل التى واجهت الصناعات المصرية البدائية هى المعاهدات الدولية التى تمنع فرض جمارك على الاستيراد لحماية الصناعة المحلية. قام محمد على بإنشاء مصانع غزل ونسيج حديث ومصنع طرابيش ومصنع سكر وورق ومطبعة ومنتجات ألبان، وفى الصناعات الحربية أنتج المدافع والبنادق والسفن الحربية.
وكان رجال محمد على يشاركون فى توريد الآلات التى لا تعمل بكفاءة ويأخذون عمولات ضخمة. وكان الباشا عنده ولع شديد بالمشروعات الضخمة المستوردة من الخارج دون دراسة كافية لفائدة هذه المشروعات.
وكان تمويل الصناعة يأتى من الربح من التجارة والاحتكار الحكومى، بالإضافة إلى الضرائب والقروض الإجبارية والتلاعب فى أسعار العملة. كما كانت الحكومة تشترى المنتج الزراعى بأسعار منخفضة وتبيع السلع المنتجة بسعر مرتفع.
ولجأ محمد على فى الفترة الأولى إلى ممارسة ما فعله المماليك من فرض الإتاوات الجزافية وزيادة الضرائب. وبالرغم من زيادة الإنتاج، إلا أن ذلك لم ينعكس على مستوى المعيشة، لأن تموين الجيش كان يستنزف جانبًا كبيرًا من.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم