قالت شركة غازبروم الروسية إنها ستُرسل 42.4 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، وذلك بزيادة على 42.1 مليون متر مكعب أرسلتها أمس الاثنين.
كانت أوكرانيا قالت مراراً وتكراراً إنها لن تمدد اتفاق عبور الغاز الحالي من روسيا إلى أوروبا، الذي ينتهي في الأول من يناير كانون الثاني المقبل، وتقول كييف إن المدفوعات مقابل الغاز ساعدت روسيا على شن حربها المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في أوكرانيا.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال يوم الخميس، إن كييف قد تفكر في استمرار نقل الغاز الروسي، ولكن بشرط ألّا تتلقى موسكو أي مدفوعات إلّا بعد انتهاء الحرب، وهو شرط من غير المرجح أن تقبله، وقال بوتين في ذلك اليوم، إنه من الواضح أنه لن يكون هناك اتفاق جديد مع كييف لنقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى أوروبا.
سيناريو توقف إمداد أوروبا بالغاز الروسي
إن إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا صغيرة نسبياً، فقد شحنت روسيا نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا عام 2023، وهو ما يمثّل 8 في المئة فقط من ذروة تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر طرق مختلفة في عامي 2018 و2019.
أمضت روسيا نصف قرن في بناء حصتها في سوق الغاز الأوروبية، والتي بلغت في ذروتها 35 في المئة.
لكن موسكو فقدت حصتها أمام منافسين مثل النرويج والولايات المتحدة وقطر منذ الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى خفض اعتماده على الغاز الروسي.
وارتفعت أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي عام 2022 إلى مستويات قياسية بعد فقدان الإمدادات الروسية، ولن يتكرر هذا الارتفاع في ظل الكميات المتواضعة والعدد الصغير من العملاء لتلك الكميات، وفقاً لمسؤولي الاتحاد الأوروبي والتجار.
الطريق الأوكراني
ينقل خط أنابيب يورنغوي-بوماري-أوزغورود الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية الغاز من سيبيريا عبر بلدة سودزا -التي تخضع الآن لسيطرة القوات العسكرية الأوكرانية- في منطقة كورسك الروسية، ثم يتدفق عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا.
في سلوفاكيا، ينقسم خط أنابيب الغاز إلى فروع متجهة إلى جمهورية التشيك والنمسا.
ظلت صادرات روسيا الإجمالية من الغاز عبر هذا المسار مستقرة على الرغم من توقف التدفقات من شركة غازبروم إلى شركة أو إم في النمساوية في منتصف شهر نوفمبر تشرين الثاني بسبب نزاع تعاقدي، ومشاحنات قانونية مع تدخل مشترين آخرين لشراء الكميات.
ولا تزال النمسا تتلقى معظم احتياجاتها من الغاز عبر أوكرانيا، في حين تستحوذ روسيا على نحو ثُلثي واردات المجر من الغاز.
تستحوذ سلوفاكيا على نحو 3 مليارات متر مكعب من شركة الطاقة العملاقة غازبروم في العام الواحد، أي ما يقرب من ثُلثي احتياجاتها أيضاً.
وأوقفت جمهورية التشيك واردات الغاز من الشرق بشكل شبه كامل العام الماضي، لكنها بدأت بأخذ الغاز من روسيا عام 2024، وأُغلقت معظم طرق الغاز الروسية الأخرى إلى أوروبا، بما في ذلك خط يامال-أوروبا عبر بيلاروسيا وخط نورد ستريم عبر بحر البلطيق.
إن خط الأنابيب الروسي الوحيد الآخر الذي يعمل إلى أوروبا هو خط بلو ستريم وخط تورك ستريم إلى تركيا تحت البحر الأسود، وترسل تركيا بعض كميات الغاز الروسي إلى أوروبا بما في ذلك المجر.
لماذا لا يزال الطريق الأوكراني يعمل؟
رغم أن كميات الغاز الروسي المتبقية العابرة ضئيلة، فإن هذه القضية تظل تشكّل معضلة بالنسبة للاتحاد الأوروبي؛ فقد أعلنت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا، أنها لن تشتري الغاز الروسي بعد الآن، ولكن موقف سلوفاكيا والمجر والنمسا، التي تربطها علاقات أوثق بموسكو، يشكّل تحدياً للنهج المشترك للاتحاد الأوروبي.
وتقول الدول التي لا تزال تتلقى الغاز الروسي، إنه الوقود الأكثر اقتصاداً، وتلقي باللوم أيضاً على دول الاتحاد الأوروبي المجاورة بسبب رسوم العبور المرتفعة التي تفرضها على الإمدادات البديلة.
ولا تزال أوكرانيا تحصل على مبلغ يتراوح بين 0.8 ومليار دولار سنوياً من رسوم عبور الغاز الروسي.
وبحسب حسابات رويترز، فإن إجمالي صادرات غازبروم من الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا عبر جميع المسارات عام 2024 قد ارتفع إلى 32 مليار متر مكعب من 28.3 مليار متر مكعب عام 2023، عندما انهارت إلى أدنى مستوى لها منذ سبعينيات القرن الماضي.
ووفقاً للحسابات، فإن روسيا قد تربح نحو خمسة مليارات دولار من المبيعات عبر أوكرانيا هذا العام بناءً على متوسط سعر الغاز المتوقع من جانب الحكومة الروسية عند 339 دولاراً لكل ألف متر مكعب.
وسجّلت شركة غازبروم، التي تحتكر تصدير الغاز في روسيا، خسارة صافية قدرها 7 مليارات دولار عام 2023، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999، بسبب فقدان أسواق الغاز في الاتحاد الأوروبي.
وقالت روسيا إنها ستكون مستعدة لتمديد اتفاقية النقل، لكن كييف قالت مراراً وتكراراً إنها لن تفعل ذلك.
وهناك خيار آخر يتمثل في أن تقوم شركة غازبروم بتوريد بعض الغاز عبر طريق آخر، على سبيل المثال عبر خط أنابيب ترك ستريم، أو بلغاريا، أو صربيا، أو المجر، ولكن القدرة على التوريد عبر هذه الطرق محدودة.
كانت المجر حريصة على إبقاء الطريق الأوكراني مفتوحاً، لكنها قالت إنها ستستمر في تلقي الغاز الروسي من الجنوب، عبر خط أنابيب ترك ستريم على قاع البحر الأسود.
وطلب الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا أيضاً من أذربيجان تسهيل المناقشات مع روسيا بشأن صفقة نقل الغاز.
قال مصدر كبير في شركة الطاقة الأذربيجانية سوكار لرويترز يوم الجمعة إن موسكو وكييف فشلتا في الاتفاق على الصفقة التي توسطت فيها أذربيجان لمواصلة صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية