يقف الاقتصاد الإيراني أمام مفترق طرق مليئة بالعوائق، آخرها أزمة الطاقة المتفاقمة، ودون حل جذري وتحول كامل في استراتيجية طهران، قد يجد الاقتصاد نفسه أمام حائط سد.
وقال مستشار الطاقة في شركة Hawk Energy، خالد العوضي، إن إيران دولة معقدة اقتصادياً وسياسياً ولديها مشكلات عديدة لا تنتهي، بداية من الزيادة السكانية الكبيرة، مروراً بالتحديات الجغرافية، وتدهور البنية التحتية والمباني، وانهيار العملة المحلية، وانخفاض إيرادات النفط، وصولاً إلى التحديات المرتبطة بالاستثمار الأجنبي المباشر.
ويذكر أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أكد في أول مقابلة تليفزيونية له عندما تولى منصبه، على أهمية الاستثمارات الأجنبية لتحقيق نمو اقتصادي قوي، قائلاً إن بلاده تحتاج إلى إجمالي استثمارات بقيمة 200 مليار دولار لتحقيق نمو بنسبة ثمانية في المئة، ونصفها يجب أن يأتي من مصادر أجنبية.
نقص إمدادات طاقة أوضح العوضي أن عدد سكان إيران يتجاوز 90 مليون نسمة، وتعد الزيادة في المواليد من أعلى نسب الزيادة في العالم، كما أن أراضي البلاد واسعة للغاية، وبالتالي لا تشمل مشاريع البنية التحتية كل المدن الإيرانية في الشمال وفي الشرق لذلك يعاني الشعب الإيراني من نقص في إمدادات الطاقة.
ومع حلول فصل الشتاء تنخفض الحرارة فيحتاج الشعب إلى كهرباء للتدفئة، خاصة أن المباني في إيران قديمة لا يوجد فيها عوازل، ما يتسبب في زيادة الضغط على الطاقة، بحسب العوضي.
كما لفت إلى أن إيران تحتاج أيضاً إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لضخه في آبار النفط لزيادة إنتاجه، لأن طبيعة الحقول الإيرانية تعتمد على الغاز لا المياه لرفع النفط، وعندما يزيد الطلب على النفط في الشتاء بسبب البرودة المشهورة بها شرق آسيا، يزداد الطلب على النفط الإيراني.
لذلك، تحتاج طهران إلى كميات أكبر من الغاز، والكهرباء، وبالتالي ضغط أكبر على شبكة الغاز الطبيعي المتهالكة القديمة.
مصادر دخل مهددة تعاني إيران من نقص مصادر الدخل، مع ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر، ما يضع الاقتصاد أمام تحدٍ آخر لتطوير البينة التحتية، وتنويع مصادر الطاقة.
وقال العوضي، يدفع الشعب مقابل استهلاك الطاقة بالريال الإيراني المتدهورة قيمته بالفعل، ولا توجد وسيلة جيدة لجذب الاستثمار الأجنبي أو لشراء معدات لدعم إنتاج الطاقة المتجددة أو ربع إنتاج الغاز والنفط .
كما أشار إلى أن معظم النفط الإيراني يباع بتخفيضات عالية إلى الصين بسبب الحظر، فهناك عوائق كثيرة في الاقتصاد الإيراني تؤدي إلى انهيار الاقتصاد، وتنعكس هذه العوامل كلها على الخدمات التي تقدم لشعوبها خاصة مع ارتفاع الطلب ووصوله إلى الذروة في الشتاء عندما ترتفع فاتورة الكهرباء المستخدمة للتدفئة في إيران.
وأفاد المركز الإحصائي الإيراني ومركز الأبحاث التابع للبرلمان بانخفاض بنسبة نقطة مئوية في حصة قطاع الصناعة والتعدين من الناتج المحلي الإجمالي خلال فصل الصيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، ما يثير مخاوف بشأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ككل، خاصة أن القطاع الصناعي يمثل نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لإيران ويوظف نحو ثلث عمال البلاد البالغ عددهم 25 مليون عامل.
دولة منعزلة اقتصادياً فشلت إيران في بناء صداقات مع دول متقدمة في التكنولوجيا والطاقة البديلة وأيضاً الحصول على التكنولوجيا اللازمة لإنتاج النفط والغاز من دول مثل كوريا واليابان وألمانيا وفرنسا ودول أخرى متقدمة مثل كندا وأميركا وبولندا، بحسب العوضي، وذلك بسبب وضعها الاقتصادي والعقوبات الغربية المفروضة ضدها.
وتزداد معاناة إيران بسبب ضعف دول الجوار، وبالتالي عدم قدرتها على جذب الاستثمارات من الدول المجاورة بما في ذلك باكستان وأفغانستان وأذريبيجان وأرمينيا وكردستان والعراق، وقال العوضي، «كلها دول فقيرة منهارة، لذلك يصعب عليها جذب الاستثمار الأجنبي»، ما يصعب مهمة إيران بسبب وضعها السياسي والاقتصادي.
حل بعيد المنال وقال العوضي، «أظن أن حل المشكلة يكمن في إنشاء صداقات مع الدول الأخرى، وإيجاد حل سياسي لوضع إيران، والبدء في العمل مع الأمم المتحدة والدول الأخرى لإلغاء العقوبات».
رغم أن هذا مشوار طويل بين 3 و5 سنوات، فإن العوضي يرى أن وجود نية سياسية للانفتاح على العالم، سيكون هو الأساس لحل المشكلة، والبذرة لجذب الاستثمارات في المستقبل.
على جانب آخر، حذر العوضي من أنه في حال استمرت إيران في نهجها الحالي، واتجهت إلى حلول استقلالية من جانب واحد، فقد تفشل في تأمين الطلب على الطاقة بحلول عام 2030، مع ارتفاع أعداد السكان فوق المئة مليون، وتزايد الطلب على الكهرباء.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية