قبل أسابيع تركز اهتمامنا، نحن أهل هذه المنطقة، على اليوم التالى لغزة. كانت غزة الفرصة التى لفتت انتباه البعض منا، وكان بعضا قليلا، إلى خريطة حملها نتنياهو إلى نيويورك ليرفعها أمام العالم بأسره. عرفنا يومها أو فيما بعد أن الخريطة لإسرائيل الكبرى. ولم تمر أيام كثيرة إلا وراح يعلن عن عزمه هو وحكومته على صنع شرق أوسط جديد. هكذا وبغزوات صريحة ودموية انتقل همنا واهتمامنا باليوم التالى فى غزة، أو أضيف إليها الضفة ولبنان ثم سوريا. صار الهم أكبر، وازداد فى المنطقة الانشغال بقضية اليوم التالى لتصبح وبصياغة مناسبة البند الأول غير المعلن على جدول أعمال اجتماعات عديدة للمسئولين عن مستقبل البلاد، وأظن من واقع خبرتى فى متابعة هذا النوع من النشاط الإقليمى أن هذه الاجتماعات كانت غير مسبوقة فى عددها وغير واضحة أو صريحة فى مراميها وغير دقيقة ولا حاسمة فى نتائجها. دليلى على كل ما سبق هو القلق المتعاظم فى كل مكان بالشرق الأوسط، كبيره وصغيره وليس فقط فى غزة، حول ما يمكن أن يجره علينا «اليوم التالى» من كوارث أخرى.
لسنا وحدنا، وهنا أقصد شعوب الشرق الأوسط برمته، سواء كانت هذه الشعوب رعايا دول عربية أو دول إقليمية مثل الفرس والأتراك والأكراد والتركمان وحتى الإسرائيليين، أقول لسنا وحدنا الذين نحمل هم «اليوم التالى» أو ننشغل به وبما يحمل لنا. أقرأ، كما يقرأ الكثيرون أو يسمعون ما أسمع، عن الموجات المتلاحقة من القلق التى اجتاحت وتجتاح مختلف قارات العالم منذ أعلن دونالد ترامب عن نيته ترشيح نفسه لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. لن أتحدث عن القلق داخل الولايات المتحدة نفسها ففى ظنى أنه سوف يعلن عن نفسه متدرجا فى الصعود خلال الأسابيع الأولى من ولاية الرئيس الجديد مدفوعا بتنفيذ ترامب لوعوده ولكنى أختار القلق السائد هذه الأيام فى كل دول أمريكا اللاتينية بدون استثناء ليس فقط بسبب موقف الرئيس الجديد من قضايا الهجرة وإصراره على أن المهاجرين من هذه البلاد غالبيتهم مجرمون ولصوص وملونون، ولكن أيضا بسبب التعاطف الدبلوماسى والسياسى من جانب حكومات أمريكا اللاتينية مع نظامى الحكم فى كل من كوبا وفنزويلا فضلا عن تشجيعها المستتر لشعوبها على الهجرة إلى الولايات المتحدة.
الجديد والمثير فى هذه الحالة، وأقصد القلق والانشغال المتزايدين لدى شعوب بعينها نتيجة قرب وصول ترامب إلى تولى مهام منصبه، هو الصدى المكثف المعبر عن رد فعل شعب كندا لتصريح للرئيس ترامب قبل أسبوع أو أكثر قليلا حمل تهديدا صريحا ومباشرا لترودو رئيس الوزراء الكندى بعقوبات مدمرة للاقتصاد الكندى لو لم تبذل حكومته جهودها لمنع عبور الأجانب إلى الولايات المتحدة. أنا نفسى أذكر جيدا، وكنت طالبا فى مونتريال، كيف كنا نعبر هذه الحدود، وهى الأطول فى العالم، مرات عديدة فى الشهر الواحد دون أى عقبة تذكر. لا شك أن أحوالا كثيرة تغيرت. وقتها لم تكن الولايات المتحدة تمر فى شبكة من أزمات شديدة التعقيد كالحال الراهنة، منها على سبيل المثال الأزمة الاجتماعية الناتجة عن فجوات الدخول وصعوبات استيعاب المهاجرين الجدد وفساد الحكم والهيمنة الصارخة على الحياة السياسية من جانب أوليجاركية جديدة وعدوانية الأساليب ومنظمات صهيونية متنامية النفوذ.
القلق موجود فى روسيا ولكن مختلط ببصيص أمل. لم يخطر على بال الرئيس بوتين وحكومته أن حربه أو ما أطلق عليه العملية العسكرية ضد أوكرانيا سوف تطول إلى هذا الحد. كما أنه، وفى الوقت نفسه أو قبل هذا الوقت، لم يخطر هذا الخاطر على بال قيادة حلف الأطلسى وأمريكا على رأسه عند التخطيط لإثارة رد فعل معين عند القيادة الروسية. الآن تتأكد رغبة طرفى الصراع،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق