«قرطبة.. أول الزمان وآخره، المبتدى والمنتهى، حاضرة الدنيا ومجمع الأضداد، الساحة والمعترك، قاعدة الخلفاء والأمراء والعلماء، سلم الصعود إلى الذروة ومنحدر السقوط إلى الجحيم، النار والنعيم قرطبة».. بهذه الكلمات الرائعة وصف الكاتب الكبير وليد سيف قرطبة في ثلالثيته الأندلسية (صقر قريش، وربيع قرطبة، وملك الطوائف)، إنها عاصمة الإسلام في الأندلس، وقاعدة حضارة الغرب الإسلامي.
مسجد قرطبة
تاريخ عريق لعاصمة الإسلام في أوروبا وقرطبة، مدينة ذات تاريخ عريق شاهد على مجد الإسلام، أسسها القرطاجيون على أصح الأقوال والروايات، وخضعت لحكم الرومان والقوط الغربيين، ومن ثم بسط العرب سلطانهم عليها بين عامي(92ـ633هـ/711-1236م).
يقول عنها د. جودة هلال ومحمد محمود صُبح في كتابهما "قرطبة في التاريخ الإسلامي" يٌقال إن ثاني قياصرة الرومان أصدر أمرًا بتشييد المدن في شبه الجزيرة الإيبيرية (التي تضم إسبانيا والبرتغال حاليًا)، وبعث لهذا الغرض أربعة من أقطاب مملكته لتنفيذ هذه الرغبة السامية، فشيد كل واحد من الأربعة مدينة بالجهة التي ولى أمرها، وسماها باسمه.
مسجد قرطبة
قرطبة ..أصل التسمية "أعجمي وعربي" يُشير ياقوت الحموي في موسوعته "معجم البلدان" إلى أصل مدينة قرطبة، فكلمة قرطبة ترجع إلى مصدرين، أولهما أعجمي روماني وثانيهما عربي، أما معنى الكلمة في اللغة العربية فيقصد بها العدوُ الشديد، وفي رواية أخرى أن التعبير قرطبة بمعنى صرعه، وتعني أيضاً أن «القرطبا» هو السيف كأنه من «قرطبة» أي قطعه.
فتح المسلمون الأمويون قرطبة على يد القائد مُغيث الرومي مولى الخليفة الوليد بن عبد الملك في سنة 92هـ/ 711م، وجعل الأمويون قرطبة مقراً لولاتهم على الأندلس فظلت كذلك حتى سقوط الدولة الأموية على أيدي العباسيين عام 750م.
أطلال مدينة الزهراء بقرطبة
ولكن لم يعلُ شأن قرطبة إلا مع قدوم الأمير الأموي عبد الرحمٰن الداخل (صقر قريش) إلى الأندلس فاراً من العباسيين، فاستولى على مقاليد الأمور في الأندلس الإسلامية، وجعل قرطبة عاصمة له عام 138هـ/ 756م، وقد كان هذا بداية لعصر قرطبة الذهبي، حيث أصبحت عاصمة الأندلس الإسلامية، وأهم مدن شبه الجزيرة الأيبيرية.
أطلال مدينة الزهراء بقرطبة
الإطار الجغرافي لمدينة قرطبة تقع قرطبة في الجزء الجنوبي من إسبانيا على نهر الوادي الكبير الأوسع بمدينة قرطبة من الشرق وحتّى الغرب، ويُعدّ النهر مصدراً لريّ السهول المحيطة بضفافه، والتي تنمو على جانبيه أشجار الزيتون والعنب وأنواع مختلفة من الحبوب.
وفي شمال قرطبة تنتشر المناظر الطبيعية الخلابة كالغابات الكثيفة المليئة بالحياة البرية والصيد الوفير، وصولاً إلى قمم جبال سييرا مورينا.
قنطرة قرطبة
تتميّز مناطق جنوب مدينة قرطبة بارتفاع أرضها التدريجيّ وصولاً لسلسلة جبال السوبتيك، وضمن هذه المناطق تتميّز الأراضي بتربتها الجيرية الخاصة والتي تنتشر فيها بساتين الزيتون وعلى أرضها توجد العديد من القرى والمدن العريقة معمارياً، وتُعدّ المناطق الطبيعية المنتشرة في جميع قرطبة موطناً أصلياً للعديد من أنواع الحيوانات، وما زالت المدينة تحتفظ بآثارها التي تحمل إرث العهد الإيبيري الروماني والإسلامي.
مسجد قرطبة
مناخ قرطبة تقع قرطبة على ارتفاع 127مترا فوق مستوى سطح البحر، مما يمنحها مناخاً دافئاً ومعتدلاً، وتهطل الأمطار على المدينة في فصل الشتاء بمعدّلات أعلى من فصل الصيف، ووفقاً لتصنيف كوبن المناخيّ فإنّ قرطبة تحمل التصنيف (Csa) وهو يدلّ على المناخ المتوسطيّ الحار وهو مناخ منطقة البحر الأبيض المتوسّط وما حوله، ويبلغ متوسّط درجات الحرارة السنوية فيها 17.9 درجة مئوية فهي بذلك من أكثر مدن أوروبا سخونة وليس فقط في إسبانيا ويبلغ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بوابة الأهرام