كنت أقضى عدة أيام فى الإسكندرية، التى أحب قضاء وقتا طويلا بها لقربها من قلبى ولأن لى الكثير من الأصدقاء الأعزاء هناك. المهم أثناء تواجدى هناك زرت مع الأصدقاء «عمود السوارى» ومقابر «كوم الشقافة». هذا العمود أقامه أهل الإسكندرية للإمبراطور الرومانى دقلديانوس فى القرن الثالث الميلادى. العامود طوله الكلى بما فيه التاج والقاعدة وجسم العامود أقل قليلا من 27 مترا. جسم العامود نفسه مكون من قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر طولها أقل قليلا من 21 مترا. ما الغرض من هذه المقدمة؟
العامود تم نحته بدقة شديدة وكقطعة واحدة، كيف تم ذلك؟ نحن نتكلم عن القرن الثالث الميلادى. ما هى التكنولوجيا التى يمكنها عمل ذلك فى ذاك الوقت؟ طبعا الآثار الفرعونية تطرح نفس السؤال وبشدة.
الجرانيت الأحمر فى مصر موجود فى أسوان. كيف تم نقل عامود بهذا الحجم والوزن من أسوان إلى الإسكندرية؟ الإجابة الجاهزة هى بالمراكب. لكن كيف تم وضعه على المركب؟ وما هو حجم المركب التى تحتمل هذا الوزن؟ وكيف تم إنزاله ووضعه فى مكانه الحالى؟
واجهت الإسكندرية عدة زلازل مدمرة فى تاريخها الطويل، أحد هذه الزلازل دمر فنارة الإسكندرية الشهيرة وأغلب المدينة، وظل عامود السوارى بارتفاعه الشاهق على حاله، ما هى التكنولوجيا المستخدمة كى تضمن ذلك؟
إذا زرت مقابر «كوم الشقافة» فى الإسكندرية فستتساءل كيف تم بناء أربعة أدوار تحت الأرض بكل الحجرات والممرات بهذه الدقة؟ الأمثلة كثيرة جدا فى تاريخنا القديم كله منذ عصر الأسرات الفرعونى وحتى عصور متأخرة. ما نراه عندما ننظر لآثارنا بعين متفحصة هو فى الحقيقة آثار التكنولوجيا. هذه التكنولوجيا القديمة مازلنا لم نزل الغطاء عنها كاملة بعد.
باقى المقال يتحدث عن عصرنا الحالى، كيف يمكن للتكنولوجيا الحالية أن تساعد فى اكتشاف الآثار وإزالة الغطاء عما قد يخفى علينا، معرفة الماضى فوائده أكثر بكثير من مجرد عوائد اقتصادية تأتى من السياحة.
تكنولوجيا العصر الآن هى الذكاء الاصطناعى وقد تحدثنا عنها فى العديد من المقالات السابقة، ولكن اليوم نحاول التركيز على كيفية استخدامها لخدمة علم الآثار.
الذكاء الاصطناعى يمكنه تحليل صور الأقمار الاصطناعية والخرائط ثم تحديد أفضل الأماكن للتنقيب عن الآثار، وقد قام العالم السويسرى جينو كاسبارى (Gino Caspari) بتصميم برنامج يعتمد على تعليم الآلة فى القيام بذلك. الموضوع ما زال قيد البحث لكن النتائج مبشرة جدا. هل نجد من يقوم بمشروع تخرج أو رسالة ماجستير أو دكتوراه فى هذا الموضوع؟
التنقيب قد يجد قطعا متناثرة أو محطمة أو مطموسة لأثر ما، الذكاء الاصطناعى يمكنه بناء شكل ثلاثى الأبعاد للقطعة الأصلية. طبعا يجب أن نضع فى الاعتبار أن تلك البرمجيات قد تخطئ، لذلك يجب أن يدرس علماء الآثار نتائج تلك البرمجيات ويحللونها ثم يقررون إذا ما كانت صحيحة، مثلا إذا كان النموذج الذى بنته البرمجيات يتوافق مع تصاميم هذا العصر الذى يتم دراسته. دائما يجب أن نعتبر الذكاء الاصطناعى أداة مساعدة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق