هل يجوز تكرار صلاة الجنازة على الميت؟ سؤال طرح نفسه بعد إعلان الفنان سامح الصريطى فى تصريح لـ«صدى البلد»، عن أنه من المقرر أن يتم صلاة الجنازة على شقيقته الكاتبة الصحفية نفيسة الصريطى، ظهرًا من مسجد حسن الشربتلى، كما يتم تشييع الجثمان بعد صلاة العصر بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.
وحسمت دار الإفتاء الجدل، بأنه يجوز شرعًا تكرار صلاة الجنازة على الميت، سواء ممَّن صلَّى عليه أو مَنْ لم يصل عليه؛ عملًا بمذهب من أجاز؛ رغبة في الفوز بصلاة أهل الصلاح والفضل على الميت، وكثرة عدد المصلين عليه، وكثرة الدعاء والشفاعة له، ما لم تقتض المصلحة تعجيل الدفن؛ كحال انتشار الأوبئة والأمراض المعدية أو غيرها من الظروف التي يُطلب فيها تعجيل الدفن.
ترغيب الشرع في صلاة الجنازة وثواب ذلك
أكدت دار الإفتاء، أن الشرع الشريف رغَّب في شهود الجنازة وحضور الصلاة على الميت، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر والإثابة، بل وجعله حقًّا للمسلم على أخيه المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفقٌ عليه.
واستدلت بقول رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: رَدُّ التَّحِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللهَ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه".
ما ورد في السنة المطهرة في تكرار الصلاة على الميت
وواصلت: قد تتكرَّر الصلاة على الميت، كما لو صُلي عليه في مكان غسله أولًا، ثمَّ بعد أن نُقل إلى مكان دفنه وكان في استقباله بعض المشيعين؛ أراد ذَوُوهُ الصلاة عليه مرة أخرى؛ ليتمكن مَنْ لم يصل عليه في المرة الأولى من الصلاة عليه في المرة الثانية، أو لكثرة المصلين رجاء انتفاع الميت بذلك؛ أو لعدم تمكّن ذويه من الصلاة عليه في المرة الأولى.
وأكملت: وقد ورد في تكرار الصلاة على الميت بعد دفنه والصلاة عليه أحاديث وآثار كثيرة؛ منها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، أَوْ شَابًّا، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَسَأَلَ عَنْهَا، أَوْ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ. قَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي». فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، أَوْ أَمْرَهُ، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» أخرجه الشيخان، واللفظ لمسلم.
ونقلت قول ابن حبان في “صحيحه”معلقًا على الحديث: [في تَرْك إنكاره صلى الله عليه وآله وسلم على مَنْ صلى معه على القبر أبين البيان لمن وفقه الله للرشاد والسداد أنَّه فعل مباح له ولأمته معًا دون أن يكون ذلك الفعل له دون أمته].. وقال الإمام الخطابي في “معالم السنن”: [وفيه بيان جواز الصلاة على القبر لمَن لم يلحق الصلاة على الميت قبل الدفن].
حكم تكرار صلاة الجنازة عند الحنفية
اختلف الفقهاء في تكرار الصلاة على الميت؛ فذهب الحنفيَّة إلى عدم جواز تكرار الصلاة على الميت مطلقًا؛ سواء ممَّن صلى عليه أولًا أو ممَّن لم يصل عليه، واستثنوا من ذلك وليَّ الميت، فله أن يصليها إذا لم يحضر الصلاة الأولى؛ لأنَّها حقه. أمَّا غير الولي فليس له أن يصلي على الميت بعد الصلاة عليه.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 311): [ولا يصلى على ميت إلا مرة واحدة لا جماعة ولا وحدانا عندنا، إلا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الوليّ فحينئذٍ له أن يعيدها].. وقَالَ العلامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار لتعليل المختار" (1/ 94، ط. دار الكتب العلمية): [(فإن صلى الولي فليس لغيره أن يصلي بعده)؛ لأن فرض الصلاة تأدَّى بالولي، فلو صلوا بعده يكون نفلًا ولا يتنفل بها].
وقال العلَّامة زين الدين ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 195، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو أعادها الولي ليس لمَن صلى عليها أن يصلي مع الولي مرة أخرى].
حكم تكرار صلاة الجنازة عند المالكية
ذهب المالكيَّة إلى كراهة إعادة الصلاة على الميت؛ سواء ممَّن صلى عليه وممَّن لم يصل، وذلك إذا صلي عليه في جمَاعَة وأعيدت في جماعة، أو صُلِّي عليه في جماعة وأعيدت فرادى، أو صُلِّي عليه فرادى وأعيدت فرادى. أمَّا إذا صُلِّي عليه فرادى وأعيدت في جماعة فيستحب إعادتها ما لم يُدفَن؛ لتحصيل أجر الجماعة.
قال العلَّامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2 / 137، ط. دار الفكر): [إعادة الصلاة على الميت مكروهة إذا صُلِّي عليه أولًا جماعة، وإلا استحب إعادتها جماعة اتفاقًا؛ لأنَّ الجماعة فيها مستحبة، يستحب تداركها ما لم تَفُتْ بالدفن، كما قاله ابن رشد].. وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 527، ط. دار الفكر): [(ولا تُكرر).. أي: الصلاة على الميت، أي: يكره تكرارها إذا صليت جماعة مطلقًا، أو أفذاذًا أعيدت كذلك، فإن أعيدتْ جماعة فلا يكره، فالصور أربع: تكره الإعادة في ثلاث، وتندب في واحدة].
حكم تكرار صلاة الجنازة عند الشافعية
فرَّق الشافعيَّة بين مَن صلى على الجنازة أولًا وأراد أن يُكرّر الصلاة مرة أخرى، ومَن فاتته الصلاة على الجنازة أولًا وأراد أن يصلي عليها:
- فذهبوا إلى أنَّ مَن صلَّى على الجنازة أولًا وأراد أن يكرّر الصلاة مرة أخرى: أنَّه يجوز له أن يُعيدَها وإن كان ذلك غير مستحبّ، وأنَّها تقع منه نفلًا، خلافًا للقاضي حسين الذي ذهب إلى أنَّها تقع منه فرض كفاية.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 246): [إذا صلى على الجنازة جماعة أو واحد ثم صلت عليها طائفة أخرى فأراد مَنْ صلَّى أولًا أن يصلي ثانيًا مع الطائفة الثانية؛ ففيه أربعة أوجه:.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من موقع صدى البلد