استقبل العالم اليوم الأربعاء، عاماً جديداً على أمل أن يكون أفضل من الأعوام السابقة، ولا تشكل 2025، استثناءً، وإن كانت تأتي مليئة من الأساس بصراعات لا تزال محتدمة، وملفات تكتنفها تعقيدات وصعوبات، وأجواء من الغموض في بعض الأحيان كذلك.
هدنة غزة المنشودة
لم يكن أهل قطاع غزة يتوقعون حينما أَهلَّ عليهم عام 2024، أن تأتيهم رأس السنة التالية، وهم لا يزالون أسرى كابوس حرب تجتاح هذا الجيب الساحلي، ضيق المساحة شحيح الموارد، منذ أكتوبر من العام الماضي.
وفي ظل استمرار المعارك، التي أوقعت عشرات الآلاف من القتلى وشرَّدت مئات الآلاف الآخرين على مدار الشهور الـ 14 الماضية، يأمل الغزيِّون في أن تشهد الشهور - إن لم يكن الأسابيع - الأولى من العام الجديد، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، وإطلاق سراح الرهائن هناك.
ويُعوِّل كثيرون في هذا السياق، على الجهود التي تسارعت وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة من 2024، لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة، في مسعى لبلورة هذا الاتفاق، قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه، في العشرين من يناير 2025.
ورغم تخوف بعضهم من أن يحول غياب التوافق، على مسائل من قبيل طبيعة اليوم التالي في غزة بعد انتهاء الحرب، من دون إيجاد تسوية دائمة للأزمة، ثمة آمال في أن تُتخذ خلال العام الجديد خطوات ملموسة، ترمي لإسكات أصوات المدافع، ووضع حد للمعاناة الإنسانية التي يكابدها أهل القطاع.
في المقابل، يتبنى آخرون رؤى أقل تفاؤلا، يتوقعون في إطارها أن يستمر القتال خلال العام الحالي، على نحو منخفض الوتيرة، وأن يُكرس في أثناء هذا العام، وضع الجزء الشمالي من القطاع كمنطقة عازلة، ومنصة لإطلاق عمليات عسكرية مُحددة الأهداف، ما يُبقي الكابوس في غزة مستمرا، حتى إشعار آخر.
لبنان.. عام إنهاء الشغور واستمرار الهدوء
في الأسابيع الأولى من العام الجديد، سيكون اللبنانيون بشتى انتماءاتهم، على موعد مع استحقاقيْن حاسميْن على مختلف الصُعد.
ففي تاسع أيام 2025، سيشهد مقر مجلس النواب في ساحة النجمة بالعاصمة بيروت، جلسة دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري، لانتخاب ساكن جديد لقصر بعبدا الرئاسي.
وتوحي الأجواء التي ستُجرى فيها عملية التصويت هذه المرة، بإمكانية تذليل العقبات التي حالت من قبل، من دون طي صفحة الشغور الرئاسي الممتد، منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال عون أواخر أكتوبر 2022.
ومن شأن توافق المُشرِّعين اللبنانيين على اسم الرئيس الجديد، فتح الباب أمام إعادة تفعيل مؤسسات الحكم الأخرى، بما يشمل تنصيب حكومة كاملة الصلاحيات، بوسعها إجراء إصلاحات بنيوية طال انتظارها، لوقف نزيف اقتصادي ومالي متصاعد في البلاد منذ سنوات.
وربما سيمهد تجاوز الاستحقاق الرئاسي بنجاح، إلى تهيئة الأجواء بشكل أفضل، لاستقبال الموعد الآخر الذي يترقبه اللبنانيون في مطلع 2025، والمتمثل في الـ27 من يناير.
ففي هذا اليوم، ستنقضي فترة الستين يوماً المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير مع إسرائيل.
ويُفترض أن يستكمل الجيش الإسرائيلي بحلول ذلك اليوم، انسحابه من مناطق الجنوب اللبناني، ليُسدل الستار على مواجهاتٍ تواصلت لأكثر من عام، وتصاعدت وتيرتها بشدة اعتباراً من منتصف سبتمبر 2024.
ويجمع المراقبون على أن عبور هذين الاستحقاقين بسلام، سيجعل من عام 2025 حجر زاوية لمسار، يمهد لخروج لبنان من حقبة من الجمود السياسي والفراغ القيادي والانهيار المالي والاقتصادي.
فمنذ عام 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، وهوى نحو نصف سكان البلاد تحت خط الفقر.
سوريا وتحديات ما بعد التحولات
يترقب السوريون المنهكون من ويلات أزمة اجتاحت بلادهم على مدى الأعوام الـ 14 الماضية، أن يحمل لهم عام 2025 بشائر تدشين مرحلة انتقالية شاملة وجامعة، تحقق تطلعاتهم في الأمن والتنمية والحياة الكريمة، وهو مطلب تدعو إليه مختلف القوى الإقليمية والدولية.
ومن المأمول أن يلتئم خلال الأيام الأولى من العام الجديد، اجتماع موسع يستهدف إطلاق حوار وطني سوري شامل، وهو اللقاء الذي تحدثت عنه مصادر مطلعة في دمشق، خلال الأسبوعين الأخيرين من 2024.
ويُنتظر أن يحضر هذا الاجتماع، ممثلون عن مختلف مكونات الشعب السوري، وشخصيات تمثل التجمعات السياسية والفصائل العسكرية ومنظمات المجتمع المدني، بجانب مستقلين وكفاءات علمية، من أجل وضع أسس النقاش بشأن المرحلة الانتقالية، والاتفاق على آلية إدارة شؤون الدولة في الفترة المقبلة.
ويكتسب إرساء تلك الأسس أهمية خاصة، على ضوء ما أعلنته إدارة العمليات العسكرية في سوريا، من أن مهمة الحكومة الانتقالية الحالية، تتمثل في إدارة المرحلة الانتقالية حتى الأول من مارس 2025.
ويعني ذلك وفقاً لمراقبين، ضرورة أن تتبلور بحلول ذلك الموعد، آلية متوافق عليها للإدارة والحكم، بوسعها مواجهة تحديات المرحلة المقبلة، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة سوريا وسلامتها وسيادة أراضيها، وتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك، وتهيئة الأجواء للشروع في عمليات إعادة الإعمار.
فحتى الآن، لا تزال الاحتياجات الإنسانية هائلة في سوريا، التي يُقَدَّر عدد المحتاجين لإمدادات إغاثية فيها، بنحو 16.7 مليون شخص، وهو المستوى الأعلى منذ اندلاع الأزمة هناك، في ربيع عام 2011.
كما أن اضطرابات الأعوام الماضية، ألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والطرق والمستشفيات.
ترامب رئيساً من جديد
في سادس أيام العام الجديد، سيعقد الكونجرس الأميركي بمجلسيْه، جلسة مشتركة برئاسة كامالا هاريس نائبة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، لفرز أصوات المجمع الانتخابي، التي سبق أن أدلى بها أعضاؤه، قبل أسبوعين تقريباً من لملمة 2024 أوراقه.
ولا تشكل هذه الجلسة سوى إجراء روتيني، لتأكيد فوز الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب بالاقتراع، الذي تغلب فيه على هاريس نفسها، مطلع نوفمبر الماضي.
وسيمهد ذلك الإجراء الطريق، لتنصيب ترامب رئيساً هو السابع والأربعين للولايات المتحدة، في العشرين من يناير 2025، إذ سيؤدي يميناً دستورية، سبق له أن رددها مطلع عام 2017، فائزاً بانتخابات واجه فيها حينذاك، وزيرة الخارجية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون.
ومع عودة الملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض، بعد غياب لأربع سنوات كاملة، يُنتظر أن ينشغل الأميركيون والعالم، طيلة الشهور الأولى من العام الجديد، بالتعرف على ملامح التوجهات المستقبلية لإدارته.
ومن أبرز القضايا الداخلية، التي سينصب عليها الاهتمام في تلك الفترة، الوضع الاقتصادي والسياسات الضريبية والتعيينات القضائية، فضلاً عن سبل مواجهة محاولات الهجرة غير القانونية.
أما على الصعيد الخارجي، فسيترقب كثيرون الخيارات التي ستتبناها الإدارة الجمهورية، للتعامل مع الأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط، والأزمة المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام في أوكرانيا، بجانب كيفية إدارة الشاغل الجديد للمكتب.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية