كلما ارتفعت أسعار السجائر في مصر تجدد الجدل حول إمكانية زراعة التبغ محلياً. وعلى رغم الحظر المفروض على زراعته لأغراض تجارية، تظل التساؤلات مطروحة: هل يمكن للتبغ أن يزدهر في مصر، وهل يمكن أن تكون هذه الزراعة مجدية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة؟
وبين مؤيد ومعارض لجدوى هذه الزراعة، كشف مسؤولون لـ"اندبندنت عربية" أن مركز البحوث الزراعية بدأ منذ نحو ستة أشهر بالتعاون مع فريق من الخبراء من الشركة "الشرقية للدخان" (إيسترن كومباني) اختبار إمكانية زراعة التبغ في المناخ المصري.
وأكدت المصادر أن التجارب تُجرى بـ"سرية تامة"، وأن النتائج الأولية "كانت إيجابية"، وهو ما يتناقض مع الاعتقاد السائد حول عدم ملاءمة المناخ المصري لهذه الزراعة. ومع ذلك قال المسؤولون، إن المعوقات "تكمن في تحديد جودة التبغ الناتج، إضافة إلى قرار الدولة في شأن السماح بزراعته تجارياً".
وفقاً لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قفزت واردات مصر من التبغ إلى 128.35 مليون دولار خلال الثمانية أشهر الأولى من 2024، مقارنة بـ37.52 مليون دولار في الفترة نفسها من 2023، بزيادة قدرها 90.29 مليون دولار، كما جاءت واردات التبغ ضمن أبرز الواردات المصرية من المواد الخام.
تجارب لكن سرية
كشف مصدر مسؤول بالشركة "الشرقية للدخان"، لـ"اندبندنت عربية"، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن التجارب تنفذ بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، لتقليل الاعتماد على استيراد التبغ حال اعتماده، وتستهدف تحديد جدوى زراعة التبغ في مصر، إذ بدأ التعاون مع المركز منذ ستة أشهر، لاختبار الأصناف المناسبة لزراعة التبغ، باختيار أصناف من التبغ تتناسب مع التربة والمناخ المصريين.
"التجارب على زراعة التبغ مستمرة، ولم يتم الانتهاء منها بعد، والعملية تتطلب وقتاً كافياً للوصول إلى مدى صلاحية الأصناف المختارة للزراعة في مصر، وللتأكد من ملاءمة التربة ودرجات الحرارة والرطوبة"، وتوقع المسؤول الوصول إلى نتائج دقيقة منتصف العام المقبل.
ورفضت وزارة الزراعة المصرية في 2017 السماح بزراعة التبغ محلياً، استناداً إلى القرار الوزاري رقم 54 لعام 1966، الذي يقتصر على إجراء التجارب العلمية فحسب، ويحظر الزراعة التجارية. وبررت الوزارة موقفها بالأخطار الصحية والبيئية، وفقاً لتوصيات معهد بحوث أمراض النباتات. وأكدت أن الأولويات تركز على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الغذائية الأساسية مثل القمح والرز.
ومن وقت إلى آخر، يصل النقاش ذروته حول زراعة التبغ في مصر، كما في مايو (أيار) 2016 عندما قدم أعضاء بلجنة الزراعة بمجلس النواب مقترحاً لزراعة التبغ المستخدم في صناعة السجائر داخل مصر لتوفير العملة الصعبة.
بينما في أبريل (نيسان) 2017، أعلن ياسر النجار رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية آنذاك، أنه سيجري إعداد دراسة شاملة ورؤية متكاملة لزراعة التبغ في منطقة وادي النطرون في منتصف مايو من العام نفسه، مشيراً إلى اجتماعات جرت مع وزارة الزراعة للتعرف على متطلبات زراعته.
ويشير مصدر بـ"الشرقية للدخان" إلى أن الشركة تأمل في زراعة التبغ حتى إذا اقتصرت عملية زراعة صنف واحد محلياً، "سيكون ذلك أمراً مبشراً. وفي أقل تقدير مجرد تغطية 10 في المئة من حاجات السوق المحلية، سيكون لذلك تأثير إيجابي في تقليل الحاجة إلى العملة الصعبة التي نضطر لدفعها لاستيراد التبغ".
وقال المصدر، "القرار النهائي في شأن توسيع زراعة التبغ في مصر يعود إلى الدولة، لأنها هي من تحدد أولويات الزراعة في الأراضي المتاحة. زراعة التبغ تحتاج إلى موارد مثل المياه والأسمدة والأراضي، لذا من الضروري موازنة هذا القرار مع محاصيل أخرى قد تكون أكثر أهمية غذائياً، مثل القمح أو الرز".
وفي سبتمبر من العام الماضي، كشف خالد حنفي أمين عام اتحاد الغرف العربية، عن أرقام صادمة في شأن استهلاك السجائر في مصر. موضحاً خلال استعراضه تقريراً بعنوان "اقتصادات التبغ وضرائب التبغ في مصر"، أن متوسط.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية