وفق الشاب وآخرين ممن تحدثوا إلينا، يوجد شخص يعمل داخل مطار مسقط يتخذ اسماً حركياً "أبو نواف" يساعدهم على تجاوز الإجراءات الأمنية وتسهيل وصولهم إلى طائرة الخطوط التركية سريعاً، دون الخضوع لأية أسئلة حول أسباب سفرهم إلى بنما. كيف يتنقل المهاجرون عبر شبكات التهريب من مصر إلى أميركا الوسطى؟. تحقيق خاص ل "اندبندنت عربية" يكشف التفاصيل #نكمن_في_التفاصيل

كان سعد صلاح الذي بلغ العقد الخامس من عمره وعائلته يعدون حقائبهم ممنين أنفسهم بالحلم الأميركي الذي سبقهم له غيرهم من أبناء قرية أبو قرقاص في محافظة المنيا، ولم يعبأ الأب بالكلفة المادية لسفر أسرة مكونة من ستة أفراد في رحلة تمر عبر سبع أو ثماني دول، فالآمال والطموحات نحو غد أفضل لأبنائه وزوجته تستحق بذل كل غال. ولم تفكر الزوجة نعمة نبيل والأبناء كثيراً في متاعب تلك الرحلة الشاقة، فثمة مستقبل أكثر أماناً وفرص واعدة في انتظارهم.

تلك الرحلة التي كان يفترض أن تكون جسراً نحو حياة جديدة تحولت إلى مأساة مروعة بينما كانت الأسرة على شفا تحقيق الحلم، فما أن حطت أقدام العائلة داخل المكسيك باغتتهم طلقات نارية حطت في صدري الأختين سيلفيا وإيريني اللتين طالما حلمتا ببيئة أفضل، لتودعا عالمهما وتلفظتا أنفاسهما الأخيرة بينما لقطات حلمهما السعيد تمر أمام عينيهما مختلطة بنزف الدماء، واخترقت رصاصتان رأس شقيقهما الأصغر يسطس ليرقد في غيبوبة لم يستيقظ منها حتى كتابة هذه السطور.

الأب والأم المكلومان بفقدان ابنتيهما وانتظار مصير ابنهما الأصغر يقفان الآن في مواجهة واقع مرير، بفقدان أحباء تحت وطأة العنف والبقاء عالقين في منتصف الطريق بين تحقيقات تزيدهم ألماً وخوف من العودة إلى الوطن، بينما تلاشت أحلامهم خلال لحظة مروعة. كان أفراد العائلة يأملون في إيجاد الأمان ويرسمون مستقبلاً مضيئاً لهم في أرض جديدة، مثلما أوهمهم سماسرة الهجرة في قريتهم بالمنيا، لكن قسوة الطريق والظروف التي أحاطت بهم كشفت عن الوجه الآخر للهجرة غير الشرعية، إذ تتداخل أحلام الأفراد مع قسوة الواقع الذي لا يرحم.

هذه المأساة الإنسانية تفتح الباب للتساؤل حول الأسباب والدوافع وراء سيل من المواطنين المصريين باتوا يتدافعون عبر طرق الهجرة غير الشرعية، وكيف يوهم سماسرة الهجرة في محافظتي المنيا والشرقية ضحاياهم بسهولة الطريق مقابل الحصول على آلاف الدولارات.

في تحقيق استقصائي لـ"اندبندنت عربية" قمنا بإنشاء قاعدة بيانات حول أعداد المصريين المهاجرين إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية عبر طرق أميركا الوسطى، وأعداد المتوفين وفق قواعد البيانات للحكومة الأميركية والمنظمات الدولية خلال الفترة بين عامي 2014 و2024، وأحصينا عدد حالات القتل لمهاجرين غير شرعيين في نفس المنطقة التي أطلقت فيها قوات الأمن المكسيكية النار على عائلة سعد صلاح ومهاجرين آخرين، حيث تعرف هذه المنطقة بأنها ضمن المناطق الأكثر خطراً داخل المكسيك لانتشار العنف وعصابات التهريب فيها.

وانطلاقاً من محافظة المنيا بصعيد مصر حيث اتخذ المئات من الشباب والأطفال والنساء والرجال مسارات هجرة خطرة في أدغال دول أميركا الوسطى، استمعنا لشهادات خمسة أشخاص اختلفت مسارات رحلاتهم الأولي، لكنها اتفقت جميعاً في المرور عبر الطرق الوعرة في دول أميركا الوسطى، وتحدثنا إلى شخصين من محافظة الشرقية. وأدلى خمسة ممن تحدثوا إلينا بنفس أسماء المهربين الذين التقوهم في تلك البلدان، فيما لم يذكر آخرون أسماء من التقوهم، واتفقت الشهادات في وصف طرق السفر والطرق الوعرة التي مروا بها وأسماء الأشخاص الذين ساعدوهم في المطارات بالخارج. لذا تم حصر للمعلومات وتنقيحها تجنباً للتكرار، وبناء على طلب المتحدثين عدم ذكر أسمائهم أو الأحرف الأولى منها، فسنشير إليهم بأحرف وهمية "ج، ص، ب، د، ي".

وعلى الصعيد الدولي، أمدتنا "وكالة الجمارك وحماية الحدود الأميركية" ببيانات تفصيلية حول عدد المصريين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة عبر الحدود الجنوبية مع الولايات المتحدة خلال الأعوام من 2014 إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. واستند تحقيق "اندبندنت عربية" أيضاً إلى قواعد البيانات الخاصة بمنظمة الهجرة الدولية ومجموعات "فيسبوك" وتقارير الصليب الأحمر وموقع "إنسايت كرايم" InSight Crime التابع للجامعة الأميركية في واشنطن.

تحدثنا أيضاً مع بعض الأشخاص من حلقات التهريب، أحدهم في محافظة المنيا والذي نفي في البداية أنه ساعد أي أحد على اتخاذ هذا الطريق، ثم قال "الدنيا واقفة حالياً، الموضوع خطر حالياً ومش سهل... أنا توقفت عن ذلك النشاط منذ أكثر من عام"، وشدد على أنه لم يعد ينصح أحداً باتخاذ ذلك الطريق للسفر إلى الولايات المتحدة لأنه شديد الخطورة. وتواصلنا مع سيدة من غواتيمالا تستضيف المهاجرين وتساعدهم على تجاوز الحدود إلى المكسيك. وبينما حاولنا التواصل مع الحكومة المكسيكية، لم نحصل على رد.

الرحلة يرويها الناجون

وفق بيانات مكتب إنفاذ قوانين الهجرة والعمليات القانونية التابع لوزارة الأمن الداخلي الأميركي، فإن مواطني مصر بين قائمة تضم 100 بلد ممن يُقبض على مواطنيها من قبل دوريات الحدود الأميركية خلال محاولة التسلل عبر الحدود البرية الجنوبية الغربية مع المكسيك. وتظهر البيانات زيادة واضحة خلال عامي 2023 و2024مع زيادة لافتة في عام 2023 بلغت أكثر من 3 آلاف شخص ونحو 2000 شخص العام الحالي.

وتظهر قاعدة بيانات مشروع المهاجرين المفقودين التابع لمنظمة الهجرة الدولية، أن هناك ثمانية مسارات للهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، لكن أكثرها شيوعاً كان عبور الحدود الجنوبية مع المكسيك وهو الطريق الذي يتخذه المهاجرون المصريون.

ووفق شهادات المهاجرين غير الشرعيين الذين استطاعوا دخول الولايات المتحدة والذين أجرينا معهم مقابلات عبر الهاتف، فثمة طرق عدة يبدأ منها أولئك المهاجرون من مصر، تبدأ من إحدى الدول التي يسهل الحصول على تأشيرتها للمصريين ومن بينها سلطنة عمان والمغرب والسنغال وماليزيا والأردن وموريتانيا، ومنها يأخذون تذكرة طيرانهم إلى دولة بنما التي لا تشترط تأشيرة مسبقة للمصريين، ثم نيكاراغوا والتي تبدأ منها رحلتهم براً عبر دول أميركا الوسطى وصولاً إلى المكسيك ثم الولايات المتحدة، وخلال هذا الجزء من الرحلة عبر أميركا الوسطى الذي يستغرق بين أسبوع وأسبوعين، تتولى عصابات تهريب البشر الأمر.

عادة ووفق ما تردد في شهادات المصريين الذين تحدثوا إلينا، فإن الرحلة تنطلق من أحد المطارات المصرية إلى سلطنة عمان أو ماليزيا أو المغرب، ومن إحداها تبدأ رحلتهم إلى نيكاراغوا في أميركا الوسطى.

الطريق الأكثر استخداماً بالنسبة إلى المصريين يبدأ من سلطنة عمان وهو الطريق الذي اتخذه (ص. 26 سنة) وآخرون مطلع أغسطس (آب) 2023، ومنها كان لديه حجز طيران إلى نيكاراغوا على الخطوط التركية. ووفق الشاب وآخرين ممن تحدثوا إلينا، يوجد شخص يعمل داخل مطار مسقط يتخذ اسماً حركياً "أبو نواف" يساعدهم على تجاوز الإجراءات الأمنية وتسهيل وصولهم إلى طائرة الخطوط التركية سريعاً، دون الخضوع لأية أسئلة حول أسباب سفرهم إلى بنما.

ومن بين أولئك الشاب (ج. 26 سنة) الذي ذهب أولاً إلى ماليزيا على تأشيرة سياحة، وبينما كان يستعد لمغادرة البلاد نحو رحلته إلى نيكاراغوا خلال السابع من يونيو (حزيران) 2023، منعت سلطات ماليزيا صعوده وآخرين إلى الطائرة رافضة قبول حجتهم بأنهم ذاهبون بغرض السياحة، مما اضطره إلى الذهاب إلى سلطنة عمان بناء على نصيحة الوسيط الذي ساعده على رسم الطريق. وخسر "ج" 5200 دولار ثمن تذكرة الطيران من ماليزيا إلى نيكاراغوا، وفي سلطنة عمان اضطر لدفع 9 آلاف دولار لذلك الوسيط الذي يعمل لحساب مكتب سياحة وسفر معروف لحجز تذاكر الطيران، والذي اشترى له تذكرة طيران على درجة رجال الأعمال لنيكاراغوا. وفي مطار سلطنة عمان التقى "ج" بالمصري المعروف باسم "أبو نواف" ودفع له 650 دولاراً أخرى لتجاوز الإجراءات الأمنية. ويقول "(أبو نواف) دخل على الكونتر وأتي لي ببطاقة صعود الطائرة وأنهى إجراءات تسجيل كل شيء بنفسه".

وفي رحلة تستمر نحو يومين ونصف اليوم يقضونها في سلطنة عمان، يهبط المسافرون أولاً في مطار إسطنبول لينتظروا استئناف رحلتهم إلى مطار "توكومين" في بنما، ثم عبر الخطوط الكوبية يستأنفون رحلتهم جواً من بنما إلى مطار أوغستو ساندينو الدولي داخل مدينة مانغوا في دولة نيكاراغوا. ويروي "ص" أنه عندما غادر سلطنة عمان إلى إسطنبول كان بصحبته ثلاثة أشخاص آخرون، وخلال رحلته التقى كثراً ممن هم في طريقهم نحو الحدود الأميركية، ويقول "هذه الرحلات كانت تقلع بصورة يومية... الطائرة التي أقلعت إلى بنما كان عليها أكثر من 50 مصرياً جميعهم كانوا ذاهبين لاتخاذ ذلك الطريق نحو الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وتقديم طلبات لجوء"، لكن لا يبدو أن جميعهم محظوظون فيضيف "بينما هبطنا في بنما بانتظار مواصلة رحلتنا إلى نيكاراغوا، رفض أمن المطار صعود 32 شخصاً إلى الطائرة".

"هل تريد تجاوز الحدود؟"

بعد الوصول إلى نيكاراغوا يشتري المسافرون تأشيرة لدخول البلد، وأمام المطار ينتظرهم "ه" رجل أربعيني بملامح لاتينية ويمثل أحد أعضاء حلقة التهريب داخل بلدان أميركا الوسطى، حاملاً رسالة على هاتفه مترجمة من الإسبانية إلى العربية "هل تريد تجاوز الحدود؟"، وفي سيارات أجرة تسع كل منها أربعة أفراد ينقل "ه" المهاجرين إلى حدود دولة هندوراس، حيث يكمل مهرب آخر الرحلة معهم لتجاوز الحدود إلى داخل هندوراس. وفي هندوراس يقوم المهاجرون بتسجيل بياناتهم لدى السلطات ويحصلون على تصريح بالبقاء ليوم واحد. ويقول (ي. 18 سنة)، "هناك التقينا مجموعات كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. وكان عدد المصريين خلال ذلك الوقت كبيراً وكانت هناك جنسيات أخرى أفريقية وعربية ومن دول أميركا الجنوبية".

وفي هندوراس يستأنف المهاجرون رحلتهم عبر حافلة تقلهم إلى غواتيمالا تستغرق نحو ثماني ساعات. ويقول (د. 19 سنة)، "انتقلنا في حافلة أخذناها من محطة كبيرة تحتوي حافلات كثيرة تشبه محطة السوبرجيت في مصر... وبمجرد أن ركبنا الحافلة من هناك تواصلنا مع سيدة من غواتيمالا تدعى (م)". وحصل الشاب على رقم السيدة (م) من سمسار في قريته يدعى ماهر، وهو الذي قام بحجز تذاكر الطيران له. ويقول "تواصلت معها بمجرد وصولي إلى هندوراس وكنت أرسل إليها مكاني باستمرار... قبل أن نصل إلى حدود غواتيمالا كان أحد الأشخاص ينتظرنا وعند نقطة معينة أبلغتنا السيدة بأن نغادر المركبة... هبطنا على طريق سريع وأكملنا الطريق إلى داخل غواتيمالا سيراً على الأقدام لمدة أكثر من ساعتين وسط غابات ومزارع لوجود نقاط تفتيش أمنية على الطريق السريع".

كارتل "تابتشولا" حيث قُتل المصريون

يكمل المسافرون غير الشرعيين طريقهم وسط تلك الغابات داخل سيارة نصف نقل في صندوقها المغلق دون تهوية وصولاً إلى مبنى بسيط يسمونه "الفندق" على أطراف غواتيمالا، بعد الاستراحة قليلاً حتى اكتمال وصول المجموعات القادمة من دول عدة. وثمة بحيرة مثل مصافي الأمطار، بحسب أحد الشباب الذين تحدثوا إلينا، كان ينبغي عليهم تجاوزها عبر جسر خشبي متهالك لتفادي أية نقاط أمنية على الطريق. وفي منتصف الليل، تحركوا عبر حافلة صفراء اللون تشبه حافلات المدارس والتي تقلهم إلى حدود المكسيك وتحديداً إلى منطقة تابتشولا وهي النقطة الحدودية الأولى التي يصل إليها المهاجرون غير الشرعيين إلى المكسيك، وتقع هذه المدينة في أقصى الجنوب الشرقي من ولاية تشياباس المكسيكية وهي الولاية التي تعرضت فيها أسرة سعد صلاح لإطلاق النار، من جانب قوات الأمن في المكسيك.

وتعد مدينة تابتشولا مركزاً لعمل عصابات الاتجار في المخدرات، فوفقاً لموقع "إنسايت كرايم" التابع لمركز دراسات أميركا اللاتينية واللاتينوس بالجامعة الأميركية في واشنطن، فإن عصابات الاتجار بالمخدرات وجدت فرصة عمل جيدة وسط العدد المتزايد من المهاجرين الذين يمرون عبر المكسيك، أملاً في الوصول إلى الولايات المتحدة. ووفق تقرير صدر الصيف الماضي، فإن الهجرة أصبحت مصدر دخل مهم لجماعات الاتجار بالمخدرات في المكسيك داخل هذه المدينة الحدودية الجنوبية، وبخاصة جماعتي كارتل سينالوا وكارتل خاليسكو الجيل الجديد واختصاره "سي جيه أن جي".

ووفق اثنين من المهربين الذين ساعدوا في نقل المهاجرين على مدار أكثر من عقد وتحدثوا لـ"إنسايت كرايم"، فإنهم أجبروا على دفع نحو نصف أرباحهم لعصابات المخدرات والجريمة، وتحديداً كارتل سينالوا وكارتل "سي جيه أن جي". وقال أحد مهربي البشر إنه يتقاضي بين 9 آلاف و11 ألف دولار أميركي من مجموعة المهاجرين، ويسدد منها نحو 6 آلاف دولار لعصابات المخدرات.

عدم دفع "الإتاوة" المطلوبة من قبل عصابات مثل كارتل سينالوا وكارتل الجيل الجديد يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك الاختطاف والتعذيب وربما الموت. فخلال مايو (أيار) 2023، اختطف 49 مهاجراً بينهم 11 طفلاً من الحافلة الخاصة التي استقلوها من تابتشولا في طريقهم إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. وبعد نحو أسبوع عثرت السلطات على المهاجرين أحياء في وسط المكسيك. وقال بعضهم إنهم اختطفوا من قبل جماعة تهريب مخدرات طالبت بفدية، وفي حين يذكر تقرير المنظمة الأميركية أنه ليس من الواضح عما إذا كان المهاجرون دفعوا أموالاً لتلك العصابات، لكن وفق شهادات المصريين الذين التقتهم "اندبندنت عربية" فإنهم يدفعون ما لديهم من أموال لكل من يلتقيهم على طول الطريق.

وقال أحد المهربين "الآن أدرك تجار المخدرات مدى ضخامة العمل. الجميع يريد حصته. وكلما كانت الحصة أكبر كان ذلك أفضل".

بؤرة للعنف

المصريون الثلاثة الذين قُتلوا خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقعت حادثتهم في منطقة هويكستلا وهي منطقة قريبة من تابتشولا وكلتاهما في ولاية تشياباس. وعلى نحو أوسع، يقول "إنسايت كرايم" إن ولاية تشياباس منذ فترة طويلة أصبحت بمثابة بؤرة للعنف الإجرامي، بين الجماعات المتنافسة للسيطرة على الأراضي الواقعة داخل الحدود الجنوبية للمكسيك، وهي مركز رئيسي لتهريب المخدرات والمهاجرين.

ووفقاً لتقارير داخلية للجيش المكسيكي، اتخذ العنف في الولاية وبخاصة داخل الحدود الجنوبية، حيث ينتقل المهاجرون المصريون وغيرهم من غواتيمالا إلى المكسيك، مساراً تصاعدياً حاداً منذ عام 2021، تزامناً مع توغل كارتل خاليسكو الجيل الجديد في البلديات الحدودية التي كانت ذات يوم معاقل لكارتل سينالوا المنافس.

ويقول رئيس اتحاد المصريين في الخارج رأفت صليب من ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، الذي تابع حادثة إطلاق النار على أسرة سعد صلاح وأسهم في تقديم الدعم للأسرة المنكوبة بالتنسيق مع وزارتي الخارجية المصرية والمكسيكية، إن الحافلة التي كانت بداخلها العائلة المصرية كان يوجد بها أفراد من مهربي المخدرات، لذا بمجرد عبورهم إلى داخل المكسيك أطلقت قوات الأمن المكسيكية النيران باتجاهها، مما أسفر عن مقتل البنتين وشاب آخر يدعى بديع مكرم في الـ17 من عمره، بينما يرقد الأخ الأصغر في الرعاية المركزة داخل المكسيك، حيث حصل الأب الذي أصيب في قدمه برصاصتين على تصريح إقامة لمدة عام للبقاء مع ابنه حتى يتماثل للشفاء.

وذكر تقرير حقوقي نشره موقع "إنسايت كرايم" خلال أغسطس الماضي أن العنف في ولاية تشياباس المكسيكية دفع بزيادة عدد النازحين والمفقودين إلى مستويات جديدة، مع استهداف العصابات وجماعات الجريمة المنظمة للمدنيين بصورة متزايدة. ووفقاً لبيانات احتواها التقرير، فإن عدد ضحايا النزوح القسري داخل تشياباس بلغ 12 ألفاً و771 شخصاً خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، وهو ارتفاع حاد مقارنة بعام 2023 الذي سجل 4 آلاف و562 شخصاً.

نقل غير آمن وإتاوات

ووفق شهادات المصريين الذين تحدثوا إلينا، ففي تابتشولا تسلم (ت) وهو أحد أعضاء حلقة التهريب الذي تلقى ألفي دولار من كل مهاجر، نظير تنقلاتهم داخل المكسيك على مدار 14 يوماً. وفق (ج) وآخرين فإن (ت) كان ينقل مجموعات المهاجرين في شاحنات مكتظة "كان يضع 60 شخصاً داخل سيارة تسع 10 أشخاص فقط". ويقول (ص)، "قام هذا الشخص بنقلنا داخل سيارة تشبه سيارات نقل المواشي لكنها كانت بصندوق مغلق تماماً، كان يحشرنا داخلها بغض النظر عن السعة وحدثت بالفعل اختناقات وبعض الأشخاص فقدوا الوعي، لكننا تصرفنا وفتحنا النافذة العلوية وساعدناهم... لم نر سوي المزارع والغابات التي كنا نهبط فيها للمبيت، هو كان يقوم بنقلنا في شاحنات مغلقة".

ووفقاً لأحد الأشخاص فإنهم أقاموا في البداية داخل مبيت يدعى "فندق ميشيل"، وعلى مدار أسبوعين كان المهرب المكسيكي ينقل المجموعات من مزرعة إلى أخرى، ويقول (ى. م)، "المزرعة بها خيمة كبيرة كنا ننام داخلها... في المكسيك وصلنا إلى نحو 200 مصري إضافة إلى جنسيات أخرى... قبل أن نصل إلى ميكسيكو سيتي قام بفصل الجنسيات وقسمنا لمجموعات".

تستغرق الشاحنة التي تقل المهاجرين من المكسيك إلى الحدود الأميركية 13 ساعة، وبينما تقدر سعتها بنحو 60 فرداً كان يتم وضع 120 مهاجراً داخلها. وفق (ص) فإنه خلال المرة الأولى التي خرجوا فيها متجهين لبدء رحلتهم نحو الحدود أوقفتهم قوات الأمن المكسيكية، وما كان من السائق والمرافق له إلا أنهما غادرا الحافلة وهربا وسط المزارع... واحتجزتنا السلطات المكسيكية ليلة واحدة وبعدها أطلقوا سراحنا ومنحونا إذناً بالبقاء لأسبوع فحسب... هاتفنا (ت. المهرب) وأرسل شخصاً لنقلنا إلى إحدى المزارع وبقينا هناك يوماً ثم بدأنا رحلتنا من جديد حتى حدود مكسيكو سيتي... وأبلغنا (ت) أنه دفع رشى هذه المرة حتى نستطيع تجاوز الطريق".

خلال التنقل داخل المكسيك يقول المصريون الذين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" إنهم كانوا يضطرون إلى دفع رشى لمن وصفوهم بعناصر الأمن الموجودة على الطرق حتى يتركوهم. ويقول أحدهم "في الطريق، السواق كان يحاول الابتعاد من مكامن الأمن. عندما كان يوقفنا أحدهم ويرون جوازات سفرنا كانوا يطلبون نقوداً، ودفعنا لهم بين 50 و200 بيزو عن كل شخص في السيارة.. سعر كل مكمن يختلف عن الآخر، والشخص الذي لم يكن لديه نقود كافية كان يتعرض للتفتيش وحقائبه". ووفقاً للشهادات، فإنهم كانوا يأخذون أي شيء ذي قيمة معه مثل هاتف محمول أو "باور بانك".

لا يعرف الشباب إذا ما كانت تلك المكامن المنتشرة على الطرق هي لعصابات أم لعناصر الأمن. ووفق أحد الشباب فإن الأشخاص في نقاط التفتيش كانوا ملثمين، ومع ذلك يستبعد أن يكونوا عصابات قائلاً "هي نقاط تفتيش رسمية لا أعتقد أنهم عصابات. عندما نفدت نقودنا فتشوا حقائبنا وأخذوا بعض الأشياء، هذا كان هدفهم وليس هدفهم القبض علينا".

في ميكسيكو سيتي بدأت مهمة (س)، عضو آخر من حلقة التهريب مغربي الأصل وتلقى 1100 دولار من كل مهاجر، وكان مسؤولاً عن نقل مجموعات المهاجرين داخل المدينة حيث أقاموا في فندق تابع له أربعة أيام، وقام في هذه الأثناء بوضع "ختم" على جوازات سفرهم. وتحركت المجموعات مجدداً نحو الحدود ووقتها كانوا يرسلون مواقعهم لـ(س) عبر "واتساب"، ووفق أحدهم "هو كان يعرف أماكن نقاط التفتيش الأمني.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 10 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 17 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 18 ساعة