ستعيد روسيا ضبط استراتيجيتها لتصدير الغاز الطبيعي حول العالم مع وقف موسكو إمدادات الغاز الطبيعي عبر أوكرانيا إلى أوروبا.
ويتوقع محللون أن تتوسع روسيا في الأسواق الكبرى مثل الصين وآسيا، كما ستبحث عن أسواق جديدة مثل إفريقيا مع زيادة صادرات من الغاز المسال، لكن التوسع قد يكون محفوفاً بعدة مخاطر أبرزها ارتفاع التكلفة.
وفي بداية 2025 توقفت صادرات الغاز الطبيعي الروسية عبر خطوط أنابيب تمر من أوكرانيا إلى أوروبا بعد انتهاء أجل اتفاقية العبور وفشل موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لمواصلة التدفقات.
وأغلقت روسيا بهذا أقدم طريق لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا بعد توترات عديدة بين الجانبين بدأت باستيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم عام 2014، تبعته الحرب مع أوكرانيا في 2022.
حقائق عن تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا
كانت تدفقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا والتي تبلغ نحو 42 مليون متر مكعب يومياً حتى عام 2024، أقل بكثير من المستوى المتعاقد عليه وهو 110 ملايين متر مكعب يومياً، وفقاً لبيانات كوموديتي إنسايتس.
وبموجب اتفاقية العبور لعام 2019 تعاقدت روسيا على توريد 65 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا عام 2020 أو ما يعادل 178 مليون متر مكعب يومياً و40 مليار متر مكعب سنوياً بين عامي 2021 و2024.
وبعد حرب روسيا على أوكرانيا ظلت الإمدادات أقل من الحجم المتعاقد عليه.
مسارات بديلة للغاز الروسي
مع توقف إمدادات الغاز الروسية قد تعيد موسكو ضبط استراتيجية تصدير الطاقة لاستهداف أسواق بديلة وإنشاء طرق جديدة لتمرير بضاعتها عبر دول أخرى.
ويقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، لـ«CNN الاقتصادية»، إن خط أنابيب قوة سيبريا الذي يعمل منذ عام 2019 أصبح العمود الفقري للغاز الروسي في آسيا، إذ زادت روسيا بشكل كبير صادراتها من الغاز إلى الصين، والتي من المتوقع أن تتفوق على أوروبا كأكبر مستهلك للغاز لها.
ويضيف أن إعادة توجيه الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى آسيا سيتطلب إنشاء بنسبة تحتية مكلفة، مثل خط أنابيب قوة سيبريا 2.
وتقول لورا باجي، مديرة تحليلات الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، لـCNN الاقتصادية إن إمدادات روسيا إلى أوروبا تأتي من حقول الغاز في منطقة سيبيريا وأن هناك مناقشات مستمرة حول خطوط قوة سيبريا 2.
ومع سعي الصين إلى الحد من استخدام الفحم، فإن طلبها على الغاز الطبيعي في ارتفاع إلى عنان السماء، الأمر الذي يجعلها سوقاً مثالية للصادرات الروسية، بحسب جوربناز.
وخلال السنوات الماضية عملت موسكو وبكين على تعميق تعاونهما في مجال الطاقة، إذ عزّزت الاتفاقيات الطويلة الأجل هذا الاتجاه.
وتجري روسيا حالياً مناقشات لإرسال المزيد من الغاز إلى آسيا الوسطى، وفقاً لورا باجي.
ويقول المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن روسيا تعمل على تكثيف صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الآسيوية الأخرى، بما في ذلك الهند وكوريا الجنوبية واليابان وجنوب شرق آسيا.
لكن التوسع في صادرات الغاز الطبيعي المسال سيكون محفوفاً بمخاطر ارتفاع التكلفة، ويقول جوربناز إن رفع قدرة الغاز الطبيعي المسال يتطلب استثمارات ضخمة وخاصة في مشاريع القطب الشمالي، كما أن روسيا ستواجه منافسة من مصدري الغاز الطبيعي المسال المعروفين مثل قطر وأميركا وأستراليا في آسيا والأسواق العالمية الأخرى.
تركيا وأسواق جديدة في إفريقيا والشرق الأوسط
قد تستفيد روسيا من موقع تركيا الاستراتيجي كمركز عبور لغازها إلى أوروبا، إذ يعمل خط أنابيب ترك ستريم على توصيل الغاز الروسي إلى تركيا وجنوب أوروبا.
وبحسب جوربناز فإن هناك مناقشات حول إعادة تركيا تصدير الغاز الروسي إلى بقية أوروبا.
لكن لورا باجي ترى أن هناك قيوداً على دفع المزيد من الغاز عبر تركيا، إذ إن خط الأنابيب يعمل بالفعل بمعدلات استخدام عالية تتراوح بين 85 و90 في المئة.
ويمكن لروسيا أن تستكشف فرصاً لتصدير الغاز إلى الدول الإفريقية ذات الاحتياجات المتزايدة للطاقة، مثل الجزائر و مصر وجنوب إفريقيا، إذ تمثل هذه الأسواق إمكانات غير مستغلة لمبيعات الغاز الطبيعي المسال، وفقاً لجوربناز.
ويقول إن روسيا يمكنها إقامة شراكات مع دول الشرق الأوسط للاستفادة من احتياجاتها المتزايدة من الطاقة ويمكن لموقع تركيا الجغرافي أن يسهّل الوصول إلى هذه الأسواق.
ورغم أن هناك تحديات فإن التنويع الاستراتيجي لمحفظة صادرات الطاقة الروسية يضمن استمرار عثور الغاز الروسي على مشترين.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية