مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين تعيد المسألة الحدودية إلى الواجهة

يواصل "حزب الله" استخدام خطاب مكافحة الإرهاب لمواصلة تبرير احتفاظه بسلاحه ونشاطاته العسكرية داخل لبنان وخارجه، وذلك لإعادة الترويج لـ"شرعية السلاح"، وتأكيد ضرورته بحجة أن الدولة اللبنانية وحدها غير قادرة على مواجهة هذه التهديدات.

تعددت الأسباب

وجاء فرض السلطات السورية الجديدة نهار أمس الجمعة قيوداً على دخول اللبنانيين إلى أراضيها مفاجئاً، إذ كان يسمح للبنانيين بدخول سوريا بجواز سفر أو الهوية من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول. وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي أن العمل جار لحل تلك المسألة، بينما صرح مسؤول في الأمن العام اللبناني المشرف على المعابر الحدودية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجهاز لم يُبلغ بأي "إجراء جديد من الجانب السوري، لكنه فوجئ بإغلاق الحدود"، مرجحاً أن فرض قيود على دخول اللبنانيين جاء وفق مبدأ المعاملة بالمثل، أي بالشروط التي يفرضها اللبنانيون على السوريين لجهة حيازة إقامة أو حجز فندقي. ويفرض لبنان شروطاً مشددة على دخول السوريين إلى الأراضي اللبنانية، في محاولة للتصدي لأزمة النازحين الذين تجاوز عددهم المليون ونصف المليون شخص داخل أراضيه. وأشار مسؤول أمني آخر إلى أن القيود تعني أن اللبنانيين الذين ليست لديهم إقامة أو عائلة داخل سوريا لن يتمكنوا من العبور، مستدركاً أن هناك بعض الاستثناءات لمن لديهم أنشطة داخل سوريا. ولكن ووفقاً لمصدر عسكري لبناني، فإن فرض القيود جاء إثر مناوشات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين. وبحسب البيان الذي صدر عن قيادة الجيش اللبناني فإنه "أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية-السورية في منطقة معربون-بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلقت عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء، وعمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش مما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين". وتابع البيان أن "وحدات الجيش المنتشرة في القطاع اتخذت تدابير عسكرية مشددة، وتجري المتابعة اللازمة للحادثة". وقال مصدر وزاري لبناني في حديث صحافي إن "الأمن العام اللبناني يعمل مع الجانب السوري على حل الإشكال"، نافياً أن يكون حصل تواصل مباشر بين وزارتي الداخلية اللبنانية والسورية في هذا الخصوص.

وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أكد لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اتخاذ الأجهزة المعنية ما يلزم لإعادة الهدوء على حدود البلدين بعد الاشتباكات مع "المسلحين"، والتي أدت إلى إصابة خمسة عسكريين لبنانيين. وأفاد بيان لرئاسة الحكومة اللبنانية بأن ميقاتي والشرع اللذين تواصلا هاتفياً أمس بحثا "العلاقات بين البلدين وخصوصاً الملفات الطارئة". وأضاف أن "البحث تطرق أيضاً لما تعرض له الجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا، إذ أكد الشرع أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود ومنع تجدد ما حصل". وفي ختام الاتصال "وجه الشرع دعوة إلى ميقاتي لزيارة سوريا، من أجل البحث في الملفات المشتركة بين البلدين وتمتين العلاقات الثنائية"، وفقاً للبيان الحكومي.

حوادث أمنية تثير القلق

وكانت الحدود اللبنانية-السورية شهدت خلال الأسابيع الأخيرة من بعد سقوط نظام بشار الأسد سلسلة حوادث أمنية أثارت القلق والتوتر داخل المنطقة. ففي الـ26 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 تعرضت دورية الجيش اللبناني لإطلاق نار من مسلحين مجهولين من الجانب السوري داخل منطقة وادي الأسود بخراج بلدة ينطا-راشيا. وردت الدورية على مصادر النيران ووقع اشتباك أدى إلى إصابة أحد العسكريين، نقل إلى المستشفى وحالته مستقرة. واتخذت الوحدات العسكرية اللبنانية تدابير أمنية مشددة، وتتابع التحقيقات لتحديد هوية المهاجمين. أيضاً خلال الـ10 من ديسمبر 2024 تجاوز مسلحون مجهولون قادمون من الأراضي السورية الحدود اللبنانية في جرود كفرقوق راشيا الوادي، واقتربوا من أحد المراكز الحدودية للجيش اللبناني وأطلقوا النار في الهواء، ورد عناصر الجيش بإطلاق نيران تحذيرية مما أجبر المسلحين على العودة إلى داخل الأراضي السورية. وعزز الجيش اللبناني وجوده على طول الحدود مع سوريا، وبخاصة في مناطق الهرمل والقاع لمنع دخول مسلحين أو حدوث موجة نزوح من الجهة السورية عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية. وأغلق "الأمن العام" اللبناني بعض المعابر الحدودية الشرعية بالسواتر الحديدية والأسلاك الشائكة، حاصراً عمليات الدخول والخروج إلى سوريا عبر معبر "المصنع-جديدة يابوس" بصورة نظامية. وتأتي هذه الأحداث في سياق توترات إقليمية متصاعدة، إذ يخشى لبنان من تكرار سيناريوهات سابقة شهدت تسلل مجموعات مسلحة عبر الحدود، مما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن هنا يواصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته الأمنية ومراقبة الحدود بصورة مكثفة. وفي هذا السياق، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان أن "الجيش سلم إدارة العمليات العسكرية في سوريا نحو 70 عسكرياً سورياً، بينهم ضباط برتب مختلفة في قوات النظام السابق". وأضافت الوكالة أن التسليم كان في حضور وفد أمني لبناني عبر معبر العريضة الحدودي بين البلدين، وذلك خلال الـ28 من ديسمبر 2024.

فهل ينبئ هذا التوتر الحدودي بين لبنان وسوريا بأن الأمور ستنزلق إلى ما هو أسوأ بين حكومة تصريف الأعمال اللبنانية المهيمن عليها من قبل "حزب الله"، وإدارة الحكم الجديد في سوريا؟

التهريب عبر الحدود

تعد المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا معابر رئيسة لتهريب البضائع والأسلحة مما يؤدي إلى اشتباكات بين الجيش اللبناني والمهربين، وتتسم تلك الحدود بتداخل جغرافي معقد إذ تتكون من جبال وأودية وسهول من دون علامات واضحة تحدد الفاصل بين البلدين. ويرتبط البلدان بستة معابر حدودية رسمية على طول نحو 375 كيلومتراً، إلا أن هناك عديداً من المعابر غير الشرعية التي تستخدم لعمليات تهريب ونقل غير قانونية. وفي حديث سابق مع مسؤول العلاقات الإعلامية السابق في "حزب الله" محمد عفيف (قتل إثر ضربة إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة)، أكد أنه لا دخل للحزب بأي معبر غير شرعي، بل لديه معبر وحيد في منطقة القصير معروف من قبل الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، ويمرر الحزب عبره سلاحه وعتاده وعناصره من سوريا وإليها، لافتاً إلى أن "هناك 161 معبراً منها الشرعي وغير الشرعي، وهناك عائلات تعمل في التهريب لكنها لا تعد ذلك جرماً، إذ تقع بعض القرى ما بين الأراضي اللبنانية والسورية وبسبب تلك التركيبة الجغرافية فإن عمر التهريب من عمر البلد ومنذ كانت الحدود بين البلدين".

وتأتي هذه الحوادث في ظل توترات إقليمية متصاعدة، مما يثير مخاوف من تداعيات أمنية على استقرار المنطقة. ويواصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته الأمنية ومراقبة الحدود بصورة مكثفة لمنع أية خروق تهدد الأمن الوطني.

وكثيراً ما شكلت المعابر غير الشرعية إشكالية ومصدر قلق دولي حيال بقائها تحت سيطرة "حزب الله"، مما يبقي البلد ساحة مفتوحة أمام الانتهاكات الإسرائيلية، وهذا ما حصل ويحصل على مدى أكثر من عام أي منذ اندلاع حرب غزة، إذ تتذرع إسرائيل بأن تلك المعابر هي طرق إمداد للحزب. وتحت عنوان قطع وإغلاق تلك المعابر لتجفيف موارد الحزب، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف المعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية-السورية في البقاع الشمالي. وبالفعل قصف أكثر من منطقة عبور وجسر وطرقات تربط بين لبنان والداخل السوري. ونص اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل على ضرورة تطبيق القرار الأممي رقم 1701 لوقف الحرب والعمليات القتالية، وهو الذي يتضمن شرط بسط السلطات اللبنانية سيطرتها على المعابر البرية والبحرية والجوية.

إلا أنه وبعد سقوط نظام الأسد شهدت المناطق الحدودية فراغاً أمنياً، سمح لمجموعات مسلحة بالتحرك بحرية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ 12 ساعة
قناة الغد منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة