العربي بين النحو الواضح والحياة الغامضة

العرب يا صاحبي يريدون نحواً واضحاً للغتهم في ظل حياة غامضة جداً يعيشونها من الصباح إلى المساء، من المهد إلى اللحد، يريدون نحواً وافياً للغتهم في مجتمع ناقص جداً ومبتور جداً في الثقافة والسياسة والعلم والتنظيم والنظام.

يريد العرب أن تكون لغتهم مستقيمة دقيقة في أدق تفاصيل الخطاب، ويمارسون حياتهم المليئة بالاعوجاج والفساد في أعلى درجاته.

فلسفياً، أتساءل هل يمكن للغة أن تعيش في نحو واضح داخل مجتمع تسوده الفوضى ويخلو من النظام والتنظيم؟ هل يمكن للغة جميلة كالعربية أن تعيش نحواً وافياً في مجتمع منقوص ثقافياً وسياسياً وتعليمياً؟

يريد العربي لغة بنحو واضح ويفاخر بذلك وله الحق في ذلك، ولكنه لا يحزن ولا يقاوم الانهيار الذي تعرفه مجتمعاته في أبواب وفصول عدة، في الاقتصاد والتعليم والسياسة، لا يقاوم الانهيار الذي في ذاته.

يريد العربي لغة دقيقة تراوح دقتها ما بين الفلسفة والرياضيات وهذه حقيقة لسانية دقيقة، ويرتاح للعيش في مدينة لا يُحترم فيها حتى قانون السير، يسير السائق بمركبته في الاتجاه المعاكس كما يحلو له، يزمر كما يحلو له، يتوقف على الرصيف كما يحلو له.

يريد العربي الفاعل أن يكون كما رسمته ألفية ابن مالك، ولكنه لا يريد أن يكون فاعلاً داخل المجتمع في احترام وقت العمل، ساعة الدخول وموعد الخروج.

يشيد العربي بفلسفة العالم اللغوي ابن آجروم الأمازيغي في حديثه عن الكلام بمؤلفه "الآجرومية"، ويعارض نظرية العرض والطلب في الاقتصاد والتنافس الحر النزيه.

يريد العربي مهارة سيبويه ودقته في اللغة، ويمارس الكسل والاستسهال والمضاربة والاستهلاك في العمل والحياة.

يريد أن يكون خبر "كان أو إن وصواحبهما" كما قعَّد له سيبويه، ولكنه لا يريد أن يخبرنا بما يقوم به في مكتبه وحقله وورشته.

يفتخر العربي بلغته وله كامل الحق في ذلك بما فيها من نظام دقيق في علاقة العدد بالمعدود، في التأنيث والتذكير والجمع والمفرد، ولكنه لا يتردد في اللعب بالأعداد، يغير أرقام الفواتير ويزيد أرقام الأسعار.

يتباهى العربي بدقة القوانين التي تسيِّر اسم كان وإن وصاحباتهما، وينسى اسمه فيغير من صفاته من الولاء إلى قائد إلى الولاء لقائد جديد من دون حرج، في ذلك ينتقل من المأساة إلى الملهاة بيسر وبساطة.

ينتفخ العربي وبكثير من الاعتزاز لخصائص الجملة الإسمية والجملة الفعلية في لغته العربية البديعة، وما لهما وما عليهما من اختلاف وانسجام وواجب، وينسى أن حياته لا فعل فيها ولا اسم بارزاً فيها.

يُخبرنا العربي عن الفعل المبني للمجهول ويسعد بأنه الفاعل للمجهول في الجغرافيا والتاريخ الراهن.

العرب أكثر الشعوب ارتباطاً.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة DW العربية منذ 3 ساعات
بي بي سي عربي منذ 4 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ ساعة