حين خان الإلهام الكاتب الروسي الكبير نيقولاي غوغول لجأ إلى التراث الأوكراني يستوحي منه حكايات ونصوصاً كان من حظها أنه حقق عبرها تجديداً كبيراً في أدبه #نكمن_في_التفاصيل

كان الكاتب الروسي الكبير نيقولاي غوغول في الـ26 من عمره حين راح يبحث عن إلهام يحرك مكامن الإبداع فيه لينشر جزءاً ثانياً من مجموعة تلك الحكايات التي ستخلد وتخلده لاحقاً تحت عنوان مشترك هو "سهرات في مزرعة ديكانكا"، لكنه بحث طويلاً ولم يجد. كان يبدو وكأن ملكة الإلهام ما عادت تستجيب لطموحاته ولا لمطالب قرائه الذين كانوا يزدادون عدداً وإعجاباً به، ولكن تطلباً أيضاً. كانت المجموعة الأولى التي صدرت على دفعتين عامي 1830 1831 بالعنوان نفسه، حققت نجاحاً كبيراً جعل له اسماً لا بأس به في عالم الأدب والأدب الخيالي بالتحديد، أي في مجال كان يجدد فيه في سياق الأدب الروسي، لكنه حين راح يشتغل على مجموعة ثانية احتاج منه الأمر إلى ثلاث سنوات من الجدب الفكري والإبداعي، مما جعله، في نهاية المطاف، حين ينجز أربع حكايات جديدة، يصدرها بعنوان خاص بها هو "ميرغورود" على اسم مدينة أوكرانية شديدة الصغر ترتبط إلى حد ما بطفولته. والمعروف أن المجموعة الأولى ستعود وتضم لها المجموعة الجديدة لتسمى معاً "الحكايات الأوكرانية"، والحقيقة أن روسيا وأوكرانيا كانتا في ذلك الحين بلداً واحداً قد يولد الروسي أوكرانياً وقد يعتبر الأوكراني روسياً. وغوغول نفسه (1809 - 1852) على رغم أنه يكتب بالروسية ويعتبر من الأدباء الروس الكبار والمؤسسين، إلى حد أن دوستويفسكي كان ينحو مثل غيره من كبار أدباء القرن الـ19 الروس، إلى القول "لقد خرجنا جميعنا من معطف غوغول"، غوغول ولد في أوكرانيا غير بعيد من كييف التي كان يعتبرها، دون موسكو أو بطرسبرغ، العاصمة الحقيقية والتاريخية للإمبراطورية الروسية.

عندما خانه الإلهام

المهم هنا إذاً أن غوغول حين خانه الإلهام لجأ إلى التراث الأوكراني يستوحي منه حكايات ونصوصاً كان من حظها أنه حقق عبرها تجديداً كبيراً في أدبه، يمعن من خلاله غوصاً في غرائبية أدبية يمكن تتبع حضورها البديع في معظم أعماله التالية. ومن هنا يمكننا أن نتلمس فضل تلك المدينة الصغيرة، ميرغورود عليه. وهي صغيرة حقاً إلى درجة أن الكاتب نفسه أكد في تقديمه للمجموعة الجديدة تلك بأنها "مدينة أوكرانية صغيرة جداً تقع بالقرب من نهر خورول، وفيها مصنع للحبال وأربع طواحين تشتغل على الماء 45 طاحوناً تشتغل على الريح لا أكثر. وفي إطار تلك المدينة إذاً التي ستبدو من الغرابة بحيث اعتقد كثر أن غوغول اخترعها جعل الكاتب ميدان تحرك ونشاط أربع حكايات، هي على التوالي "أسرة من الزمن القديم"، و"تراس بولبا" (أطول تلك الحكايات وأشهرها إذ اتخذت لنفسها مكانة مستقلة مع مرور الزمن)، ثم "فيج"، وأخيراً "الخصام بين الإيفانين". وتبدأ المجموعة بحكاية تبدو للوهلة الأولى عائلية تزخر بالحنين إلى أزمان ولت من خلال العلاقة الحميمة بين زوجين عجوزين في دعة وهدوء مطلقين، إذ لا يتوقف هو من ناحيته عن الأكل والشرب طوال النهار، بينما تكتفي هي من الحياة بالعيش من أجله وتقديسه كمعبود لها. وفي نهاية المطاف حين تموت الزوجة العجوز يبقى الزوج عائشاً على ذكراها زمناً يكاد يكون أبدياً، إذ لا يتوقف لحظة عن ذكرها متناولاً مأكله ومشاربه لإرضاء تلك الذكرى، انطلاقاً من هذا الموضوع البسيط يمضي غوغول في نسج هذه الحكاية التي يغنيها بلغته الخصبة بالمعاني. وعلى العكس من ذلك، تأتي الحكاية التالية "فيج" مستقاة أصلاً من حكاية شعبية يؤكد الكاتب أنه لم يحدث أي تغيير في أصلها الذي وصل إليه منذ سنوات.

الطالب والساحرة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
بي بي سي عربي منذ ساعتين
قناة العربية منذ ساعتين
قناة العربية منذ 10 ساعات
بي بي سي عربي منذ ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة DW العربية منذ 4 ساعات