ال"ريلز" بين تدفق المعلومات وتعفن الدماغ #نكمن_في_التفاصيل

كان للمعرفة في زمن ليس ببعيد طقوسها من قراءة الكتب والأبحاث والصحف ومشاهدة الوثائقيات وتراكم جمع المعلومات وتدقيقها، وكان طبق المعرفة يُطبخ على نار الوقت الهادئة لتندمج وتتشكل وتُخضَع لميزان لوعي والمنطق والمقارنات، وكان الساعي إليها يخجل مع هذا ادعاء العلم والمعرفة مهما كبر بنيانه.

أما الترفيه فقوامه حفلات وأفلام ومسلسلات ومطالعة وسهرات مع ألعاب ونشاطات منوعة، منها ما هي اجتماعية أو ثقافية أو مسلية تملأ الوقت الفارغ بنشاطات مشتركة بين الأهل والجيران والأقارب والأصحاب.

واليوم يجلس كل فرد في مجتمعه الخاص أو فقاعته الخاصة المتجسدة بشاشة يطل عليها على عالم يعيش وأحياناً يعتاش على الشبكة العنكبوتية التي تتواصل بصورة أخرى، يتشارك الناس فيها ويتواصلون عبر القارات والبلدان من دون تأشيرات ملزمة، ويدردشون ويجتمعون ويلعبون ويجرون الصفقات الصغيرة والكبيرة في المجتمع والعمل والعلاقات، أحياناً بأسماء وهمية.

فوبيا بالجملة

وفي هذا العالم الشاسع والمتفرد ينهال علينا في ما ينهال تقنيات وأدوات تسابق الزمن بآلاف الفيديوهات القصيرة المعروفة بـ "الريلز" Reels أو الـ "شورتيز" shorties لا يتعدى واحدها الدقيقة من الزمن، وننهال عليها تمريراً (Scroll) وتخطياً (Skip)، ويشعر بعضهم أنه يعرف كل شيء عن كل شيء من ناحية، ويصاب بأنواع من الرهاب (فوبيا) من جهة أخرى، في تناقض لا مثيل له، ومنها الـ "فومو" FOMO (Fear of Missing Out) أو القلق من أن الآخرين يمرون بتجارب مجزية من دون أن ينال منها الشخص شيئاًن وسببها رؤية منشورات حول أحداث أو أنشطة أو إنجازات لم يشارك فيها مما يؤدي إلى الاستخدام القهري لوسائل التواصل الاجتماعي وعدم الرضا عن حياته.

أما FOJI (Fear of Joining in) فهو القلق أو الخوف من المشاركة في المناقشات أو المجتمعات عبر الإنترنت خوفاً من النقد أو ردود الفعل السلبية بسبب كتابة كلمة خاطئة أو مشاركة فكرة، وهذا يسبب الانسحاب الاجتماعي والتردد في المشاركة على المنصات الاجتماعية.

ويحصل اضطراب القلق من وسائل التواصل الاجتماعي ورهاب عدم الكمال (Atelophobia) والشعور بعدم الارتياح أو التوتر المرتبط باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الخوف من عدم كون الشخص جيداً بما يكفي أو عدم تلبية المعايير المتصورة، وبالتالي عدم الحصول على الإعجابات أو التعليقات أو الضغط للحفاظ على صورة مثالية، مما يجعل الشخص يلجأ إلى تجنب وسائل التواصل الاجتماعي أو الإفراط القهري في الاستخدام وانخفاض احترام الذات أو مشكلات صورة الجسم أو الكمال الوسواسي.

أما رهاب عدم استخدام الهاتف (Nomophobia) أو القلق حيال فقدان الوصول إلى الهاتف المحمول أو وسائل التواصل الاجتماعي فبات يشبه رهاباً جماعياً يعانيه كثيرون، بسبب الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل والتحقق من أي أمر، وهذا يزيد التوتر وسلوكيات التحقق القهري من الهاتف من دون أي طارئ، فيصبح عادة تستملك العقل والتفكير، ولطالما شهدنا أطفالاً يعودون من المدارس متجهين بصورة سريعة نحو فتح هواتف أهاليهم للتحقق من لعبة معينة أو وسائل تواصل، ومثلهم المراهقين الذين يحملون الهواتف ويخرجون من صفوفهم للتحقق من أي جديد، ومثلهم أيضاً الراشدون الذين إذا اضطروا إلى الابتعاد من الهاتف بسبب العمل أو الاجتماعات فإنهم يعودون لها بشغف من فقد عزيزاً.

ويضاف إلى كل ما تقدم من أنواع الرهاب رهاب المراقبة أو الحكم، فيخشى الشخص النشر والمشاركة خوفاً على الخصوصية والتقييم السلبي، كما توجد أنواع رهاب أخرى ترتبط بالتكنولوجيا والإنترنت وتتكاثر أنواعها مع كل جديد في هذا العالم المتسارع.

تعفن الدماغ

وكل أنواع الرهاب التي قد تصيب شرائح مختلفة من الناس بحسب البيئة والمجتمع والتربية والتعرض للإنترنت في كفة، وتعفن الدماغ في كفة أخرى، فهل فعلاً يتعفن دماغنا؟ وكيف؟

Brain Rot أو "تعفن الدماغ" هي عبارة عام 2024 بحسب جامعة أوكسفورد التي شهدت زيادة في استخدامها بنسبة 230 في المئة عن العام السابق، مما يشير إلى اهتمام متزايد واضح، وتعني تدهوراً عقلياً وفكرياً بسبب الإفراط في استخدام المحتوى التافه، وتحصل بصورة أكبر مع الأجيال الأحدث مثل "جيل Z" أو جيل الإنترنت (مواليد ما بين عامي 1997 و2013) و"جيل ألفا" (مواليد ما بين عامي 2013 و 2025).

وباتت عبارة "تعفن الدماغ" تستخدم لوصف الركود العقلي أو التدهور الناتج من التعرض المفرط للمحتوى منخفض الجودة أو غير الهادف، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية أو الترفيه المتكرر، وعلى رغم أنه ليس حالاً طبية معترف بها، لكنه يعكس القلق المتزايد في شأن التأثيرات المعرفية لوسائل الإعلام الحديثة.

ونشأ مصطلح "تعفن الدماغ" من الثقافة الشعبية، فهو يجمع بين المفهوم الاستعاري لـ "التعفن" (التحلل أو التدهور) والدماغ ليعبر عن التدهور العقلي، وفي تتبع لمصطلحات مشابهة فقد أطلق أواخر القرن الـ 20 لانتقاد التلفزيون لقب "صندوق الأغبياء"، إذ يعتمد على التلقي ويمكن أن يقلل من التفكير النقدي أو المشاركة الفكرية، كما اشتهر هذا اللقب في المنتديات الإلكترونية والثقافة الشعبية لوصف تأثير الأنشطة غير منتجة من الناحية الفكرية.

ويستخدم مصطلح "تعفن الدماغ" بصورة أكبر اليوم في الميمز memes والنقاشات اليومية لوصف الشعور بالإرهاق العقلي أو عدم الإنتاجية الناتج من قضاء وقت طويل على منصات مثل "تيك توك" أو "يوتيوب" أو مشاهدة الـ "ريلز" على المنصات كافة.

اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دراسات مقلقة

وقد رُبط الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي بانخفاض فترات الانتباه، إذ أظهرت دراسة تحت عنوان Impact of Social Media on Attention Span and Cognitive Engagement في Journal of Behavioral Addictions عام 2021 أن التعرض المستمر للمحتوى القصير قد يضعف التركيز طويل المدى والتفكير العميق، وأظهرت دراسة نشرت في مجلة Nature Communications عام 2019 بعنوان "الوسائط الرقمية وأنظمة مكافأة الدماغ"، أن أنظمة المكافأة في الدماغ يجري تنشيطها بصورة مفرطة بواسطة الوسائط الرقمية، مما قد يعيد تشكيل المسارات العصبية ويؤثر في عمليات اتخاذ القرار، كما أن السلوكيات الخاملة المرتبطة بالجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات تؤدي إلى تقليل توليد الخلايا العصبية الجديدة في الحصين، وهو جزء من الدماغ مهم للذاكرة والتعلم، بحسب مقالة "السلوك المستقر والتكوين العصبي" المنشورة عام 2017 في جريدة Frontiers in Human Neuroscience .

ويؤدي استهلاك المحتوى المتكرر منخفض الجهد إلى إعاقة التفكير الإبداعي وحل المشكلات، وقد أبرزت دراسة نشرت في موقع The Journal of.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 7 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة DW العربية منذ 3 ساعات
بي بي سي عربي منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ ساعة
قناة العربية منذ 12 ساعة