يشكّل مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد خطوة نوعية تهدف إلى معالجة العديد من القضايا الاجتماعية التى تؤرق المواطنين، من خلال وضع إطار قانونى أكثر عدالة وتنظيمًا لحل النزاعات الأسرية.
ويعالج القانون مشكلات مزمنة مثل قضايا الطلاق والنفقة والحضانة، مقدمًا آليات واضحة وسريعة لتنفيذ الأحكام، مع سعيه لتعزيز استقرار الأسرة، وحماية حقوق جميع الأطراف، بما فى ذلك المرأة والطفل.
وكشف المستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية عن أن اللجنة أنهت إعداد القانون بالفعل، وتنتظر عرضه للحوار المجتمعى، مشيرًا إلى أن مسودة المشروع لا تزال موجودة فى وزارة العدل.
وأضاف أن المشروع يهدف إلى توحيد وتبسيط التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين كافة، ويتضمن أكثر من ٢٥٥ مادة تغطى جوانب متعددة من الحياة الأسرية، بما فى ذلك ولاية النفس، وولاية المال، والإجراءات المتعلقة بالأحوال الشخصية.
«الدستور» تواصلت مع عدد من أعضاء مجلس النواب، والمتضررين من القانون الحالى، لمعرفة آرائهم حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، فى إطار الحوار المجتمعى المنتظر بشأنه.
محامية: يجب تخفيض سن الحضانة وتحديد آليات إسقاطها عن الأم
رأت المحامية آية صيام، المتخصصة فى مسائل الأحوال الشخصية، أن المقترح المقدم من وزارة العدل لن يساعد فى حل إشكاليات القانون الحالى، كما سيواجه مشكلات متعددة أثناء التطبيق.
وقالت: «بموجب القانون الحالى، الأب تُرفع عليه ٢٢ دعوى قضائية فى أمور مختلفة، ولا يوجد فى يده سوى رفع دعوى رؤية حتى يرى أطفاله، وللأسف لا يوجد إسقاط حضانة بحكم نهائى عن الأم أو الجدة للأم، بل يسقطها بحد أقصى ٣ سنوات، ورغم ذلك لم يتم تنفيذ أى أحكام صدرت بإسقاط الحضانة، وعليه فلا بد أن يتضمن المشروع الجديد آليات واضحة وعادلة لإسقاط الحضانة، حتى يلتزم الطرف الحاضن بحقوق غير الحاضن».
وطالبت بضرورة تخفيض سن الحضانة لتصبح ٧ سنوات للولد و٩ سنوات للبنت، دون تخيير، وهو ما كان معمولًا به قبل القانون الحالى، وذلك حرصًا على إشراك جميع الأطراف فى تنشئة الطفل، وعدم معاملة الأب المطلق على أن دوره فقط هو فى الإنفاق دون قوامة ووصاية ورعاية لأطفاله.
وفيما يخص ترتيب الحضانة، قالت آية صيام: «المقترح الحالى يضع الأب فى المرتبة الثانية مباشرة بعد الأم، لكن هذا الأمر سوف يكون على الورق فقط دون تطبيق حقيقى، خاصة مع عدم وجود آلية تنفيذية لإسقاط الحضانة عن الأم فى حال عدم زواجها، وفى حال الزواج فسوف تكون أمام الأب عقبات قانونية كثيرة فى إثبات الزواج، وصولًا للحصول على حكم نهائى».
وأضافت: «الآباء غير الحاضنين كانوا يعانون أشد المعاناة من عدم تنفيذ الرؤية فى القانون الحالى، ما يؤكد ضرورة تنظيم الاستزارة بشكل حاسم ومنطقى، دون أى مجال للتهرب، مع زيادة المدة المحددة حتى تكون كافية لمصلحة الطفل فى الاختلاط بالطرف غير الحاضن». واستطردت: «يجرى الحديث عن أن مدة الاستزارة فى الشهر ستكون حوالى ١٠ ساعات، وفى السنة حوالى ١٥ يومًا، وهو ما يعنى أن المدرس قادر على أن يجلس مع الطالب أكثر من قدرة والده ذاته».
وأشارت إلى أن نقل الوصاية على المال للأم، حال وفاة الأب، سوف يواجه أزمات تطبيقية كثيرة، خاصة مع طبيعة المجتمع، كما أنه يأتى مخالفًا للمذاهب الأربعة من ناحية الشرع، لافتة إلى أنه من غير الواضح، وفق المقترح، طبيعة التعامل حال زواج الأم بعد وفاة والد الأطفال.
الأب يرعى طفله حال سقوط حضانة الأم لأى سبب
قالت النائبة نشوى الديب، عضو مجلس النواب، مقدمة أحد مشروعات القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية، إن هناك توافقًا كبيرًا بين ملامح مشروعها والقانون الذى أعلن عنه رئيس لجنة إعداد مشروع القانون التابعة لوزارة العدل، فى كثير من المواد الجدالية التى تشكل صميمه، مشيرة إلى أن ترتيب الحضانة لتصبح للأب بعد الأم مباشرة يعكس الحرص على تحقيق التوازن بين حقوق كل من الأمهات والآباء، خاصة أن الأب له الأحقية الأولى لرعاية صغيره، وهو الأولى بحنانه وتربيته.
وبينت أنه بعد سقوط حضانة الأم لأى سبب كان، فالأب هو المسئول الثانى والأقرب لرعاية طفله، مشيرة إلى أن انتقال الحضانة لأم الأم فى المرتبة الثانية كالموجود فى القانون الحالى يمثل ظلمًا شديدًا للأب، لأن له الحق فى طفله أكثر من جدته، فضلًا عن أنه إذا تم النظر إلى مصلحة الطفل فمن المؤكد أن الأب سيكون الأفضل والأصلح.
ولفتت إلى أن تعديل بنود الوصاية بعد وفاة الأب لتصبح للأم بدلًا من الجد، يمثل انتصارًا كبيرًا للمرأة، متابعة: «البقاء على النص الحالى يمثل ظلمًا كبيرًا للمرأة واستهانة بحقوقها وقدرتها على حماية ورعاية طفلها، فالجد لا يدرك أبعاد الرعاية والمسئولية الملقاة على عاتق الأم، ومن ثم يصبح المسئول عن الأطفال دون أى إدراك بأبعاد هذه الرعاية ويتم سلب حق الأم فى إدارة شئون أطفالها».
وأكملت: «تعديل المادة لتصبح الوصاية للأم يأتى فى إطار تمكين المرأة والاعتراف بدورها الكبير ومعرفتها الجيدة باحتياجات أبنائها ومتطلباتهم ولا يحق لأى أحد بدلًا منها القيام بها أيًا كانت صلة القرابة».
وأشارت إلى أن مشروع القانون الذى تعده الحكومة الآن فى مجمله يحمل انتصارًا كبيرًا لكلا الطرفين، سواء الأب أو الأم، ويحقق المصلحة الفضلى للطفل، وهذا الأمر يمثل الغاية الأساسية من تعديل التشريع الحالى الذى يحمل ظلمًا كبيرًا وأسهم فى تهديد الاستقرار المجتمعى وتشريد كثير من الأطفال نتيجة عجزه عن إنصاف سواء الأب أو الأم.
«رؤية تحقق الإشباع» لغير الحاضنين
أكد إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصرى الديمقراطى»، أن مشروع قانون الأحوال الشخصية، رغم ما يحمله من ملامح وبنود تحقق التوازن، يعد خضوعه لجلسات حوار مجتمعى موسعة أمرًا ضروريًا لضمان تفعيل مواده عند التطبيق ويكون قابلًا للتطبيق الفعلى على أرض الواقع.
ولفت إلى أن هناك العديد من المراحل المبدئية التى يجب النظر إليها قبل الشروع فى مناقشة المواد الجدالية بمشروع القانون، أهمها بحث أسباب الانفصال بين الأزواج وبناءً عليها يتم وضع حلول تتماشى مع غالبية المشكلات التى تؤدى إلى الطلاق، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الإجراءات الواجب اتباعها للتأكد من أن الزوج والزوجة مؤهلان للزواج وأن زواجهما لن ينتج عنه طلاق ولو بنسبة مؤمنة.
وقال إن هناك كثيرًا من الآليات التى يجب النظر إليها فى المشروع الجديد، أهمها الرؤية وأماكنها وجاهزية هذه الأماكن لاستقبال الأطفال من غير الحاضنين لهم، تمكنهم من تحقيق الإشباع من أطفالهم وسؤالهم عن أحوالهم وأوضاعهم ومعيشتهم، كما تشبع الطفل أيضًا من حنان والده أو غير الحاضن له. ولفت إلى أن ترتيب الحضانة أمر يحتاج لكثير من الدراسة والبحث ليكون إقرار الترتيب صحيحًا ويحقق إفادة ومنفعة عند التطبيق الفعلى.
منظمة حقوقية:نرفض «ترتيب الحضانة» وإقرار «الاستزارة»
أكدت جمعية «نهوض وتنمية المرأة» تلقيها آلاف الاستغاثات من الأمهات الحاضنات المصريات وأطفالهن، فى أعقاب ما نشر مؤخرًا عن المستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، والانتهاء من صياغة جميع مواد القانون الجديد، والذى يأتى فى ٣ أقسام، هى: الولاية على النفس والولاية على المال والإجراءات المنظمة للمسائل الشخصية.
وأشارت إلى أن بعض بنود القانون المقترح يسهم فى حل النزاعات الأسرية ومعالجة العديد من المشكلات التى كانت عالقة لسنوات، ولكن هناك بعضًا من البنود التى نرفضها تمامًا، لأن بها ظلمًا واضحًا للمرأة المصرية وطفلها.
وذكرت الجمعية: «القانون الحالى للأحوال الشخصية تمت مراجعته أكثر من مرة، وتم عرضه على الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية عدة مرات، وقام بتشكيل لجنة فقهية لدراسة جميع مواد القانون بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، تحت رئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وكانت القرارات النهائية نابعة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور المصرية