النص الكامل للخطاب السامي لجلالةُ السُّلطان المعظم بمناسبة تولّيه مقاليد الحكم

تفضّل حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ فألقى خطابًا ساميًا بمناسبة الـ/11/ من يناير يوم تولّي جلالتِه مقاليد الحكم في البلاد فيما يأتي نصُّه:

بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيْمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصّلاةُ والسّلامُ على أشـرفِ الخلـقِ أجمعـين سيّدِنـا محمّـدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين

أيها المـواطنون الأعزّاء،،

السّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

إنّه لمن دواعي سُرورِنا أن نحتفلَ معكم في هذا اليومِ من أيامِ عُمانَ المجيدة بالعديدِ من الإنجازاتِ التي تحقّقت في بلادِنا العزيزة خلالَ الأعـوامِ الخمســةِ المــاضية مــن عُمــرِ نهضتِنا المتجدّدة بفضلِ اللهِ تعالى وبجهودِكـــم جـمـيـعًـا.

لقد منَّ اللهُ تعالى على هذا البلدِ الطيّبِ ولهُ عزَّ وجلَّ الحمدُ والشُّكر- بنِعَم لا تُعدُّ ولا تُحصـى وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم ، صدق الله العظيم، وإنَّ مِن شُكْرِ النِّعَمْ الحفاظَ عليها وصونَها ومن أعظمِ هـذه النِّعــم الأمنُ والأمان فـلا يستقيمُ لأمّـةٍ دونَهُما أمرٌ ولا يَصِـحُّ لدولــةٍ دونَهُـــما اسـتقرارٌ وازدهارٌ.

ولقد أثبتَ أبناءُ هذا الوطنِ العزيــزِ عبرَ العصورِ أنهم صفٌّ واحدٌ كالبنيانِ المرصوص يَسيرونَ على بصيرةٍ مصدرُها العقيدةُ السّمحةُ، نابذينَ كلَّ تعصّبٍ رافضينَ كلَّ استقطابٍ يُجزِّئُ الأمّةَ ويَفُتُّ في عَضُدِها مَتمسّكينَ بكلِّ ما يجمعُهُم على الحقِّ مُبادرينَ للخيرِ وثَّـابِـينَ لبناءِ وطنِهم وأمَّتِهم.

أبناء عُمان الأوفياء

لقد حافظتْ بلادُنَا العزيزةُ على كَيْنُونَتِها كدولةٍ مستقلةٍ ذاتَ سِيادةٍ عبرَ العصور وقد تعاقبتْ عليها أنماطُ حُكمٍ عديدةٍ أدَّى كلٌّ منها دورَهُ الحضاريّ وأمانتَــهُ التاريخيّةَ وإننا نستذكرُ في هذا اليومِ الأغرِّ قادةَ عُمانَ الأفذاذِ على مرِّ التاريخِ قادةً حملوا رايةَ هذا الوطنِ ووحَّدوا أُمَّتَه وصانُوا أرضَه الطاهرةَ ودافعوا عن سيادتِه، ونحمِلُها من بعدهِم على الطريقِ ذاتِـه، معاهدينَ الله عزّ وجــل ألا يُـثـنـيـنــــا عــن عزمِنــــا عــــزمٌ ولا تُشغِلُنا عن مصلحةِ وطنِنا مصلحةٌ تعضُدُنا في ذلك أمّةٌ مباركةٌ بفضلِ اللهِ مشرَّفَةٌ بدعاءِ نـبـيِّهِ الـكـريـم.

إنّهُ لمن دواعي سُرورِنا وتكريمًا لأسلافِنا من السلاطين واستحضارًا ليومٍ مجيدٍ من تاريخِ عمانَ الحافلِ بالأيامِ المشرقةِ أن نُعْلِنَ في هذا المقام بأن يكونَ يومُ العشرينَ من نوفمبر من كلِّ عامٍ يومًا وطنيًّا لسلطنةِ عُمان وهو اليومُ الذي تشرَّفتْ فيه الأسرةُ البوسعيديّة بخدمةِ هذا الوطنِ العزيز منذُ العامِ (1744) ألفٍ وسبعمائةٍ وأربعةٍ وأربعينَ للميلاد على يدِ الإمامِ المؤسّسِ السّيِّد أحمدَ بنِ سعيدٍ البوسعيدي الذي وحَّدَ رايةَ الأمَّــةِ العُمانيــةِ وقـادَ نضالَهـا وتضحياتِهـا الجليلةِ في سبيلِ السّيادةِ الكاملةِ على أرضِ عُمان والحريّةِ والكرامةِ لأبنائِها الكرام وجاءَ من بعدِهِ سلاطينٌ عِظام حملوا رايَتَها بكلِ شجاعةٍ واِقتدار وأكملُوا مسيرَتَها الظافرة بكلِ عزمٍ وإصرار.

وإن احتفاءَنا بهذا اليومِ إنما هو تخليدٌ لسِيَرِهم النبيلة ومآثرِهم الجليلة والتزامٌ أكيدٌ منّا بالمبادئ والقِيَمِ التي شَكَّلتْ نسيجَ أُمَّتِنا العُمانية نصونُ وحدَتَها وتماسكَها ونسهرُ على رعايةِ مصالحِ أبنائِها رافضينَ أيَّ مساسٍ بثوابتِها ومقدَّساتِها.

المواطنون الكرام

شهدت الأعـوامُ المـاضيةُ انطلاقةَ رؤيةِ عُمان 2040 رؤيةِ العُمانيين جميعًا وطريقِهم الواضحِ نحو المستقبل ولقد حققنا بحمدِ الله وتوفيقه أهدافَ هذه المرحلةِ من عُمرِ النهضةِ المتجدِّدة حيث شهدنا ـ بفضله تعالى التحسُّنَ المستمرَّ في العديدِ من المـؤشّراتِ الوطنيةِ والدولية والتي ما كانت لتتحقّقَ لولا تكاتُفُ الجميعِ ومساندةُ أبناءِ هذا الوطنِ جميعًا لجهودِ الحكومةِ ومساعيها.

وسنعمل على مواصلةِ هذا التقدمِ في الأعوامِ القادمةِ بإذن الله تعالى بما يُحسِّنُ الخدماتِ المقدّمةِ للمواطنين لتصبحَ في مستوى الجودةِ والكفاءةِ التي يتطلّعون إليها وبما يتيحُ لهم المجال للإسهامِ في تطويرِ منظومةِ الخدماتِ العامة التي نريدُ لها أن تكونَ مجالًا حيويًّا للتميُّزِ الحكومي وركيزةً من ركائزِ التنافسيةِ، وقـد حَرصْنَــا على أنْ يترافقَ هذا التحسّنُ مع التوسّعِ في خدمات البنيةِ الأساسيةِ والمرافقِ الصحيةِ والتعليميةِ وتطويرِ المدنِ المتكاملةِ والمشاريـعِ الاستثماريـةِ الكبرى كلما أتاحتْ لنا الإمكانياتُ الماليةُ ذلك كما وضعنا الأسسَ لنظامِ إدارةٍ محليّة يُسهِمُ في تسريعِ تنميةِ المحافظات وبناءِ قاعدةٍ اقتصاديّةٍ واعدةٍ فيها وتطويرِ شراكةٍ شـاملةٍ مع الـمجتمع.

وإننا إذ نُشيدُ بما تحقّقَ في هذه المحافظاتِ من مشاريعَ تنمويّة وحَراكٍ اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ لنؤكّدُ عَزْمَنا على مواصلةِ منحِ المحافظاتِ المزيدَ من الصلاحيّاتِ والدّعمِ في مختلفِ القطاعاتِ لتصبحَ مراكزَ اقتصاديّةً تقُودُ النموَّ الاقتصاديّ بالبلادِ كما أرسينا منظومةً شاملةً للحمايةِ الاجتماعيةِ والتي باشرتْ حكومتُنا العملَ بها ووجّهنا بأن تَتِمَّ مراجعةُ آلياتِها وبرامجِها بين فترةٍ وأخرى لينعمَ الجميعُ بالعيشِ الكريمِ ولتحقيقِ العدالةِ المنشودةِ منها.

كما تابعْنا خلالَ الفترةِ المـاضيـة جهودَ الحكومةِ الراميةِ لاستيعابِ طاقاتِ أبنائِنا الشبابِ وفتحِ آفاقِ العملِ والإبداعِ أمامهم ووجّهْنا مؤسساتِ الدولةِ المعنيةِ بمراجعةِ منظومةِ التشغيلِ وربطِها بالقطاعاتِ الاقـتصــاديةِ والاجتماعيةِ كما أكّدنا على الحكومةِ بالعملِ الحثيثِ على مواءمةِ مسارِ التنميةِ الاقتصادية في البلادِ وأنظمةِ التعليمِ والتدريبِ مع متطلّباتِ الشّبابِ وتهيئَتِهِم لفرصِ العملِ المناسبةِ لهم بما يخدمُ حاضرَهُم ومستقبلَهُم.

إِنّ تطويرَ البيئةِ الاستثماريةِ والتجاريةِ تُعدُّ ضرورةً أساسيّةً لدفعِ عجلةِ التنميةِ بالبلاد ولذلك فقد وجّهنا الحكومةَ بتقديمِ المزيدِ من التسهيلاتِ اللازمة والحوافزِ التنافسية والبيئةِ الداعمةِ للاستثمار بما يسهل ممارسةَ الأعمالِ التجاريةِ لضمانِ تنويعِ اقتصادِنا الوطنيِ وتحقيقِ نموٍّ مستدامٍ ولتوفيرِ المزيدِ من فرصِ العملِ في القطاعاتِ الاقتصاديّةِ والخدميّةِ المـختلفة وبما يجعلُ البلادَ وجهةً استثماريّةً جاذبةً وأكثرَ اندماجـًا في منظومةِ الاقتصادِ العالمي ولتحقيقِ هذا الاندماجِ فقد سعتْ حكومتُنا لبناءِ شبكةٍ واسعةٍ من المـوانئ والمناطقِ الحرّةِ والمناطقِ الاقتصاديةِ الخاصةِ والمناطقِ الصناعيةِ المتكاملةِ وتقديمِ الدّعمِ لبرامجِ الابتكارِ وريادةِ الأعمال وصناديقِ الاستثمار الوطنيةِ منها والمشتركة مـع الدولِ الشّقيقةِ والصّديقـة.

أيها المواطنون الأعزّاء

إن إدراكَنا لحجمِ التحدّياتِ المحليَّةِ والعالميّة ومعرفتَنا بخارطةِ الصراعاتِ والمصالحِ في العالم وفهمِ طبيعتِها وحدودِ تأثيرِها يُعزِّزُ قدرتَنـا على التّعاملِ معها كفرصٍ مواتيةٍ لتبنِّي سياساتٍ فاعلةٍ لإرساءِ السّلامِ وتنميةِ الاقتصادِ وتعميقِ الشراكاتِ الاستراتيجيةِ القائمةِ على التعاونِ والتكاملِ الاقتصاديِ انطلاقًا من ثوابتِنا ومصالِحنا الـوطنية العُليا.

ومِنْ هذا المنطلقِ فإننا ندعو كافةَ دولِ العالم للتضافرِ من أجلِ بناءِ عَالَمٍ تسودُهُ قيمُ الإنسانيةِ والعدالةِ، تُحترَمُ فيهِ مُقدَّساتُ كـلِّ أمَّةٍ وهُويَّتُها ودينُها ومعتقداتُها وأخلاقُها، وكرامةُ الإنسانِ فيه مُصانةٌ وحقوقُهُ مكفولةٌ في عالَمٍ ينشأُ شبابُه في توازنٍ وانسجامٍ بين أساسهِ الروحيِ ومتطلّباتِهِ المـاديـّةِ، وفي هذا الجانبِ فإنّنا نولي أبنـاءَنا مــن الأطفالِ والناشئةِ والشبابِ العنايةَ الكاملةَ والاهـتمامَ المـتـواصلَ.

ونسعى دائمًا لتعزيزِ الجهودِ والبرامجِ الحكومية للحفاظِ على إرثِنا الأخلاقيِّ والقيميِّ والسُلوكيِّ وعلى تبنّي مبادراتٍ حكوميّةٍ ومجتمعيّةٍ واسعة تُمكِّنُ هذه الأجيالَ من استلهامِ موروثِنا الوطنيِّ والتسلُّحِ بمبادئِهِ الصافيةِ والاحتكامِ لمنظومتِنا الأخلاقيّةِ السّاميةِ، كما ندعو أبناءَنا الأعزّاء إلى التّعـاونِ والتكّاتفِ فيما بينهم فإنـهُما أساسٌ راسخٌ للنجاح والتقدم والرّيادة وأن يستفيدوا من التقنيات الحديثة في بناءِ قدراتِهم وتوظيفِ مهاراتهمِ في نقلِ وتبادلِ المعرفةِ.

أبناء عُمان الأوفياء

لم تكن التحدّياتُ يومًا عائقًا في طريقِ أسلافِنـا لتأسيسِ دولةٍ شهِدَ لها العالمُ بالسّيادةِ والرّيادة، ولن تكــونَ لنــا إلا دافعــًا للبناءِ على ما أسّسوا سائرينَ على هَدْيٍ من ثوابتِنا الحضاريةِ الراسخة، نتقدمُ بثقةٍ في سبيلِ الوصولِ بهذا البلدِ العظيمِ إلى مكانتِه الأسمى التي يستحق.

وفي ختامِ حديثِنا إليكم، نوجّهُ كلمةَ شكرٍ وتقديرٍ لكل يدٍ تسهمُ في بناءِ هذا الوطنِ العظيم من كافةِ القطاعات وفي كلِّ الميادين والمجالات كما نوجّهُ كلمةَ شكرٍ واعتزاز لأبنائِنا المـخلصينَ الأوفياء في ميادينِ العزِّ والشّرفِ من القطاعاتِ العسكريّةِ والأمنيّةِ بكافةِ وحداتِها وتشكيلاتِها. حفظَ اللهُ عُمان آمنةً مطمئنّةً وحفظ شعبَها الوفيَّ في رخاءٍ وازدهارٍ وأمدَّنا بالتوفيقِ والسداد.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هذا المحتوى مقدم من شؤون عُمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من شؤون عُمانية

منذ ساعة
منذ 5 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
صحيفة الشبيبة منذ 9 ساعات
موقع بوابة الأخبار منذ 11 ساعة
موقع بوابة الأخبار منذ 7 ساعات
إذاعة الوصال منذ ساعتين
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 4 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 3 ساعات
إذاعة الوصال منذ 9 ساعات
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 9 ساعات